يقام حاليا بالرباط معرض مشترك للفنانين التشكيليين (المكي بالامينو) و(أمينة الحراق) بعنوان (المدن العتيقة). ويرسم بالامينو الأحياء العتيقة بالرباط فيما تفعل أمينة الحراق الشيء ذاته بالنسبة لمسقط رأسها تطوان (وكذا للعرائش). يرسمان الدروب والأزقة والمساجد والشخوص التقليدية كما اختزنتها ذاكرتاهما. و جاءت لوحات بالامينو في هذا المعرض بدون عناوين، فيما تحمل لوحات الحراق عناوين ذات دلالة من قبيل «نافورة سلم» و»الطرافين» و»سيدي علي بن ريسول» و»درب أفيلال» و»سطح» و»بائعة البيض « و»أبواب زرقاء» و»حميمية نسائية» و»نافورة دراجة «. ثمة في لوحات الحراق ، دكاكين وصوامع وطرق ومزارات وآفاق ناصعة بخضرة رائقة وجبال محدبة وديعة يعكس أديمها زرقة المدى الذي ينساب إلى ما لا نهاية؛ كما يقول الأديب إبراهيم الخطيب. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يقول المكي بالامينو إن أسلوب الفنان يتحول أحيانا إلى مدرسة يعرف بها كما يعرف شعر نزار قباني مثلا دون ذكر إسمه لأن القصيدة كتبت بأسلوبه. «فحب نزار للمرأة هو حبي للمدينة العتيقة « وأوضح بالامينو،الحائز على عدد من الجوائز وطنيا وعربيا، أنه يتعمد أن يرسم دون السقوط في ما يشبه البطاقة البريدية، معتمدا زاوية نظر خاصة به ومحاولا تكسير الإطار التقليدي، المستطيل أو المربع، للوحة. وأشار إلى أن الكثير من الأشخاص يعيبون على التشخيص كونه يشبه البطاقة البريدية معتبرا أن الفنان يبدأ في العشر سنوات الأولى من حياته الفنية في البحث عن الذات، لكنه ينتقل في العشر سنوات الثانية إلى محاولة إثبات هذه الذات، وعليه أن يعتمد أسلوبه الخاص . وعوض أن يبحث الفنان في الموضوع، أكد بلامينو أن عليه أن يبحث في المادة وفي الحامل، مشيرا إلى أن الموضوع الذي يشتغل عليه حاليا يحمل عنوان «خلق الزمن» يتحدث فيه عن خلق الكون في سبعة أيام وتلوينه. وفي تصريح مماثل للوكالة، تقول أمينة الحراق إن المعرض دعوة لإنقاذ المدن العتيقة من الانهيار والتلاشي والموت المحقق (على غرار المدينة الأندلسية بفاس) إذا لم تمتد لها أيدي الترميم والصيانة من المجتمع المدني والمنتخبين وغيرهم. وتضيف أنها ترسم الأحياء العتيقة ب»تطوان-الحضارة» كما تحلم بها وتريدها «نظيفة وهادئة وجميلة»، مشيرة إلى أن هذه الأحياء «ذاكرتنا المشتركة، وساكنتها آباؤنا وأجدادنا» وشكلت عشا احتضن الحركة الوطنية وسهل انطلاقها. وذكرت بأن أولى لوحاتها، خلال إقامتها بإسبانيا، كانت حول المغرب وقلاعه ومآذنه ومسيرته الخضراء قبل أن تنظم أول معرض لها به عام 1988 معتبرة أن «حبل الصرة لم ينقطع يوما مع بلدها ومدينتها «. يتواصل المعرض المشترك إلى غاية 3 فبراير المقبل ببهو المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط.