مناورة الجزائرالجديدة لنسف المسلسل الأممي و كبح دينامية الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء رفض المتحدث الرسمي باسم الأممالمتحدة الجمعة وصف طرح دي ميستورا خلال تقديمه لإحاطته السنوية أمام أعضاء مجلس الأمن الأربعاء الماضي لخيار تقسيم الصحراء بأنه مقترح , موضحا أن المبعوث الشخصي كان يطلع مجلس الأمن على عمله بشأن ملف النزاع ، وهو يتطلع إلى التواصل مع جميع الأطراف المعنية بشأن دفع العملية بشكل بناء في الفترة التي تسبق المشاورات المغلقة المقبلة لمجلس الأمن المتوقعة شهر أبريل من السنة المقبلة والإبلاغ عن أي تقدم .
و كانت وكالة رويترز للأنباء قد كشفت الجمعة الماضي أنه وفقا لتصريحات اطلعت عليها الوكالة فقد طرح ستافان دي ميستورا الأربعاء الماضي على أعضاء مجلس الأمن فكرة تقسيم الإقليم بين المغرب وجبهة البوليساريو كحل للنزاع المستمر منذ ما يقرب من خمسة عقود.
محضر الجلسة المغلقة لمجلس الأمن نص على أن الوسيط الأممي صرح بأنه أبلغ بسرية تامة، باستئناف وإعادة إحياء مفهوم تقسيم الإقليم مع جميع الأطراف المعنية, مضيفا بأنه لا الرباط ولا جبهة البوليساريو" أبدتا أدنى "مؤشر على استعداد" أي منهما للمضي قدما في التباحث بشأن هذا المقترح، و تأسف لذلك .
على أن الملاحظ في توقيت التسريب المدروس بعناية فائقة لمداولات مجلس الأمن المغلقة نظريا أن الجهة او الطرف الذي سرب "مقترح التقسيم" الوارد في إحاطة دي ميستورا , تعمد تجزيء إحاطة الوسيط الأممي و إختصارها في نقطة التقسيم , متجاوزا العديد من النقاط التي تم تداولها والواردة في محضر الجلسة المغلقة .
و إذا كان المتحدث الرسمي فرحان حق قد رفض التعليق أو التلميح الى الجهة أو الطرف الذي سرب المعلومة الملغمة و المبتورة الى الصحافة , فإن كافة القرائن تؤكد أن ممثل الجزائر بمجلس الأمن الدولي هو الذي خرق سرية مداولات جلسة مجلس الأمن و سرب جزءا فقط من إحاطة دي ميستورا يخدم أجندة بلاده الانفصالية و يمكنها من خيط و لو واهي لمواجهة زخم مسلسل الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء و كبح دينامية الإشادة المسترسلة بمبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي للخلاف الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية .
و ما يؤكد فرضية المناورة الجزائرية المسمومة و التي قد تتقاطع مع ترتيبات قبلية تورط فيها الوسيط الأممي , أن الأخير سجل أيضا في احاطته أهمية مقترح الحكم الذاتي المقدم من جانب المغرب و حث على استكشاف جوهرها و حث الرباط على بدل المزيد من الجهود لتسويق المخطط و تعميمه .
فمن له من غير الجزائر المصلحة في بعث خيار التقسيم من الرماد ثلاثة عشرين سنة بعد طرحه من طرف المبعوث الأممي السابق جيمس بيكر سنة 2001 بشعار " الحل الثالث " حيث تحمست له الجزائر و صنيعتها البوليساريو، كما هو موثق في تقرير للأمين العام السابق كوفي عنان بينما رفض المغرب في حينه حتى فرضية القبول بمناقشته .
طرح المبعوث الشخصي لخيار التقسيم في هذا التوقيت المتزامن مع زخم المكاسب الدبلوماسية في ملف الوحدة الترابية للمملكة التي نجحت الرباط في ترصيدها خلال السنوات الأخيرة , لا يخدم الا مصالح و أجندات الجزائر التي كثفت تحركاتها و اتصالاتها في الأشهر الأخيرة لاقناع أعضاء بمجلس الأمن بتبني مواقف " متزنة " , و ضاعفت مؤامراتها و مناوراتها لكسب مزيد من الوقت عبر نسف مسلسل المفاوضات أو على الأقل تجميد المسار السياسي الأممي و القناعة الدولية المتنامية التي تساند الحق المغربي المشروع .
و في جميع الأحوال و كيفما كانت حمولة و جوهر القرار الأممي المرتقب بعد أسبوع حول ملف النزاع , فالجزائر لن تقبل بالمشاركة مجددا في مسلسل الموائد المستديرة المجمدة منذ خمس سنوات و هذا ما يعني بأنها واعية و مدركة أن مناوراتها المفضوحة ستؤدي حتما الى نهاية محتومة لوساطة دي ميستورا الذي يبدو أنه تناغم و تجاوب مع خطة خلط الأوراق و الخيوط الجزائرية و استساغها من منطلق أنها توفر له ظروف مغادرة مريحة و مربحة لمهمته الأممية شبيهة بسيناريو تجربته الأممية الفاشلة مع ملف الأزمة السورية و الذي أفضى به الى الاستقالة من منصبه قبل انقضاء أربع سنوات على تقلده إياه جارا ورائه حصيلة فارغة لم تسعف حتى في إحياء مسار المفاوضات بين الأطراف الذي توفق سلفه كوهلر على الأقل في تنظيم مائدتين مستديرتين بمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا و البوليساريو , بينما استنزف الدبلوماسي السويدي 3 سنوات كاملة من عمر مأموريته و هو يؤسس لما يصفها بالمشاورات الجادة مع عجز بين في التماهي مع متطلبات مهمته المؤطرة بقرارات و توصيات واضحة لمجلس الأمن و فشله البائن في صياغة نهج قادر على الدفع بالعملية السياسية نحو الأمام وإطلاق مسار جديد وفقاً لمُخرجات مشاورات محطتي جنيف الأولى والثانية