ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس مجلسًا وزاريا، مساء السبت الماضي بالقصر الملكي بالدار البيضاء، تم خلاله المصادقة على مشروع مرسوم بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، يروم توفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة. وأكد محللون وخبراء مغاربة، أن هذه الخطوة جزء من استراتيجية المغرب لتعزيز قدراته الدفاعية وتقليل الاعتماد على الواردات العسكرية، حيث ستلعب المنصات الصناعية دورا محوريا في تحقيق هذه الأهداف.
وفي هذا السياق، قال موسى المالكي، الخبير والباحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الجيواستراتيجية والعسكرية، إن التصنيع العسكري في المغرب يشهد تطورات متسارعة منذ إعلان صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن مجموعة من المفاهيم الاستراتيجية الكبرى المتعلقة بالسيادة الصحية، الطاقية، الصناعية، وأيضًا الدفاعية.
وأكد المالكي في تصريح حصري لموقع "العلم" أن التصنيع الدفاعي وجد أرضية خصبة في المغرب منذ سنة 2000، خاصة مع تأسيس ميناء طنجة في 2004 والمنصات الصناعية المرتبطة به أو بمناطق صناعية أخرى في المغرب. هذه البنية التحتية ساعدت في تطوير صناعات متعددة، بما في ذلك صناعة أجزاء من السيارات والطائرات وبعض المكونات الإلكترونية وهياكل الطائرات المدنية، مما أعطى المغرب قاعدة مشجعة لاستقبال الصناعات الدفاعية.
وأوضح الباحث والخبير، أن المغرب شهد خطوة مهمة من الناحية القانونية بإصدار قانون التصنيع العسكري في 2020، والذي وضع إطارا قانونيا لتشجيع وتحفيز هذا النوع من الصناعات. وقد انفتحت الأبواب أمام الشركات العالمية للدخول إلى السوق المغربي بشراكات مهمة، مما يعزز من القدرات التصنيعية والدفاعية للمملكة.
وتحدث المالكي عن التطورات الملحوظة في صناعة الطائرات بدون طيار في المغرب، حيث ظهرت أولى النماذج المصنعة محليا، مشيرا إلى أن للمغرب تجربة واسعة في صيانة الطائرات العسكرية والمكونات الإلكترونية، مما يعزز من قدراته في هذا المجال.
ويرى موسى المالكي، أن هذه التطورات ليست فقط خطوة نحو تقليل فاتورة استيراد الأسلحة من الخارج، بل ستساطهم أيضا في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاقتصاد الوطني من خلال تأسيس مقاولات محلية رائدة في هذه الصناعات وجلب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الشركات العالمية للاستثمار في هذا المجال بالمغرب.
وأضاف، أن حرص الملك محمد السادس على متابعة وتحفيز تطوير الصناعات الدفاعية يرمي إلى تحويل المغرب إلى قوة إقليمية في شمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. هذا الاهتمام لا يقتصر على تعزيز القدرات الدفاعية فحسب، بل يسعى أيضًا إلى تعزيز السيادة الوطنية وتقوية الاقتصاد من خلال الصناعات الدفاعية المحلية، مما يساعد في الدفاع عن المصالح العليا للمغرب في ظل التهديدات والمخاطر الإقليمية والعالمية، ويسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.