بدأ الاتحاد الأوروبي يبحث عن صيغ بديلة لتجديد الاتفاق مع المغرب حول الصيد البحري انسجاما مع الوضعية الحالية التي حكمت فيها المحكمة الأوروبية في شتنبر 2021 بإلغاء الاتفاق السابق انسياقا مع الطرح الانفصالي، وكذلك انسجاما مع الحكم الاستئنافي المنتظر في شتنبر من السنة الجارية، والذي من الممكن أن لا يكون في صالح الاتفاق. وذلك على الرغم من التفاؤل الذي أبدته بعض دول الاتحاد خاصة إسبانيا المستفيد الأكبر من اتفاق الصيد مع المغرب، حيث أن حصتها تصل إلى 92 مركبا للصيد من مجموع 128 مركب التي يسمح بها المغرب للصيد في مياهه مقابل 50 مليون يورو سنويا. ويرى ملاحظون أن هذا المبلغ هزيل مقارنة مع الكميات التي تجنيها الدول الأوروبية من الصيد، وأيضا العدد الكبير من فرص الشغل الذي توفره لمهني القطاع في إسبانيا، خاصة إقليمي الأندلس وغاليسيا، وكذا جزر الكناري، إلا أن هذا الاتفاق مهم سياسيا بالنسبة للمغرب في علاقاته مع الاتحاد، إذ أنه من الأوراق المهمة في مسألة الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وإذا كان المغرب في السنوات المنصرمة قد دبر هذا الملف بالكثير من الصبر مع الأوروبيين ومع جيرانه الإسبان الذين كانوا يريدون سمك المغرب، في الوقت الذي كانوا يحرضون ضده في الاتحاد الأوروبي، وهو التحريض الذي مازال يقوده اليسار الإسباني والأحزاب المحلية ذات التوجه الانفصالي في كل من إقليم الباسك وكاطالونيا، فإن المغرب وانطلاقا من خطاب جلالة الملك قد حسم الموضوع بتشديده على أن بلادنا لن توقع أي اتفاق مهما كان و مع أية جهة كانت، ما لم تدخل فيه الأقاليم الجنوبية كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني. وفي ظل هذه المعطيات المعقدة والتناقض بين رغبة دول الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على مصالحها مع المغرب باعتباره حليفا استراتيجيا، خاصة في مجالي مكافحة الهجرة والإرهاب، بدأت اللجنة القانونية للاتحاد الأوروبي في البحث عن صيغة جديدة مع المغرب بعد انتهاء سريان الاتفاق الحالي في 17 من شهر يوليوز المقبل. وكان وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني، لويس بلاناس، قد كشف أن تجديد الاتفاق ، قد يتأخر لبضعة أشهر، إلى حين صدور القرار النهائي من محكمة العدل الأوروبية بخصوص امتداد الاتفاقية إلى سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة، والذي من المنتظر أن يصدر شهر شتنبر المقبل، حيث سيكون المحدد النهائي لكيفية التعامل مع البروتوكول الجديد. وبدا بلاناس متفائلا ، إذ حسب تصريح نقلته وكالة الأنباء الإسبانية «أوروبا بريس»، أنه يتوقع أن يكون الحكم إيجابيا، لكنه رغم ذلك توقع أن يتوقف نشاط سفن الصيد البحري الأوروبية العاملة في السواحل المغربية إلى حين صدوره، مبرزا أن الجانب المغربي يريد أن يكون لديه «يقين» بخصوص مضمون الاتفاقية، وعلى هذا الأساس سيكون «من المعقد جدا إحراز تقدم في المفاوضات دون حل القضية، يقول الوزير الإسباني. وشدد بلاناس على أن بلاده هي المعنية بالدرجة الأولى بهذا الاتفاق، حيث تملك 92 سفينة من إجمال أسطول الاتحاد الأوروبي البالغ عدده 128، وأغلب تلك السفن قادمة من أقاليم الأندلس وغاليسيا وجزر الكناري التي تعتمد أساسا على الأسماك القادمة من المياه المغربية، ويُشكل فيها قطاع الصيد إحدى الركائز الاقتصادية الموفرة لفرص الشغل. لكن التوقف المؤقت سيكون مكلفا أيضا للاتحاد الأوروبي، فهو يعني دخول الصيادين في عطالة لمدة شهرين، مما فرض على مدريد دعوة بروكسيل إلى تحريك آليات دعم المهنيين على اعتبار أن الأمر يتعلق باتفاقية أوروبية، على أمل أن يكون الحكم النهائي لصالح الاتحاد الأوروبي الذي طعن في الحكم السابق . إلا أن الاتحاد الأوروبي لن يكون مطالبا بالتعامل مع إسبانيا فقط، فالدول التي دعت للاجتماع هي بولندا ولاتفيا وليتوانيا، والتي تعتبر نفسها متضررة من أي توقف لاتفاق الصيد البحري مع المغرب، كما أن سفنا تنتمي لدول أخرى ستكون على موعد مع العطالة، على غرار تلك القادمة من فرنسا وإيطاليا والبرتغال وألمانيا وهولندا وإيرلندا.