بعد مرور 13 سنة على إنشاء الغرفة الثانية لم تقو بعض الفرق البرلمانية؛وخاصة من المعارضة على تحمل مسئوليتها التمثيلية والنهوض بالعمل البرلماني إلى مستوى أفضل؛وإن الفرق التي ترأست هذه الغرفة فشلت بدورها في ترسيخ وجود هذه المؤسسة التشريعية في المشهد السياسي؛رغم تمتعها بالأغلبية المريحة؛مما يطرح معه التساؤل عن إمكانية قيام الرئاسة الحالية للغرفة بإقلاع مؤسسي في هذا الشأن؛نظرا لافتقادها للأغلبية العددية التي من شانها دعم إصلاحاتها التنظيمية والسياسية للمجلس. إن المغاربة يراهنون على أن تلعب الغرفة الثانية دورها الدستوري؛بشكل لا تكون فيه غرفة مستنسخة لمجلس النواب؛بل غرفة ثانية للبرلمان؛وذلك تجسيدا لما جاء في النطق الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الثامنة سنة 2007 ؛بالدعوة إلى ضرورة التنسيق والتعاون بين المجلسين البرلمانيين، في اتجاه عقلنة وترشيد عملهما باعتبارهما برلمانا واحدا، تتكامل فيه الأدوار، وليس برلمانين مختلفين؛بشكل تراعي فيه الغرفة الثانية هاجس الدفاع عن المصلحة العامة؛استجابة لمطالب مختلف الشرائح الاجتماعية والاقتصادية الممثلة بهذه الغرفة. وفي الوقت الذي يراهن فيه الجميع على النهوض بالدور الدستوري لمجلس المستشارين على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي والتواصل مع الرأي العام؛لا يزال بعض المراقبين يسجلون تراجع هذا الأداء البرلماني لدى بعض الفرق؛بشكل يوحي جهل مقتضيات القانون الداخلي؛حيث سجل الرأي العام مؤخرا انتهاك هذه المقتضيات أكثر من مرة من طرف بعض المستشارين؛سواء على مستوى جلستي الأسئلة الشفوية و مناقشة مشروع ميزانية بعض القطاعات الوزارية؛حيث تتبعنا مباشرة منذ أسبوعين أثناء تقديم الإحاطات كيف سمح للمستشارين بتقديم الإحاطات؛ولما طالب الوزير المكلف بالعلاقات بالبرلمان التدخل باسم الحكومة؛رفض رئيس الجلسة ذلك؛واندهش الرأي العام الوطني كيف تهجم بعض مستشاري فريق حزب الأصالة على الوزير لما التمس التدخل باسم الحكومة؛وهو ما أبان عن أن اضطراب الرئاسة بهذا الشأن وأبان عن عدم تمكنها التام من مقتضيات القانون الداخلي للمجلس. وتبتع الرأي العام أيضا في الجلسة الأسبوعية الأخيرة للأسئلة الشفوية كيف أن برلمانيا من فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يخرق القانون الداخلي وقرار مكتب مجلس المستشارين القاضي بوضع سؤالين آنيين مرة واحدة على الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان بشأن وكالة التنمية بالأقاليم الجنوبية؛حيث امتنع عن الاستجابة لذلك رغم مطالبة الرئيس الملحة له بوضع سؤاله الآني في إطار وحدة الموضوع زاعما انعدام الوحدة؛وهو ما انفضح بعد طرح سؤاله وتبين تشابهه مع نفس سؤال الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية؛علما أن نفس المستشار سبق أن طرح إحاطة في نفس الموضوع في الجلسة ما قبل الماضية بنوع من التهجم على الوزير الأول؛مما بدا أنه وهو يجدد طرح نفس الموضوع على شكل سؤال آني لم تكن غايته الحصول على جواب بقدر ما كانت الغاية منه تصفية حسابات ضيقة بالتهجم على الوزير الأول؛كما أنه انتقد غياب الوزير الأول عن البرلمان من أجل الإجابة؛وهي مزايدة مجانية؛لكونه يعلم أن بصفته اشتراكيا أن لم يسبق للأستاذ عبد الرحمن اليوسفي أن أجاب عن الأسئلة الشفوية وغيرها. إن ثمة أمثلة عديدة تم تسجيلها في بعض جلسات مناقشة ميزانية قطاعات وزارية تبرز بوضوح كيف يسمح بعض مستشاري المعارضة بالغرفة الثانية لأنفسهم بتجاوز القانون الداخلي؛بل إن مناقشة هذه الميزانية سمحت بالشرود للتهجم على كل الأحزاب الوطنية وخاصة التقليدية منها؛واعتبارها بمثابة ثكنة عسكرية؛تغيب فيها الديموقراطية؛مما يتساءل معه المرء كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم باستغلال هذه المناسبة الدستورية لهذا النوع من التهجم السياسوي؛مما نعده خرقا واضحا للقانون الداخلي للمجلس؛ونتساءل معه عن الغاية من هذا النوع من المعارضة البرلمانية؛هل السبب فيه جهل القانون؟أم أنها حديثة العهد بالمعارضة؟أم أنه شعور بالتفوق الرئاسي في الغرفة؛أم يرجع لغاية في نفس يعقوب؟ لقد أدخلت فرق مجلس المستشارين مؤخرا بعض التعديلات على قانونها الداخلي بنوع من التوافق؛همت مختلف مجالات العمل البرلماني؛مما يبقى مفروضا معه على الجميع الالتزام ببنوده؛من منطلق أن من التزم بشيء لزمه؛كل ذلك من أجل بروز نوع من التميز البرلماني لدى هذه الغرفة خلافا للتقدم الحاصل لدى مجلس النواب التي لا تزال تتخبط في مشاكل تنظيمية بسبب جهل بعض مكوناتها للقانون الداخلي؛مما نتساءل معه: متى سيحل أجل الإصلاحات الدستورية للانكباب على تصحيح هذه الاختلالات؟ استنهاضا للدور الدستوري والتنموي المطلوب من المؤسسة البرلمانية