في اعتراف مباشر للمغرب على صحرائه أعلنت مصادر اسبانية ومغربية أن لجنة ترسيم الحدود بين المغرب وإسبانيا ستبدأ اجتماعاتها خلال شهر يونيو المقبل حسبما أعلن عنه وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، ونقلته وسائل إعلام إسبانية.
ويعتبر ترسيم الحدود البحرية بين إسبانيا والمغرب، وخاصة في الصحراء المغربية قبالة جزر الكناري من الملفات الأكثر تعقيدا بين البلدين.
وتأتي أهمية هذا الموضوع من جهتين: أولاها أحقية المغرب حسب القانون الدولي على مساحات مهمة من مياه المحيط الأطلسي في مجال منطقته الاقتصادية الخالصة .
والأهمية الثانية أن المفاوضات بشأن الحدود البحرية بما فيها الأقاليم الصحراوية تمثل اعترافا مباشرا من الحكومة الإسبانية على أقاليمه الجنوبية، وهي بذلك تضع حدا نهائيا للتردد والشكوك، كما تضع حدا للأمل والأطماع لدى أعداء الوحدة الترابية للمملكة الذين طالما استعملوا هذا الموضوع في المحافل الدولية. اذ سيكون عليهم اليوم، ليس مواجهة المغرب، ولكن إسبانيا وكل الدول التي اعترفت، أو التي تسير في طريق الاعتراف بمغربية الصحراء.
وكانت هذه النقطة من بين النقط التي تم الاتفاق على مباشرة المفاوضات حولها بشكل ثنائي بعد عودة العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي.
وكان مجلس النواب المغربي ،قد أقر في يناير 2020مشروعيْ قانونين يحددان الحدود البحرية للمملكة، وينشئان منطقة اقتصادية خالصة يبلغُ مداها مأتي ميل بحري في المياه الواقعة بين الصحراء المغربية وجزر الكناري .
وأثارت الخطوة حفيظة إسبانيا التي سارعت وزيرة خارجيتها آنذاك أرانشا غونثاليث لايا إلى القول إن هناك اتفاقا بين الرباط ومدريد على ترسيم الحدود بموجب اتفاق ثنائي وليس بشكل أحادي.
وبموجب القانون الأول بات المجال البحري الغربي للمغرب يمتد الآن من طنجة في أقصى الشمال إلى "لكويرة" في أقصى جنوب الصحراء المغربية.
أما القانون الثاني فينظم تحديد منطقة اقتصادية خالصة تمتد إلى مسافة مأتي ميل بحري في عُرض الشواطئ الأطلسية للمغرب، وتشمل منطقة المياه الواقعة بين سواحل الصحراء المغربية وجزر الكناري التابعة لإسبانيا.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة قد أعلن قبيل المصادقة على النصين "كان علينا تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية" مضيفا أن "من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديدا دقيقا للمجالات البحرية الواقعة تحت سيادة المملكة المغربية".
وأكد بوريطة -في عرضه أمام البرلمان- أن تبني هذين القانونين "مسألة داخلية سيادية" لكنه شدد في الوقت نفسه على "انفتاح المغرب واستعداده للحوار والتفاوض مع جيرانه وخاصة إسبانيا لمعالجة أي تداخل في المجالات البحرية للبلدين".
وكان هذا الموضوع قد أصبح شائكا إبان الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
ويستند الإجراء المغربي في ترسيم الحدود على القانون الدولي، إلا أن ما لجأ إليه المغرب وفق القانون الدولي هذا لا يستجيب للمصالح الإسبانية ، خاصة الحكومة المحلية لجزر الكناري التي تضغط من أجل انتزاع اتفاق يخدم مصالحها.
وكانت الحكومة الإسبانية إبان إقدام المغرب على ترسيم حدوده قد أعلنت نيتها فتح محادثات مع المغرب في هذا الموضوع ، دون أن تعلن أي رد فعل معاد.
ومما زاد من حدة هذا الموضوع شيوع أخبار عن وجود معادن مهمة في المنطقة التي سيحوزها المغرب .
ومن خلال اللائحتين، يحدد المغرب مياهه الإقليمية على بعد 12 ميلا، ويحدد منطقته الاقتصادية الخالصة على بعد 200 ميل، ويقرر توسيع جرفه القاري إلى 350 ميلا.
وهكذا، يوسع المغرب حمايته القانونية أيضا على المجال البحري الذي يشمل الصحراء المغربية حتى مدينة الكويرة، وفي الشمال الشرقي حتى مدينة السعيدية..
وسيتقابل وزير الخارجية المغربي، خلال شهر يونيو المقبل، مع نظيره الإسباني، لتسليط الضوء على واحدة من أهم القضايا في "المرحلة الجديدة" المتفق عليها بين حكومة إسبانيا والمغرب.
وقالت صحيفة إلباييس إن "هذه المرحلة ستكون التحدي الرئيسي في المفاوضات، إذ تشمل مياه الصحراء المغربية".
وسيكون الاتفاق حول هذا الموضوع اعترافا مباشرا بسيادة المغرب على صحرائه.
وأكد خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، أنه اتفق مع نظيره المغربي ناصر بوريطة على عقد اجتماع للجنة المشتركة الخاصة بتعيين الحدود البحرية في شهر يونيو، ولفتت الصحيفة إلى أن اللجنة لم تجتمع منذ 15 عاما.