تميز العدد 275 لشهر نوفمبر 2009 من مجلة «الاوبسرفاتور» التي تصدر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ، على مستوى افتتاحيته، بمساهمة مهمة للوزير الأول المغربي السيد عباس الفاسي.. وتتعلق هذه المساهمة. التي نعيد نشرها فيما يلي. بإثارة مفهوم «الشركاء المسؤولون والمجندون باستمرار» خاصة في أزمنة الأزمة هذه التي تتطلب أكثر من أي وقت مضى ضرورة القيام باصلاحات عميقة وضم الشروط اللازمة من أجل ضمان تنمية اقتصادية واجتماعية مساندة ومستديمة. وتتطلب الأزمة الدولية ضرورة تسريع الاصلاحات ومضاعفة الجهود لبناء اقتصاديات حديثة واستقطاب الاستثمارات الدولية وخلق موارد لازمة لتنمية اقتصادية واجتماعية مساندة ومستديمة. في ظل الظرفية الحالية حيث نسجل طلائع انفراج تدعو الى التفاؤل، فإن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) تبدو بالخصوص واعية بالتحديات المشتركة، التي عليها مواجهتها، والمستندة على تعزيز مبادئ الحكامة الجيدة والحرية الاقتصادية ،وعلى ترسيخ دولة القانون والديمقراطية، والتوزيع العادل للخيرات وعلى احترام الضغوط البيئية. وهي تحديات تدفعنا الى تعزيز مسلسل الادماج الجهوي الذي نعتبره مصدر قوتنا على غرار اتفاقية أكادير التي ضمت أربع دول أطلسية (الأردن، مصر، تونس والمغرب) والممتدة على منطقة كبيرة للتبادل الحر لما يقرب من 120 مليون من السكان... أو أيضا اتفاقية الكويت التي تدعو الى انعاش الاستثمارات الغربية / العربية. إننا مقتنعون بأن الاندماج الجهوي يشكل دعامة أساسية لتنمية اقتصادياتنا. هذه الرغبة في تكثيف أواصر التعاون بين بلداننا، وتوسيع مجالات عملنا لاتلغي قطعا أهمية تعزيز التعاون القائم مع بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) من خلال الشراكات المثمرة ومتعددة المجالات لاعتماد عمل جماعي منسق وإيجاد حلول فعالة للقضايا المصيرية التي تنتظرنا . إن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA) تعد اليوم فاعلا لايمكن تجاهله في الساحة الدولية ويحتل موقع اختيار جديد على المستوى العالمي. كما يتوفر على المؤهلات اللازمة للإطلاع بدوره كشريك مسؤول ومعبأ يتطلع الى تقديم مساندته الإيجابية في مجال التعبئة والعمل على المستوى الدولي. إن المملكة المغربية قد التزمت، بتوجيه من جلالة الملك محمد السادس بوضع كل مؤهلاتها وتجاربها لإنجاح رهان الانفتاح والاندماج في الاقتصاد الجهوي والدولي من خلال تسريع واعتماد جيل جديد من الإصلاحات الهيكلية في القطاعات ذات الأولوية كالفلاحة وتدبير الموارد المائية والاقتصاد الرقمي والصحة وتكوين الرأسمال البشري بل وحتى الطاقات المتجددة مع الانطلاقة الاخيرة لمخطط الطاقة الشمسية الطموح. كما أن انخراط المغرب في الوضع المتقدم للاتحاد الأوروبي يعدّ مثالا ملموساً لتلاقي القيم والتقارب الاقتصادي، الثقافي والسياسي. وطبعاً تظل هذه المجهودات غير كافية إذا لم تصاحبها ولم تزد من فعاليتها مساهمة الشركاء الاقتصاديين الخواص الذين هم مدعوون أيضا إلى الانخراط أكثر في برمجة وتحقيق أنشطة التنمية المتخذة وإيجاد وسائل للتعاون والتآزر مع الفاعلين العموميين ومع نظرائهم من المجتمع المدني للانتقال إلى أرضية جديدة للتنمية الاقتصادية كفيلة بتحسين مستوى معيشة المواطنين. هذه التعبئة الفعالة يجب أن تمر طبعاً بتنمية العطاء السنوي بتشجيع مشاركة المرأة في الحياة الإقتصادية والاجتماعية. هذا المعطى وهذه الحكامة التشاركية تجد مكانها في قلب السياسات العمومية المعتمدة من طرف بلادنا. إن مبادرة (MENA/OCDE) من أجل الحكامة، والإستثمار هي بهذا المستوى تعدّ مثالا ناجحا للتعبئة والاندماج الجهوي حول مبادىء وأهداف اقتصادية واجتماعية متقاسمة. إن المغرب يثمن الدور الجديد الذي عليه أن يقوم به في إطار هذه المبادرة التي تشكل مجالا واسعاً للحوار والمناقشات والتبادلات البناءة بهدف تحقيق تنمية اقتصادية وإحداث الثروات من أجل خير ومصلحة المواطنين.