ما يحدث في المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب أمر في غاية الخزي و العار. فقد أصبحت هذه المنظمة، التي أسس لقواعدها و سعى إلى الحفاظ على سمعتها الشرفاء من المثقفين، كرة تتقاذفها أرجل اللامبالين بالثقافة و الإبداع و حلبة صراع من أجل انتزاع موقع رغم أنف الجميع. و كأن الاتحاد جماعة قروية أو حضرية، أو لعله كذلك و هو ما أبانت عنه أشغال المؤتمر الأخير، حيث تحولت بطاقة الانخراط إلى ورقة انتخابية. غابت الشفافية و النزاهة، وطغت الكواليس. هذا فريق يساند فلان ، وذاك رهط يؤازر علان. و بات الاتحاد بقرة، فئة تجر من القرنين و أخرى تجر من الذيل. و تأكد للجميع أن الصراع منحصر في شخصين، لا أحد منهما خجل من نفسه و تنازل رأفة بالثقافة و غيرة عليها. وشتان ما بين الغيرة و المصلحة الشخصية. عندما صرح الصديق أحمد شراك بموقفه عما يحدث داخل المكتب، قبل انعقاد المؤتمر، انفضضنا من حوله و كأنه فظ غليظ القلب، أو كأنه شخص يهذي، بل كان يهدي للتي هي أصلح. و ها نحن اليوم نحصد العواقب التي حذر منها. و قدم الشاعر جمال الموساوي استقالته من المكتب و لا أحد تساءل عن سبب ذلك إلى أن انفجر الصراع على أشده، و اشتدت لعبة شد الحبل، هذا يتهم الآخر بسوء التسيير، والآخر يشكك في مشروعيته، إلى أن تفتقت صيغة التسيير الجماعي، و كأنما كل أعضاء الاتحاد الآخرين لا وجود لهم. و هاهي الأمور قد استفحلت الآن، وظهر المكشوف. الفروع لم تتجدد، رغم المساعي غير المجدية لإخراج الاتحاد من عنق الزجاجة. مرد ذلك أن كل واحد من أعضاء المكتب يعض على «كرسيه « بالنواجد، حالفا بالطلاق ألا يترك حصته لشخص آخر. هل الاتحاد ملك لشخص أو شخصين؟ الاتحاد ملك لكل المثقفين ذوي المواقف النبيلة، وليس للذين يغيرون مواقفهم مثل تغييرهم لجواربهم، أو من يجعلون من هذه المنظمة مورد رزق تملأ به البطون المسغبة، و تشترى به الذمم الرخيصة. الاتحاد أكبر من أن يُتزايد عليه، و ليس وكالة أسفار أو بيت مال المعوزين. لست أعيب على ما يحدث في المكتب المركزي بقدر ما أعيب على صمت السواد الأعظم من الكتاب الأعضاء، الذين وقفوا يتفرجون على هذه المهزلة، تاركين الفرصة للشامتين. واللهم لا شماتة. و الساكت عن الحق شيطان أخرس. هل يحق لنا القول إن الاتحاد في اللحظة الأخيرة من الاحتضار أو أن آخر مسمار يدق في نعشه. ربما هو كذلك إذا لم يسارع إلى عقد مؤتمر استثنائي للم الشتات، وإلا علينا أن نصلي عليه صلاة الغائب، و نتفرق شيعا؛ و التفرقة أشد من القتل.