لا يختلف الناس حول عناصر نجاح الفرجة السينمائية، وربما حصروها في الفكرة أو القصة الجيدة وقدرة السيناريو على نقلها وتفصيلها في مشاهد قوية، تسمح بتأطيرها وتصويرها تحت إدارة مخرج لا يعتد بخبرته في الصناعة السينمائية أكثر من اعتداده بمخزونه الثقافي وامتلاكه للرؤية العميقة وللموقف المتزن من قضايا اجتماعية وسياسية ووجودية. ذلك أن مهمته لا تختلف عن مهمة أي مبدع في أي حقل من حقول الإبداع الفني والجمالي بشكل عام، خصوصا وهو الذي يواكب جميع المراحل والعمليات التي يمر منها إنجاز الفيلم بدءا من آخر لمسة على السيناريو إلى آخر نقرة على المونتاج. وغنيّ عن التذكير بأن أداء الممثلين للأدوار المنوطة بهم في السيناريو، وكذا تحقق المواءمة بين مميزاتهم الشكلية والفنية (الكاستينغ) يعتبر من المؤشرات التي ترفع من إيقاع الجودة ودرجتها. مناسبة هذا الكلام مشاهدتي للعرض ما قبل الأول لفيلم "المشاوشة" للمخرج المغربي محمد عهد بنسودة؛ وهو فيلم حرصت على متابعة أطوار تنفيذه وتصويره قبل عام بمدينة فاس لثلاث اعتبارات: - كونه فيلما مستوحىً من قصة قصيرة للكاتب والسيناريست الصديق منصف القادري، وقد سبق لي قراءة هذه القصة قبل سنوات (الطيب لمشاوشي) في مجموعته التي أصدرها باللغة الفرنسية تحت عنوان(le mystique anonyme)، وهي مجموعة جميلة تكشف عن موروث مدينة فاس وحياتها الاجتماعية والحضارية الزاخرة. - كون الفيلم يحفر في الموروث الشعبي، ويستعيد التقاليد المغربية ذات الصلة بأجواء احتفالية عاشتها مدينة فاس العتيقة في العقود الأولى من القرن السابق، مع ما لذلك من صيانة للذاكرة، وحفظ لمكوناتها الروحية والرمزية، عبر استعادة لعبة (المشاوشة) التي تندرج في رياضات المصارعة؛ تلك الرياضة التي ترفع من شأن البطولة وتحصنها بقيم الخير والتنافس الشريف. - كون صاحب الفيلم مخرجاً شاباً، ابتدأ مساره السينمائي بأفلام قصيرة رصينة تركت أصداء طيبة غداة عرضها وهي: "الجرة" و"الردى" و"اغتصاب الصمت" و"الواجهة".. واتسمت بلغة سينمائية تنتصر لسيمياء الصورة وأبعادها التعبيرية، بعيدا عن ثرثرة الحوارات والهذر الزائد. قصة الفيلم: يستند الفيلم على قصة حب جميلة بطلها سليمان وهو نجار شاب، يوقعه عمله في منزل الحاج الطيب في حب ابنته السعدية، وتتوطد علاقتهما من خلال إطالة مهمته في تلميع الدرابيز وتلميع سقوف الخشب وشبابيكه. وتبادله الشابة المحرومة من عاطفة أمها التي توفيت وتركتها في حضن والدها، تجاوبا. هذه العلاقة العاطفية الجميلة ستتعرض للاضطراب بتدخل طرف ثالث على الخط، ويتعلق الأمر ب(طبوق) وهو جزار غني كون ثروته بالاحتكار والضغط على زملائه في المهنة، مستعملا قوته الجسدية، خصوصا وهو البطل الأوحد في لعبة (المشاوشة)، إذ يحافظ على لقبه في كل موسم مستخدما كل الطرق غير المشروعة، كالمكر والخداع وسلوك أساليب غير قانونية، خلال جولات المصارعة. وتحتد عقدة القصة وتتعقد عندما يلجأ والد السعدية إلى الاقتراض منه، للوفاء بتوفير كمية كبيرة من مادة (الخليع)، كان قد تعاقد بشأنها مع تاجر إسباني. وهي فرصة ثمينة واتت المشاوشي (طبوق) ليضغط على الحاج الطيب ويكرهه على قبول زواجه من ابنته السعدية... أمام هذا الوضع الجديد، يقرر (سليمان) أن يتعلم أصول وقواعد لعبة (المشاوشة) رغم اعتراض حبيبة القلب على هذه المجازفة غير المحسوبة.. وأمام جبروت الحب وسلطانه، يصر سليمان على ما عقد العزم عليه، فيشد الرحال إلى بلدة بعيدة، دلوه فيها على بطل قديم كان قد اعتزل اللعب، إثر تعرضه لمكر (طبوق) في أحد المواسم، الذي غافله خلال المصارعة ورمى في وجهه بمادة سامة أفقدته إحدى عينيه. وبعد حوار مشوب بالتردد من قبل البطل القديم المدعو (المعلم) وإلحاحٍ من سليمان، وفي غمرة فقدان سليمان الأمل في تحقيق الهدف الذي جاء من أجله، يقرر (المعلم) أخيرا الإذعان لرغبته، ويبدأ معه للتو التمارين الضرورية والقاسية، لاكتساب القوة اللازمة والتقنيات الخاصة بهذه المصارعة العجيبة، قبل أن يطوف به على مناطق مغربية مشهورة بهذه الرياضة، لخوض مباريات تدريبية مع أبطالها الأقوياء. ويعود (سليمان) إلى فاس بعد رحلته التدريبية التي دامت أربعة شهور، وكان قد أوهم حبيبة القلب ? قبلها ? بأنه ذاهب لشراء ما يحتاج إليه من خشب العرعار مما تحتاجه ورشته. ويخبره مساعده الصبي (عثمان) أن (طبوق) قد ذهب للتو إلى منزل (السعدية) لطلب يدها من والدها، فيهرع بدوره إلى بيت الحاج الطيب قبل فوات الأوان. يجتمع الخاطبان حول مائدة الحاج الطيب، فيبادر سليمان إلى الإفضاء برغبة في الاقتران بالسعدية، وهو الشيء الذي لم يستسغه طبوق الذي هدده بأوخم العواقب إن هو تمادى في طلبه. وأمام حيرة صاحب البيت وتهديدات (طبوق)، يقترح سليمان أن ميدان (المشاوشة) بضريح مولاي إدريس هو الكفيل بالحسم بينهما. وهو الاقتراح الذي اطمأن له الخصم، ولم يتمالك نفسه من السخرية بغريمه، داعيا إياه إلى عدم إلقاء نفسه في التهلكة. وفي اليوم المشهود، حضرت وفود المحتفلين بموسم المولى إدريس الثاني، كما حضر أشياع الخصمين اللدودين وأنصارهما، وقررت السعدية أن تشهد معركة حبيبها متنكرة في جلبابه، وهو الأمر الذي تنبه إليه(عوينة) مساعد طبوق، وعلى إيقاع الأهازيج والموسيقى الصوفية وهتافات المتفرجين ابتدأت المعركة الحاسمة بين (طبوق) الذي يعول على قوة جسمه وحيله الماكرة، وبين (سليمان) الذي تعلم أصول اللعبة لكنه يحافظ على قيمها وقوانينها، والتحم الشر بالخير في أعنف (مشاوشة) عرفها الضريح المقدس. وكاد الشر أن يحسم معركته بما دبر من مكر، لولا أن انتبه الخير إلى المسألة وحسم المعركة بضربة قاضية هاجت لها جنبات الضريح، وتصاعدت هتافات فرح أنصار سليمان، وكذا أعداء طبوق الذين عانوا كثيرا من جبروته. وأمام هذه الهزيمة غير المتوقعة يقرر (عوينة) مساعد طبوق اختطاف السعدية وإيداعها في مكان، حتى يحقق لسيده رغبته في الظفر بجسدها.. وهو الأمر الذي انتبه إليه الصبي عثمان مساعد سليمان، فكان ما كان من تدخل سليمان وشرطة المدينة، لتخليص السعدية من براثن المعتدي؛ إلا أن الفرحة لم تتحقق، إذ تنتهي القصة بطعنة غادرة يوجهها (عوينة) ل (سليمان) يسقط على إثرها مضرجا في دمائه. الكاستينغ النجم حميدو عز العرب الكغاط في دور المعلم لا بد من الإشارة إلى أن مرحلة الكاستينغ واختيار الممثلين للأدوار المرشحة، تعتبر أمرا حاسما في نجاح أي فيلم سينمائي. بل إن هناك من كتاب السيناريو من يذهبون بعيدا في هذه المسألة، فيكتبون الأدوار على مقاس ممثلين بأعينهم. وهو إجراء منطقي وداعم لتحقيق بناء منسجم للعمل الفني. وهو الشيء الذي بدا جليا في العينة التي اختارها المخرج محمد عهد بنسودة لفيلمه الجديد. فقد وافقت الأدوار الأساسية مجموع الممثلين المغاربة الذين تم انتقاؤهم: وهو على التوالي: حميدو بنمسعود، وهشام بهلول، وعز العرب الكغاط، وعبد الله فركوس، ورفيق بوبكر، وريم اشماعو والطفل عثمان بلحوجي. وحتى النخبة التي لعبت الأدوار الثانية، فهي مشكلة من أجود ممثلي مدينة فاس الذين أعطوا لهذا العمل نكهة خاصة، (إدريس شويكة، محمد السقاط، إبراهيم الدمناتي، محمد المريني، محمد فراح العوان، إدريس المعناوي، الحاج خشلة، عبد الرحيم بقلول، عزيز الحاكم،.....) وهكذا ساهم إسناد الأدوار إلى مستحقيها في بَنْينة هذا العمل الفني وتحقيق انسجامه العضوي والأنتولوجي. ولا شك أن حضور الممثل القدر حميدو بنمسعود في دور الأب الطيب العطوف على ابنته، قد أضفى على الفيلم هالات من الواقعية المشبعة بفنية خاصة، ليس لكونه نجما دولياً فحسب، ولكن لسِمات خاصة مرتبطة بالجوانب الفيزيقية والنفسية التي يستثمرها هذا الفنان في مختلف المشاهد والوضعيات. أما النجم المغربي هشام بهلول، الذي تألق قبل هذا الفيلم في شريط (القلوب المحترقة) الذي أخرجه أحمد المعنوني، واتخذ من مدينة فاس مسرحا لقصته، فقد بدا مطابقاً تماماً لدور (سليمان) الشاب الوسيم والطموح... بل أستطيع القول إنه قد أضاف الشيء الكثير لهذا العمل الفني من موهبته الخاصة ومن ملكاته التي تعِد بالكثير. في حين بدا الفنان عز العرب الكغاط الذي شخص دور (المعلم) شامخاً في ما أوكل إليه من مشاهد، فقد حباه الله بوجْه طافح بالخبرة، وملامح تتكيف بسلاسة مع مختلف المشاعر التي يتطلبها السياق، وهو لا يزال يذكّر بكبار الممثلين الذين عرفتهم الشاشة العالمية سنوات ازدهارها. ولن أخون الصدق إذا قلت إن الممثل عبد الله فركوس قد خرق المألوف في هذا العمل السينمائي، إذ أهلته مكوناته الجسدية لأن يطابق فعلا شخصية (طبوق) بجبروته ووحشيته وإفراطه. وفي نفس السياق لا يملك المرء إلا أن يعجب بكل من رفيق بوبكر الذي جسد دور (عوينة)، وهو - بالمناسبة - اسم مرشح لأن يعطي بقوة للكوميديا المغربية، وكذا ريم اشماعو التي أقنعتنا في هذه التحفة السينمائية بأنها لا تمثل، بل تعيش أطوار مأساة حقيقية. هكذا يندغم عمل الممثلين بشكل هارموني في هذا الشريط بإدارة محكمة للمخرج الشاب الذي طور بداياته وتجاربه السابقة عبر الاحتكاك بكبار مهنيي السينما العالمية. الكاميرا الفضاء يخطئ كثيرا من يحسب أن القصة الرائعة تصنع فيلما جيدا، والدليل على ذلك أن أفلاما بنت محتواها على روايات جيدة باءت بالفشل إبان عرضها. والسينما فن وصناعة ? كما نعلم ? تستوجب حشد كل المكونات التقنية والفنية ودمجها في سيرورة البناء الفيلمي. وغني عن التذكير بأن التوفيق في العمل يبدأ بالسيناريو، فهو يشكل مجموع المشاهد واللقطات المستوحاة من القصة، إنه كتاب الصور الذي يتيح للمخرج أن يتدبر عمله بيُسر وسلاسة. ولعل سيناريو فيلم (موسم المشاوشة) أن يكون واحداً من هاته السيناريوهات المحبوكة بمستوى جيد، إذ أن المَشاهِد سواءً على مستوى تدفق الزمن، أو على مستوى تنوع الفضاءات والأحداث والتطور البيولوجي والنفسي لشخصيات القصة، إضافة إلى مكوّن "السكريبت" الذي بدا منطقياً ومحافظاً على كل التفاصيل، سواء ما تعلق بالملابس وهيأة الممثلين وقطع الديكور، بما يؤشر على الفترة التاريخية التي تؤطر أحداث هذا الفيلم الشيق. وعلاوة على ذلك عمل المخرج على استثمار الأمكنة والفضاءات بما يغري العين السحرية للكاميرا ومن خلالها عين المتلقي. ذلك أن تأطير المشاهد، سواء في الأمكنة المغلقة (ضريح مولاي إدريس المصمم باحترافية لأن التصوير لم يتم في الضريح الأصلي ? دروب مدينة فاس العتيقة ? منزل الحاج الطيب ? منزل طبوق ? الكُتَّاب ? ورشة النجارة...) أو الأمكنة المفتوحة (المقبرة ? الدواوير القروية ? شلالات صفرو ? أسواق المواشي ? مناظر بانورامية لمدينة فاس ...)، اتسم بالمرونة وإصابة الهدف عند التصويب، فترتبت عن ذلك خصوبة مرئية لعبت هندسة الصوت دوراً مؤكداً في إضفاء الإيهام الواقعي على صيرورة الأحداث. مما أكسب الفيلم بعدا ينجح في تسويق الفيلم سياحيا قبل تسويقه فنيا وفرجويا. الموقف الرؤية لا شك في أن أي عمل فني مهما كانت قيمته، يروم الإمتاع الفرجوي مثلما يروم تمرير خطاب إيديولوجي وقيمي إلى المتلقي، ولعمري فإن فيلم (موسم المشاوشة) للمخرج الشاب محمد عهد بنسودة ينجح في مادته الدرامية وأشكاله التعبيرية التقنية والفنية في تحقيق أهداف ثقافية، يمكن استجلاء أبعادها في ما يلي: - تأطير مرحلة تاريخية عرفتها مدينة فاس عبر التركيز على المعطيات الحضارية والسوسيوثقافية من خلال استعادة تقليد اجتماعي يتمثل في لعبة المصارعة الشعبية (المشاوشة)، التي نشأت في الأجواء الاحتفالية التي كان يخص بها الحرفيون العاملون بالدرازة والجزارة والدباغة موسم المولى إدريس في كل سنة. - التناول الفني لقيم المجتمع الفاسي التي حكمت علاقات الناس ببعضهم، وهي علاقات تظل محكومة بسيادة التقاليد والأعراف الوفية لروح الدين الإسلامي وتوطيدها بما يصون بقاءها واستمرارها، وما الاحتفال السنوي الذي يشهده ضريح السلطان المولى إدريس الثاني مؤسس مدينة فاس وبانيها سوى واحد من تلك المظاهر التي تربط الجموع بالوحدة السياسية والدينية التي تضمن للناس استقرارهم في المعيشة والكسب والاعتقاد. - إبراز القيمة الحضارية والتطور الثقافي الذي شهدته فاس على كافة المستويات بما فيها الرصيد الثقافي والعلمي(إشعاع جامعة القرويين بما كان يقام فيها من دروس في الفقه والطب ومختلف العلوم) والفني (لعبة المشاوشة) والموسيقي (الفرق الصوفية والفولكلورية) والعمراني (الزخرفة والزليج والأرابيك...) - مواجهة الشر المستثري في المجتمع والذي يرمز إليه كل من (طبوق) و(عوينة) وأتباعهما، في صراعه الدائب مع الخير الذي يمثله كل من (سليمان) و(السعدية) و(الحاج الطيب) ومن يدور في فلكهم، وذلك عن طريق تأجيج هذا الصراع، وتوسيع أبعاده بالتركيز على ثنائيات الحب والكراهية، والغريزة والروح، والدفع بالحبكة إلى أفق تحقيق الانتصار الأزلي لكفة الخير وقيمه. ملاحظات وتحفظات إذا كان فيلم (موسم المشارشة) قد حقق هدفه كتحفة سينمائية مغربية جديرة بالمشاهدة، بما رُصِد له من إمكانيات مادية وبشرية وتقنية، فقدم بذلك نموذجاً لشريط مغربي أصيل يستطيع منافسة أعمال سينمائية دولية نوعاً ومعالجة، فإن المتلقي لا يمكنه أن يخرج من مشاهدته بدون ملاحظات، كان بإمكان تجاوزها أن يزيد من جودة الفيلم. ولعل الملاحظة الأساسية تكمن في النهاية التي اختارها المخرج لقصة فيلمه. فقد كان من الأفيد أن ينتهي في اللقطة الحاسمة التي ينتصر فيها البطل (سليمان) على غريمه (طبوق) في حلبة المصارعة.. لأن افتعال حدث الاختطاف الذي تعرضت له الحبيبة المتنافس عليها، وما كان من صراع لاستعادتها، ثم قتل البطل بطعنة غادرة، كل ذلك لم يقدم قيمة مضافة للقصة وللبناء العام للفيلم. فهي أحداث جزئية أعادت الفيلم إلى نقطة البداية. صحيح أن المخرج كان يروم من خلال ذلك الخروج على نمط النهايات المطروقة في مثل هذه الأعمال، لكن خروجه لم يؤمن له ما يضمن ذلك المنطق السديد لنهاية عمل فني. وبالإضافة إلى ذلك، فقد شابت المعركة الأخيرة بعض العيوب الطفيفة، وتتعلق بتعذيب المشاهد وتشويقه على طريقة الأفلام الأمريكية، وهو يرى البطل يخضع لسيل من الكلمات والضربات قبل أن ينفرج الحال، ويستعيد البطل أنفاسه في شكل يشبه المعجزة، فيطرح خصمه بضربة واحدة لم تتوقف عندها الكاميرا بما يكفي لإقناع المشاهد بأن بطله المحبوب ممثل الخير قد انتصر فعلا على الشر. هذه الملاحظات الطفيفة ? طبعا ? لا يمكن أن تنال من قيمة الفيلم، كما أنها لا تنتقص من هذا المجهود المشكور الذي قدمه المخرج وطاقمه الجيد من التقنيين والفنانين الكبار كحميدو وبنمسعود وهشام بهلول وعز العرب الكغاط وعبد الله فركوس وريم اشماعو ورفيق بوبكر وغيرهم من ممثلي مدينة فاس الذين أبدوا أداءً احترافياً لافتاً في هذا العمل السينمائي الجيد. إن مدينة فاس بعتاقتها ومخزونها الروحي والحضاري، وبما تتوفر عليه من طاقات إبداعية وفنية، تبقى مادة خاما تسعف المشتغلين بالسينما في إنجاز أعمال فنية جيدة، مثلما أسعفت قبلهم الشعراء والروائيين والمؤرخين، والدليل على ذلك أن المدينة قد أعطت الكثير لفيلم (القلوب المحترقة) للمخرج أحمد المعنوني الذي أمجزه عام 2007، وتوج في أكثر من مهرجان وطني ودولي، وقد أعطت الكثير أيضا لشريط (موسم المشاوشة) 2009 للمخرج محمد عهد بنسودة ? ابن المدينة البار ? والذي نتمنى أن ينال حظه المؤكد في التتويج والاحتفاء