تارة تبرر وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، السيدة آرانتشا غونزاليس لايا، أمام القضاء الإسباني، فعلتها بالسماح بدخول كبير انفصاليي جبهة البوليساريو إلى التراب الإسباني ( بالاحتكام إلى بنود قوانين شنغن)، التي قالت إنها ( تسمح بإعفاء بعض الزائرين من مراقبة جوازات السفر ، و بالسماح حتى بدخول بعض الأشخاص غير الحاملين للأوراق ) ، وتارة أخرى بأن ( القرار سياسي ، و بالتالي فإن كشف حيثياته يعني إخراج ميكانيزمات الدولة حيال معالجة القضايا التي تؤثر على السياسة الخارجية إلى العلن)، و تارة أخرى لا تجد ما تملأ به ثغرها من حروف و كلمات و جمل فتسارع إلى الاحتماء وراء الامتناع عن الكلام و الاكتفاء بالقول إن ( الأمر يتعلق بالأسرار الرسمية ). الأكيد أن المسؤولة الديبلوماسية السابقة في الحكومة الإسبانية لم تكن مقنعة في أجوبتها ، و أنها أخفت الحقيقة عن القضاء ، لأن الأمر لا يتعلق أبدا بدخول شخص إلى التراب الإسباني مع استفادته مما تتيحه قوانين شنغن بإعفائه من مراقبة جوازات السفر ، و لا حتى بدخوله بدون أوراق ، بل الأمر يتعلق بتزوير هوية شخص و السماح له بدخول التراب الإسباني بهوية و بوثائق مزورة ، بل الأكثر من ذلك أن هذا التزوير الخطير حصل و تم بعلم من وزيرة الخارجية السابقة الماثلة أمام القضاء الإسباني ، بل و بمشاركة فعلية من طرفها ، حيث نسقت مع جهة خارجية ، التي هي المخابرات الجزائرية لاقتراف هذا الفعل الجرمي ، و لضمان شروط نجاحه ، خصوصا ما يتعلق بالتستر عليه . لذلك فإن الحالة لا تتعلق بشخص ما ارتأت السلطات الإسبانية تمتيعه بامتياز منصوص عليه في القانون ، بل تخص فعلا يعاقب عليه القانون تم اقترافه بتعمد و بسبق إصرار .
الحقيقة أن القضاء الإسباني يواجه امتحانا جديدا يتيح مرة أخرى قياس درجة استقلاله عن مراكز القرار السياسي ، و الخوف كل الخوف في أن يكون ما يجري مجرد مسرحية تتيح للقضاء الإسباني القيام بدور الكومبارس لتبرير ما جرى من فظائع تذل إسبانيا قبل غيرها .