تأكد أن زعيم الانفصاليين غالي كان ينتظر مسرحية تقديمه أمام القضاء الإسباني عن بعد لمغادرة التراب الإسباني ، حيث اتضح أن الأمر يتعلق بإجراء شكلي و مسرحي تواطأ فيه القضاء الإسباني مع الحكومة الإسبانية . لذلك ما أن استمع إليه قاض إسباني وافق على أن يقوم بدور ( الكومبارس ) في مسرحية رديفة الإخراج حتى نقلته طائرة خاصة اكترتها المخابرات الجزائرية من شركة طيران فرنسية . كان المغاربة مقتنعين بأن زعيم الانفصاليين سيغادر التراب الإسباني كما دخله أول مرة ، و أن الحكومة الإسبانية ستكرس التواطؤ و المؤامرة ، ليس ضد المغرب ، و لكن ضد مصداقية الدولة الإسبانية نفسها ، و لذلك حينما توفر هذه الحكومة شروط مغادرة شخص مبحوث عنه من طرف القضاء ، و هو خاضع لمسطرة قضائية جارية ، فهي تكشف عن الوجه الآخر لإسبانيا التي ليست هي إسبانيا التي تسوق لشعارات الشراكة و حسن الجوار و قيام علاقات ثنائية تحفظ مصالح الدولتين . ض مهم أن نسجل أن القضاء الإسباني الذي أصيب بالإسهال في إصدار الأحكام ضد الانفصاليين في إقليم كاتالونيا ، من سجن طويل الأمد ، إلى رفع الحصانة الديبلوماسية ، إلى إلغاء قرارات تتعلق بتقرير المصير ، هو نفسه القضاء الذي لا يرى داع لإعمال مسطرة قانونية في حق شخص متهم بجرائم تعذيب و اغتصاب ،و السبب أن هذا القضاء قبل عن طواعية الخنوع و الخضوع لأجندة سياسية ، و الامتثال لتعليمات سياسية صادرة عن جهات أمنية و استخباراتية . و بذلك من الصعب أن تقنعنا الشعارات الإسبانية التي تسوق لاستقلالية القضاء في إسبانيا ، بيد أنه لا يتخلف في شيء عن القضاء في دول ذات أنظمة سياسية مغلقة تسخر القضاء و تتلاعب به كما تشاء .
بالنسبة إلى المغاربة ، فإن وجود زعيم الانفصاليين فوق التراب الإسباني و بالطريقة التي دخل بها ، مثل فرصة حقيقية لاختبار مصداقية و فعالية الشراكة مع هذا القطر ، و امتحانا مهما للعلاقات الثنائية بين البلدين ، و استخلصنا ما يجب استخلاصه مما حدث و جرى ، مما ستكون له تداعيات و تأثيرات على مستقبل علاقات الجوار مع هذا البلد .