فرضية اغتياله تكشف أزمة التناحر للفوز بخلافة إبراهيم غالي حركت وفاة الرجل الثاني في جبهة البوليساريو عبد الله الحبيب بلال، المياه الراكدة بمستنقع قادة الرابوني خاصة منهم الطامعين في كرسي خلافة إبراهيم غالي بعد وعكته الصحية والتي مازالت مستمرة منذ أشهر.
وأجج مصاب ساكنة المخيمات زوبعة الشك في حقيقة وفاته من اغتياله ، بعد أن طالبت أسرة الفقيد بتشريح طبي يقطع الشك باليقين وتخلص إلى ما يبرئ فيروس كرونا من وفاة الفقيد ، ويوقف اختلاف الروايات حول موت الرجل ويفصل في الجدل القائم.
حيث أماطت مصادر دقيقة من داخل المخيمات أن الابن البكر لرئيس ما يعرف بجهاز المخابرات بالرابوني، أبلغ قيادة الجبهة بضرورة إجراء تشريح لجثمان والدهم، رافضاً رواية الموت بسبب فيروس كورونا، مما يكشف الستار عن الأزمة التي تعيشها البوليساريو، وذلك بسبب الصراع عن القيادة.
بدورها شككت مصادر من داخل البوليساريو، في "سياق" الوفاة، وذهبت إلى أن الحبيب بلال واحد من المسؤولين الكبار في جبهة البوليساريو المؤهل لقيادة التنظيم في المرحلة المقبلة، معتبرة أنه جاء في وقت تعيش فيه الجبهة سباقاً محموماً حول القيادة.
في هذا الجو المحموم وسط هذا اللغط السائد في المخيمات كشفت بعض المصادر القريبة من الفقيد أن الراحل كانت له خلافات كبيرة مع المستشار الأمني لرئيس الجبهة إبراهيم بيد الله المعروف ب"كركاو"، وبسببها تمت إقالته في 2019 من منصب وزير الدفاع،
وتابعت ذات المصادر أن عبدالله الحبيب بلال رفض الرجوع إلى القيادة، وبعد أزيد من سنة من المفاوضات، والموافقة على شروطه بعدم التدخل في عمله، وافق على العودة عبر منصب وزير الأمن، حيث توفي، ليتساءل البعض اذا ما كان الامر يتعلق بتصفية حسابات قديمة وحماية مصالح مستقبلية.
وتشير معطيات أخرى من مخيمات تندوف أن الهالك كان يلقب بالعلبة السوداء لكونه عين المخابرات الجزائرية على قيادة الرابوني وميلشياتها، خصوصا وأن الرجل تقلد عدة مناصب استراتيجية بالكيان الوهمي للبوليساريو منها ما يسمى بقائد فيلق، ثم قائدا لما تزعم البوليساريو تسميته بالنواحي العسكرية الأولى، الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة والسابعة، قبل أن يعين، لما يصطلح عليه في أركانها الوهمية، وزيرا للدفاع الوطني ثم وزيرا للأمن والتوثيق أي ما يشاع عنه في نواميسها بجهاز المخابرات، علاوة أنه ظل عضوا لما يسمى ب " الأمانة الوطنية" للجبهة منذ مؤتمرها الثامن.
لعل تدرج الهالك في مناصبه الحساسة تلك، هوما يفسر تغلغله بين اقطار الأجهزة المتحكمة في دواليب الحكم بالجزائر وولائه لها، ويبرر حصوله على الجنسية الجزائرية تحث الاسم العائلي "الكيحل"، ويوضح ما حظي به موكب جثمانه جنائزي من عناية فائقة من قبل السلطات الجزائرية كادت أن تكشف أنه درعها الخفي والمخلص الوفي داخل دواليب "القصر الأصفر" بالرابوني الذي سكنه شبح الموت حثيثا وشرع في اسقاط سواريه تباعا الواحد تلو الآخر.
ولعل كل ما ذكر في حق الراحل الذي أثار رحيله، نحو برزخ اليقين، زوبعة موته من اغتياله، ليس إلا واحدا من عشرات التعليلات التي دفعت بالرئيس الجزائري أن يغير المعهود للبروتوكولي الرئاسي لقصر المرادية ويقدم التعازي في وفاة رجل بالمخيمات لتكون سابقة لم يسبقها استثناء منذ تأسيس الجبهة، ويجعل فرضية اغتياله أوضح حقيقة على أن قادة البوليساريو يتناحرون سرا لخلافة "البطوش" إبراهيم غالي بعد غيابه غير المحتوم العودة، خصوصا وأن الفقيد كان الأوفر حظا ومن الأوائل المبشرين برئاسة وهم صحاري الرابوني.
وللإشارة فإن الراحل كان يتلقى علاجه بمستشفى "عين النعجة" في العاصمة الجزائرية، قبل أن تزداد حالته سوءاً فتم نقله إلى أحد مستشفيات إسبانيا، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
وقبل وفاته، كان يعاني عبد الله الحبيب بلال من سرطان المثانة (البروستات)، وسبق أن تم نقله في مارس 2021 إلى مستشفى "الملكة صوفيا" في قرطبة جنوب إسبانيا لتلقي العلاج.