يشتد صراعُ أقوياء العالم على اللقاحات المضادة لكورونا، ويبدو أن الجيران الأوروبيين لا يستسيغون تفوق دولة في الجنوب مثل المغرب على دول الشمال مثل فرنسا في عملية التلقيح. بل إن الاتحاد الأوروبي يضغط على شركة "أسترازينيكا" البريطانية السويدية، بكل الطرق للاستحواذ على نصيب المملكة ودول أخرى من اللقاح أكسفورد المصنع في الهند. كشفت تقاريرُ دولية أخيراً، أن ضغوطا أوروبية عرقلت توصل المغرب بالشحنات المرتقبة من لقاح "أسترازينيكا" في المواعيد المتفق عليها، مؤكدةً اعتراض مسار واردات اللقاح التي كانت في طريقها نحو المملكة وتحويلها صوب بلدان الاتحاد الأوروبي.
وقد أخطر معهد سيروم الهندي لإنتاج الأمصال، المغرب بتأخير شحنة اللقاح الخاصة به، إلى جانب كل من السعودية والبرازيل بسبب ما وصفه ب"ارتفاع الطلب في الداخل ولأنه يعمل من خلال توسيع السعة"، وفق وكالة "رويتز".
وتتزايد حدة المواجهة بين الأوروبيين وبريطانيا حول اللقاح، فالمفوضية الأوروبية تهدد بوقف صادرات "أسترازينيكا" إذا لم يتلقَّ الاتحاد شحناته منه أولا، ووزير الدفاع البريطاني يحذر من أن تلك الخطوة ستكون لها "نتائج عكسية".
وتحتَ وطأةِ نفادِ مخزونِ المغربِ من اللقاحات المضادة للفيروس التاجي، وفي انتظار شحنات جديدة منها تنقذ الحملة الوطنية للتلقيح من التوقف الاضطراري، تلوحُ في الأفق إرهاصاتُ حجرٍ ليلي شامل في بلادنا خلال شهر رمضان المقبل، وهو واحد من عدة خيارات تطرحها المنظومة الصحية المغربية للحفاظ على مكاسب الحملة.
في هذا السياق، قال الدكتور سعيد لفقير، عضو لجنة تتبع كورونا بمكناس، إن دول الاتحاد الأوروبي غير مسرورة من تفوق المغرب عليها في جانب التلقيح، مشددا في تصريح ل"العلم" على أن الحملة الوطنية للتلقيح مستمرة وبلادنا تبذل مساعي حثيثة لتأمين شحنات من اللقاح من عدة مصادر مثل روسيا أو أمريكا.
واستدرك لفقير، بأن الصراع المحموم دوليا على اللقاحات تدخل فيه علاقات ديبلوماسية متشعبة، متمنيا دخول شحنات جديدة من أجل تلقيح الأشخاص دون ستين سنة.
وفسّر المتحدث، تأخيرَ وصول شحنات اللقاح بالطلب الذي يفوق العرض الحالي للقاحات المنتَجة في العالم، إضافة إلى أن إنتاج اللقاحات يكون بسيرورة ليست سريعة بما يكفي، ونحن نعلم أن هناك أزيد من 7 مليار ساكنة عبر العالم يجب أن نصل إلى 50 في المائة من الملقحين فيها.
وقال الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، إن تدبير احتياطي اللقاحات بعدما تجاوز المغرب 4 ملايين ملقح، وأن 95 في المائة من الملقحين في القارة الأفريقية هم في المغرب، يقتضي التعامل مع ندرة اللقاحات بوصفه مشكلا عالميا، مسجلا أن المغرب في وضع جيد بالنظر لتركيبة سكانه الشابة، وتمكنه من حماية الفئات الهشة، مقارنة مع دول أخرى أوروبية بالأساس.
وشدّد حمضي، على "قتالية" المغرب في أجل البحث عن مصادر لقاحات أخرى، منها لقاح "سبوتنيك" الروسي، فضلا عن طرق أخرى يمكن اللجوء إليها على رأسها الالتزام بالإجراءات الاحترازية خاصة في رمضان، ومباعدة المدة الفاصلة بين الحقنتين الأولى والثانية، والأخذ بدراسات تطرح إعطاء الأشخاص الذين مروا بمرض كوفيد-19 حقنة واحدة من لقاح "أسترازينيكا" تكفي للمناعة.
وأضاف رئيس النقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، أن تجنب أيِّ انفجارٍ وبائي محتمل في المغرب، يتأتى حتما باحترام التدابير الوقائية، وهي إجراءاتٌ بحسب المتحدث، من شأنها التسريعُ بإكساب المغاربة مناعة جماعية حتى في ظل عدد حقنات أقل من اللقاح، حيث إن الوضع الوبائي الجيد يُمكّن من تحقيق هذا الهدف بتلقيح 60 إلى 70 في المائة فقط من الساكنة، بينما إذا تعقد هذا الوضع فإن ذلك يتطلب 80 إلى 90 في المائة.