نفاد لقاحات كورونا يلجئ المغرب إلى عدة خيارات منها تشديد الإجراءات الاحترازية تحتَ وطأةِ نفادِ مخزونِ المغربِ من اللقاحات المضادة للفيروس التاجي، وفي انتظار شحنات جديدة منها تنقذ الحملة الوطنية للتلقيح من التوقف الاضطراري، تلوحُ في الأفق إرهاصاتُ حجرٍ ليلي شامل في بلادنا خلال شهر رمضان المقبل، وهو واحد من عدة خياراتٍ مطروحة أمامَ المنظومة الصحية المغربية للحفاظ على مكاسب الحملة.
وقال الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، إن تدبير احتياطي اللقاحات بعدما تجاوز المغرب رقم 5 ملايين ملقح، ما جعل 95 في المائة من الملقحين في القارة الأفريقية هم في المغرب، يقتضي التعامل مع ندرة اللقاحات بوصفها مشكلا عالميا، مسجلا أن بلادنا في وضع جيد بالنظر لتركيبة سكانه الشابة، وتمكنه من حماية الفئات الهشة، مقارنة مع دول أخرى أوروبية بالأساس.
وشدّد حمضي، على "قتالية" المملكة في البحث عن مصادر لقاحات أخرى، منها لقاح "سبوتنيك" الروسي، فضلا عن طرق أخرى يمكن اللجوء إليها على رأسها الالتزام بالإجراءات الاحترازية خاصة في رمضان، ومباعدة المدة الفاصلة بين الحقنتين الأولى والثانية، والأخذ بدراسات تطرح إمكانيةَ إعطاء الأشخاص الذين مروا بمرض كوفيد-19 حقنة واحدة من لقاح "أسترازينيكا" تكفي للمناعة.
وأضاف رئيس النقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، أن تجنب أيِّ انفجارٍ وبائي محتمل في بلادنا، يتأتى حتما باحترام التدابير الوقائية، وهي إجراءاتٌ بحسب المتحدث، كفيلة بتسريع إكساب المغاربة مناعةً جماعية حتى في ظل عدد حقنات أقل من اللقاح، حيث إن الوضع الوبائي الجيد يُمكّن من تحقيق هذا الهدف بتلقيح 60 إلى 70 في المائة من الساكنة فقط، بينما إذا تعقد هذا الوضع فإن ذلك يتطلب تطعيم 80 إلى 90 في المائة.
وختم بدعوة المواطنين إلى الصبر خلال الأسابيع المقبلة، حتى نكسب الرهان ونصل إلى المناعة الجماعية في أفق نهاية الربيع وبداية الصيف القادم.
ويذكي تأخر إمدادات المغرب باللقاحات، مخاوف حقيقية من توقف الحملة الوطنية للتلقيح التي حققت أرقاما مشرفة إقليميا وقاريا ودوليا. وقد زادت هذه المخاوف، عشية البلاغ الصادر مساء الأحد الأخير عن وزارة الصحة، الذي دعا "المواطنين الذين تعذر تلقيحهم إلى تجنب ولوج مراكز التلقيح وانتظار برمجة موعد جديد لهم"..
وبالأرقام، فقد تجاوز عدد الملقَّحين في بلادنا أربعةَ ملايين ومائتي وخمسين ألف شخص، بالحقنة الأولى، ما يعني أن مخزون ثمانية ملايين وخمسمائة ألف حقنة الذي يتوفر عليه المغرب نفد فعليا. غيرَ أن خبراء يتمسكون باستمرارية حملة التلقيح، ويبشرون بوصول شحنات جديدة من اللقاحات في أي لحظة بعدما تمت إجراءات ذلك.
وقد أعرب مولاي المصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء، عن تفاؤله بوصول شحنات جديدة من اللقاح قريبا إلى بلادنا، مضيفا في تصريح ل"العلم"، أن المغرب قام بالإجراءات اللازمة لتسلم هذه الشحنات، ومن عدة مصادر لضمان استمرارية الحملة الوطنية للتلقيح، التي يشدد هذا الخبير على أنها مستمرة.
ولم ينفِ الناجي، أن خزان اللقاحات في بلادنا بدأ ينفد، حيث إن شركة "سينوفارم" الصينية التي وعدت المغرب بخمسة ملايين حقنة لم ترسل له حتى الآن إلا مليون وخمسمائة ألف حقنة، وشركة "أسترازينيكا" الإنجليزية بدورها أرسلت سبعة ملايين حقنة فقط من أصل 18 مليون حقنة وعدت بها المغرب.
واستدرك خبير الفيروسات نفسه، بأن انقراضَ مخزون المغرب من اللقاحات لا يعني توقف الحملة الوطنية للتلقيح، التي تتطلب إذا توقفت عدة إجراءات جديدة لاستئنافها.. وخلص المتحدث إلى أن ذلك كله لا يجب أن يجعلنا نخلق ضجة حوله لأن دفعات جديدة من اللقاح ستأتي ومن عدة مصادر، لكن لا أحد بمقدوره التكهن بموعد محدد لذلك.