تعالت مؤخرا صيحات واحتجاجات المهاجرين المغاربة بإسبانيا بعد مصادقة البرلمان الإسباني الأسبوع الماضي على قانوني الأجانب والانتخابات. وتبعا للتعديلات القانونية التي أدخلت عليهما، فإن تسع جاليات سيسمح لها وللمرة الأولى في تاريخ البلاد بولوج مراكز الاقتراع والمشاركة في الانتخابات البلدية والقروية المقبلة التي ستجرى بإسبانيا سنة 2011. ويتعلق الأمر بجاليات كل من دول الإكوادور وكولومبيا والشيلي والبيرو والباراغواي والرأس الأخضر وترينيداد طوباكو وإسلندا ونيوزيلاندا فيما سقط اسم الجالية المغربية من هذه اللائحة. واشترطت السلطات الإسبانية على الدول التسع المستفيدة من حق التصويت، توفر أفراد جاليتها على بطاقة الإقامة لمدة لا تقل عن خمسة أعوام. ولقد صوت لصالح هذا القانون 185 برلمانيا يمثلون الحزب الاشتراكي والحزب الوطني الباسكي وحزب تحالف الكانارياس، فيما عارض القانون الجديد نواب أحزاب اليسار الموحد والتقدم والديمقراطية الذي تتزعمه «روصادييث» المنشقة عن الحزب الاشتراكي وكذلك نواب الحزب الشعبي، وبلغ مجموع أصوات المعارضة 146 صوتا. وهكذا لن يتمكن أزيد من 700 ألف مهاجر مغربي مقيم بطريقة شرعية بالتراب الإسباني من الإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في مجالس البلديات والجماعات الإسبانية، رغم أن الجالية المغربية تعد الجالية الأكبر عددا بإسبانيا تبعا للإحصائيات الرسمية الصادرة مؤخرا. وحسب وسائل الإعلام الإسبانية فإن سبب حرمان أفراد الجالية المغربية من المشاركة في الاستحقاقات الإسبانية يعود الى تعليق المشاورات والمفاوضات بين مسؤولي البلدين (المغاربة والإسبان) بسبب عدم توصل الجانبين الى حلول ترضي الطرفين، وكذلك بسبب غياب اتفاقيات تخول للإسبان المقيمين في المغرب حق التصويت في الانتخابات المغربية بحكم الدستور المغربي المخالف لباقي الدول السالفة الذكر. ولقد تعالت مؤخرا أصوات العديد من البرلمانيين الإسبان المطالبة بإلحاق اسم الجالية المغربية والصينية ضمن لائحة الجاليات التسع المستفيدة من حق التصويت. وحسب مصادر من وزارة الخارجية الإسبانية فإنه سيستفيد أكثر من 600 ألف مهاجر ينتمون إلى الدول التسع التي تم قبولها من حق الإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات الجماعية المقبلة بإسبانيا. وعلمنا من مصادر إعلامية إسبانية أن البرلمان الإسباني تداول الأسبوع الماضي في ملفات تخص جاليات دول الأرجنتين وبوليفيا والأوروغواي قصد إلحاقها بلائحة الجاليات المستفيدة من حق التصويت في الانتخابات المقبلة، كما أن حكومات مجموعة من الدول الآسيوية والإفريقية منها كوريا الجنوبية وبوركينافاصو وقعتا مؤخرا اتفاقيتين مع نظيرتها الإسبانية من أجل السماح لأفراد جاليتها بالمشاركة في الانتخابات المقبلة، وينتظر أن يصادق عليها البرلمان الإسباني خلال الأيام القادمة. والملاحظ أن مصادقة أعضاء البرلمان الإسباني على القانون الجديد للأجانب لا تزال تثير انتقادات العديد من الهيئات الجمعوية والحقوقية كأمنستي أنترناسيونال فرع إسبانيا وجمعية العمال المغاربة بإسبانيا (أطيمي) اللتين اعتبرتا من خلال بلاغين صادرين عن مكاتبهما المسيرة التعديلات المصادق عليها تتغيا المزيد من تشديد الخناق على المهاجرين. فيما اعتبر أعضاء الحزب الشعبي المعارض القانون الجديد بالمرن وطالب بالمزيد من التشدد من خلال رفع مدة الحجز إلى 70 يوما، كما طالب بإلغاء قانون التسوية بالأقدمية، حيث عادة إذا أثبت المهاجر الذي لا يملك وثائق الإقامة أنه يقيم منذ ثلاث سنوات في إسبانيا بواسطة شهادة سكنى فإنه يمكن أن يحصل على وثائق الإقامة إذا توفر إلى جانب ذلك على عقد عمل. وفي نفس السياق اعتبرت كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بشؤون الهجرة كونسويلو رومي أن الدعم البرلماني للقانون الجديد للأجانب مهم جدا لتفعيل جهود محاربة الهجرة السرية، وأن حكومة خوصي لويس رودريغيز زباطيرو تراهن من وراء إصدار القانون الجديد للأجانب على تسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين في المجتمع الاسباني. ومن بين البنود والتعديلات التي أثارت احتجاجات ومؤاخذات جمعيات المهاجرين البند المتعلق بمدة حجز المهاجرين السريين حيث تم تمديدها إلى 60 يوما بينما كانت محددة في 40 يوما بموجب القانون السابق. كما لوحظ في مضامين القانون الجديد وضع شروط إضافية على قانون التجمع العائلي حيث لن يسمح مستقبلا بالتحاق آباء المهاجرين بأبنائهم خصوصا إذا كان عمرهم يقل عن 65 سنة بالرغم من توفرهم على أوراق الإقامة. ومن التعديلات التي جاء بها القانون الجديد التعديل المتعلق بتسوية وضعية النساء المهاجرات اللواتي تعرضن للعنف بمراكز الإيواء أو الحجز بإسبانيا وكذلك تمكين القاصرين المهاجرين غير المرفقين من حقهم في التعليم حتى وإن كانوا لا يتوفرون على وثائق الإقامة. كما وردت في القانون الجديد مجموعة من العقوبات الزجرية في حق المتساهلين مع الهجرة غير الشرعية في إشارة إلى من يشغل مهاجرا سريا أو من يؤويه فقد يتلقى عقوبات مالية وحتى حبسية. ويذكر أن حوالي 70 هيئة حقوقية وجمعوية ونقابية نظمت منذ أسابيع خلت ومباشرة بعد مصادقة مجلس الوزراء الإسباني على التعديلات التي لحقت قانون الأجانب مظاهرات حاشدة بالعديد من المدن والقرى الإسبانية للتعبير عن رفضها المطلق له. ويرى العديد من المحللين والمختصين في شؤون الهجرة بإسبانيا أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيدا خطيرا من طرف التنظيمات والهيئات المدافعة عن المهاجرين خصوصا أثناء عرض القوانين سالفة الذكر على أنظار أعضاء الغرفة الثانية بالبرلمان الإسباني.