بالرغم من كون المهاجرين المغاربة يشكلون أكبر كتلة أجنبية بإسبانيا، فإنهم لن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية الإسبانية المقبلة لسنة 2011. وذكرت مصادر إسبانية ل«المساء» أن المهاجرين المغاربة القاطنين بصفة قانونية في إسبانيا، والبالغ عددهم 654.338 إلى غاية 30 شتنبر الماضي، لن يتمكنوا من التصويت على غرار مهاجرين أجانب من دول أخرى. وذكرت المصادر ذاتها أن حكومة عباس الفاسي لم تستجب للطلب الموجه إليها منذ أكثر من سبعة أشهر، وهو الطلب الذي وجهته الحكومة الإسبانية إلى المغرب من أجل إحداث بعض التعديلات بخصوص بعض القوانين التي قد تسمح للمهاجرين المغاربة بإسبانيا بالإدلاء بأصواتهم حول اختيار رؤساء البلديات وعمداء المدن، حيث يحول الدستور المغربي دون السماح لهم بالتصويت. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية والتعاون الإسبانية يوم أول أمس إن المغرب وافق السنة الماضية على دراسة وإجراء بعض التعديلات في بعض فصول القانون من أجل التوصل إلى اتفاق «المعاملة بالمثل» بالنسبة إلى الناخبين المهاجرين المغاربة بإسبانيا ونظرائهم الإسبان القاطنين بالمغرب، وهو التعديل الذي كان سيسمح للجالية الإسبانية القاطنة في المغرب بالتصويت في الانتخابات البلدية المغربية و»المعاملة بالمثل» بالنسبة إلى المغاربة بإسبانيا، لكن -يقول المتحدث الرسمي- فإن «الحكومة المغربية لم تقبل مؤخرا بهذا المقترح»، رغم أن الحكومة الإسبانية «تولى عناية خاصة للمغرب بهذا الخصوص، حتى لا يفسح المجال للحديث عن تهميش للمهاجرين المغاربة». وسوف يغيب المغاربة من قائمة 15 دولة قبلت التفاوض على المقترحات الإسبانية التي ستسمح لمواطنيها بالتصويت في الاستحقاقات البلدية لسنة 2011. وحسب مصادرنا، فإن عدد المهاجرين الأجانب بإسبانيا، والذين سيسمح لهم بالتصويت، يبلغ 900 ألف ناخب، والذي يقتصر على المهاجرين الذين قضوا أكثر من 5 سنوات بالجارة الشمالية إسبانيا. ويأتي الإكوادوريون على رأس قائمة الناخبين ب327 ألفا و209 ناخبين، ثم كولومبيا ب226 ألفا و48 ناخبا. وسيتمكن كذلك حوالي 82 ألفا و800 أرجنتيني، يقيمون بصورة شرعية في إسبانيا منذ أكثر من خمس سنوات، من التصويت في الانتخابات البلدية الإسبانية المقبلة، بموجب اتفاق وقعه الأسبوع الماضي وزيرا خارجية البلدين. وعقدت إسبانيا حتى الآن اتفاقين من النوع نفسه الأسبوع الماضي مع البيرو وكولومبيا. أما الإكوادور فستوقع اتفاقا مماثلا في 25 فبراير الجاري. وأجرت مدريد في الفترة الأخيرة مفاوضات للمعاملة بالمثل مع 15 بلدا، يستطيع رعاياها التصويت في الانتخابات البلدية، بيد أن المغرب رفض العمل بها. وأكد وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس أن إسبانيا هي البلد الأول في الاتحاد الأوروبي التي تمنح الأجانب حق التصويت في الانتخابات البلدية. وعندما تدخل هذه الاتفاقات حيز التطبيق، سيستطيع حوالي مليون مهاجر المشاركة في هذه الانتخابات. وسبق لنائبة رئيس الحكومة الإسبانية، ماريا تيريسا دي لافيغا، أن أعلنت أن الحكومة الإسبانية ستعين سفيرا خاصا للقيام بالمهام الخاصة بالتفاوض مع البلدان الأصلية للمهاجرين المتواجدين على ترابها، لتسهيل عمليات تصويتهم في الانتخابات البلدية المقبلة في إسبانيا. وكشفت دي لافيغا عن قرار التعيين أثناء اجتماع اللجنة الدستورية لمجلس النواب لشرح الإصلاحات الممكنة لقانون الانتخابات الإسبانية. وأكدت حينها نائبة ثاباتيرو عن رغبتها في تصويت المهاجرين المقيمين بصفة قانونية في إسبانيا في الانتخابات البلدية، مضيفة أن قرار تعيين السفير الخاص يأتي من أجل التفاوض مع بلدان المهاجرين الأصلية لتوقيع «اتفاقيات المعاملة بالمثل» مع جالياتهم المتواجدة بالخارج وكذلك مع المواطنين الإسبان المقيمين بشكل قانوني داخل المغرب، حيث ينص الدستور الإسباني على «المعاملة بالمثل» إزاء الدول التي تعترف بتصويت الأجانب. ويشكل المغاربة أكبر مجموعة من المهاجرين بإسبانيا، حيث يبلغ عددهم 906675 مهاجرا قانونيا وفق الإحصائيات الإسبانية الرسمية، يليهم المهاجرون الإكواتوريون برقم 413642، فيما يبلغ عدد المهاجرين من دول الشيلي والأرجنتين وكولومبيا وأوروغواي وفنزويلا 453000. وتبحث الحكومة الإسبانية سبل إمكانية التوقيع على معاهدات مماثلة مع بوليفيا وباراغواي وبيرو وإيرلندا، فيما رفض المغرب العمل بها، حيث توجد «صعوبات خاصة» في تطبيق «المعاملة بالمثل» بخصوص تصويت الإسبان فوق أراضيهم، كما هي الحالة في الصين التي يبلغ عدد مهاجريها بإسبانيا 126057 مهاجرا. أما بخصوص دول الإكوادور والبرازيل وغواتيمالا وجمهورية الدومينيك، فإن مبدأ «المعاملة بالمثل» يتوقف على إحداث تغيير في دستورهم الوطني، وفي حالة الهند والجزائر وباكستان فإن الأمر -تقول دي لافيغا- يتوقف على الاتفاق على تعديل قوانينها الانتخابية. واقترحت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية إمكانية قيام مواطنيها القاطنين في الخارج بالتصويت في الانتخابات الإسبانية عبر شبكة الأنترنت، أو ما يسمى التصويت الإلكتروني، تفاديا للصعوبات التقنية التي تحدث داخل مصالحها القنصلية والدبلوماسية بالخارج. وكان الكاتب العام للحزب الاشتراكي العمالي بإسبانيا، خوسي بلانكو، قد صرح بأن حزبه سيتقدم بمشروع قرار يمنح حق التصويت للمهاجرين بإسبانيا، مطالبا جميع القوى السياسية بالبلاد بالتفكير في الأمر بجدية والمساهمة في إخراجه إلى حيز الوجود. وأكد بلانكو أن التعديلات المتعلقة بقانون الانتخابات يجب أن تكون محط إجماع من طرف جميع القوى السياسية بالبلاد، كما أعرب عن أمله في أن ينضم الحزب الشعبي إلى هذه المبادرة ويدعمها لأنها تتعلق بمستقبل إسبانيا السياسي وستساهم في الاندماج الفعلي للمهاجرين.