لطيفة أيت باعلا رئيسة الحركة الدولية للنساء في حوار مع «العلم» بمناسبة مشاركتها في أشغال اللجنة الرباعية للأمم المتحدة قالت لطيفة أيت باعلا إنه من حق المغرب أن يتساءل أكثر من أي وقت مضى عن أسباب رفض الجزائر السماح للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين الاضطلاع بمهمتها وإجراء إحصاء موثوق وفقا للمعايير الدولية لمحتجزي تيندوف كما أن الطابع الغامض لهذه المخيمات ورفض الجزائر والبوليساريو السماح بدخولها أديا إلى إحياء ممارسات تعود إلى عصور غابرة محظورة من لدن المجتمع الدولي من قبيل الاستعباد الذي يشجع انتشاره الإفلات من العقاب. وحول سفرها إلى نيويورك أكدت أن الهدف من ذلك هو توضيح وجهة نظرنا بخصوص مقترح المملكة المغربية الداعي إلى منح الأقاليم الجنوبية من الصحراء المغربية حكما ذاتيا تحت سيادة المغرب كما استعرضت بالمناسبة مختلف الانجازات والاوراش التي تحققت في الصحراء المغربية وتطرقت كذلك لمعانا, المحتجزين في مخيمات الذل والعار والرذيلة وما تعرفه من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان واستغلال للبشر والمتاجرة الجنسية باللاجئين في مخيمات تيندوف. وأضافت أن المغرب انخرط بتقديم مبادرة للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء في إطار سياسة المملكة ووحدتها الترابية الوطنية، وهي مبادرة تمكن كافة الصحراويين، سواء الموجودين في الداخل أو الخارج من تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية متمتعة باختصاصات حصرية. كما ستوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كافة المجالات. *********************** قمتم مؤخرا بزيارة لنيويورك ما الهدف من ذلك؟ > سافرت إلى نيويورك خلال شهر أكتوبر من هذه السنة وذلك على غرار السنوات الماضية والتي تعودنا فيها الذهاب إلى نيويورك من اجل تقديم مجموعة من الخلاصات ضمن اللجنة الرباعية لمنظمة الأممالمتحدة وهي اللجنة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة بإنهاء الاستعمار وتعتبر من اللجان الهامة في الجمعية العامة حيث تبحث فيها العديد من البنود الهامة خاصة المسائل المتعلقة بالصحراء المغربية وضرورة إيجاد حل لهذا النزاع المفتعل. ويبقى الهدف من حضورنا هو توضيح وجهة نظرنا بخصوص مقترح المملكة المغربية الداعي إلى منح الأقاليم الجنوبية من الصحراء المغربية حكما ذاتيا تحت سيادة المغرب كما استعرضنا بالمناسبة مختلف الانجازات والاوراش التي تحققت في الصحراء المغربية كما تطرقنا كذلك لمعاناة المحتجزين في مخيمات الذل والعار والرذيلة وما تعرفه من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان واستغلال للبشر والمتاجرة الجنسية باللاجئين في مخيمات تندوف. إن المعلومات التي نحصل عليها لاتمكننا في حقيقة الأمر من معرفة أدق التفاصيل عن الأوضاع المزرية التي تعرفها مخيمات الحمادة وذلك لعدم السماح للمراقبين من الدخول إلى هذه المخيمات وكذا إحصاء اللاجئين ودراسة معاناتهم اللا إنسانية، أضف إلى ذلك سرقة المعونات والمساعدات الدولية. وأود أن أضيف إلى أن التحقيقات التي تصدرها المؤسسات الأوربية تبين مدى الاختلاسات التي تطال هذه المعونات على يد مرتزقة البوليساريو وبدعم بطبيعة الحال من الجزائر واعتقد انه لولا الجزائر لما تواجد البوليساريو وتمكنوا من البقاء. ماذا عن المقترح المغربي وموقف المجتمع الدولي؟ > أود أن أشير إلى القرار رقم 1754 الذي صودق عليه بالإجماع في مجلس الأمن الدولي، ويدخل ذلك في إطار المشروع الذي تقدمت به المملكة المغربية سنة 2007 إلى ألامين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» ضمن المساعي التي يقودها المغرب لطي ملف الصحراء المغربية المفتعل. ويمكن القول إن المحاولات السابقة قد فشلت حيث دام النزاع أكثر من 34 سنة دون التوصل إلى حل نهائي لهذه القضية. فمنذ 1975 أصدرت محكمة العدل الدولية حكما بوجود روابط تاريخية بين المملكة المغربية وأقاليمنا في الصحراء روابط البيعة والولاء بين القبائل الصحراوية وملك المغرب. والآن تحاول بعض الجهات إعطاء تفسيرات مغلوطة لحكم محكمة العدل الدولية انه قرار قانوني واضح يؤكد مغربية الصحراء. و قرار الأممالمتحدة رقم 1754 الذي يعتبر مقترحات المغرب الخاصة بالحكم الذاتي ايجابية وحكيمة من شانه حل هذه المشكاة وطيها بصفة نهائية وهذا المقترح المطروح على الطاولة جدي وذو مصداقية وديمقراطي وهو يستجيب كذلك لرغبة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والذي سيمكن الأقاليم المغربية من تسيير شؤونها المحلية. لقد عبّر الخطاب الملكي لسنة 2004 عن رغبة المغرب في إيجاد حل سياسي نهائي ومتفق عليه بالنسبة للخلاف المفتعل حول الصحراء المغربية، وأكد جلالة الملك أنه لن يدخر جهدًا في التعامل مع الأممالمتحدة والدول المجاورة وغيرها من شركاء المغرب من أجل الوصول إلى هذا الهدف. وإيجاد حل سياسي نهائي في تعاون تام مع الأممالمتحدة ؛ ولذلك انخرط المغرب بتقديم مبادرة للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء في إطار سياسة المملكة ووحدتها الترابية الوطنية، مبادرة تمكن كافة الصحراويين سواء الموجودين في الداخل أو الخارج من تدبير شئونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية متمتعة باختصاصات حصرية. كما ستوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كافة المجالات. كما أكد المغرب أن مشروع الحكم الذاتي المغربي يقوم على ضوابط ومعايير معترف بها عالميًّا ومستمدة من الأحكام الدستورية المعمول بها في الدول القريبة جغرافيًّا وثقافيًّا. وقد منح هذا المشروع اختصاصات واسعة للصحراء في إطار الحكم الذاتي. وأقر المشروع مسار الموافقة على نظام الحكم الذاتي وتفعيله. وفي هذا المحور قرر المغرب أن الحكم الذاتي سيكون ضمن استشارة ديمقراطية طبقًا للشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن؛ ليكون أيضا بمثابة ممارسة حرة من لدن السكان في إطار السيادة الوطنية ووحدة المغرب الترابية. يتبين إذن من المبادرة المغربية أن للمغرب إرادة قوية وواضحة لحل النزاع المفتعل حول الصحراء، وقد عبر عن التزامه لمنح الصحراويين حق تقرير المصير وذلك للانضمام إلى الوطن الأم. ونحن على استعداد للمفاوضات والجولات القادمة التي ستكون شاقة وصعبة وفيها العديد من المناورات والمكائد السياسية ذات الأبعاد الإقليمية والدولية، فالأمر لن يكون بالسهل وباليسير، بل إن التفاوض مع البوليساريو هو التفاوض مع الجزائر التي تُعَدّ عائقًا لإفشال أي تقارب بين الصحراويين ووطنهم الأم المملكة المغربية. كيف ينظر مجلس الأمن إلى العراقيل التي تضعها الجزائر أمام مقترح المغرب؟ > جاء تصويت مجلس الأمن الدولي على هذا القرار بعد تقديم المغرب أمام أعضائه المبادرة المغربية للتفاوض حول نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء في 11 إبريل 2007، بل تحدث القرار عن «المقترح المغربي» ورحّب «بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى المضي قدمًا بالعملية صوب التسوية»، وهذه نقطة إيجابية تسجل للمغرب؛ لأنه لأول مرة يعترف مجلس الأمن بالجهود المغربية في ملف الصحراء. أما بالنسبة لمجلس الأمن فيجب أن تتوفر الإرادة السياسية عند أعضائه الدائمين للضغط على الجزائر قبل البوليساريو لقبول التفاوض بحسن نية والاستفادة من الطرح المغربي لنظام الحكم الذاتي الذي يمنح للصحراويين صلاحيات واسعة لتدبير شؤونهم. وما دام جلّ أعضاء مجلس الأمن قد اعتبروا المبادرة المغربية مبادرة جادة وذات مصداقية، فيجب أن يفرضوها كإطار للتفاوض مع الطرف الآخر. وتعتبر الجزائر التي تغاضى القرار الأممي عن ذكرها طرفًا أساسيًّا من الأطراف المهمة إن لم نقل الفاعلة الأساسية. ذلك أن البوليساريو لا وجود له دون الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي والعسكري واللوجستي الجزائري. ويجب على مجلس الأمن وأمينه العام أن يفهما جيدًا أن الجزائر تضع العراقيل أمام وحدة المغرب الترابية . أما البوليساريو فهي بين مفترق طرق، وعليها أن تستغل العرض المغربي الذي يمنح كثيرًا من الصلاحيات للصحراويين. وأن يقتنع البوليساريو بأن قرار مجلس الأمن في موضوع الصحراء لا يتضمن حق تقرير المصير الداخلي وحق الانفصال؛ إذ ليس للأقليات حق تقرير مصير يمكنها من أن تحتج به للمطالبة بانفصالها عن إقليم الدولة. الأكيد أن القرار الأممي الجديد قد أخرج قضية الصحراء من حالة الجمود لإعطائها دينامية جديدة وذلك عبر المفاوضات المباشرة بين أطراف الصراع، لكن هذا التفاوض سيضع المغرب على محك حقيقي وتحديات جديدة لمواجهة كل الأطماع الخارجية؛ لأن ما سيأتي لن يكون سهلاً على المغرب وعلى أكثر من صعيد. فعداوة 34 سنة لن يمحوها شهران من التفاوض أو قرار أممي دون أن تتوفر الإرادة السياسية القوية عند كل الأطراف المعنية بملف الصحراء، خصوصًا وان الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأت تقتنع بأن من مصلحتها الجيوسياسية والإستراتيجية أن تجد حلاًّ لهذا الصراع المفتعل في المملكة المغربية والذي أصبحت فيه الصحراء إحدى الفضاءات المفضلة للإرهابيين في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها مخيمات تيندوف. ماهو موقف الأممالمتحدة من هذه الأوضاع المأساوية في مخيمات تندوف؟ > لقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن حالة انتهاك لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف بشكل صارخ. وأمام تدهور الوضع الإنساني لهؤلاء المحتجزين، فإنه من حق المغرب أن يتساءل أكثر من أي وقت مضى، عن أسباب رفض الجزائر السماح للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، الاضطلاع بمهمتها وإجراء إحصاء موثوق وفقا للمعايير الدولية لمحتجزي تيندوف، كما أن الطابع الغامض لهذه المخيمات ورفض الجزائر والبوليساريو السماح بدخولها أديا إلى إحياء ممارسات تعود إلى عصور غابرة محظورة من لدن المجتمع الدولي من قبيل الاستعباد الذي يشجع انتشاره الإفلات من العقاب وغياب إعمال القانون. هذه الوضعية تعتبر مثار قلق في المغرب والمجتمع الدولي برمته بالنظر لحجم واستمرار انتهاكات أبسط حقوق هؤلاء المحتجزين مما يتطلب تحديد المسؤوليات إزاء هذه الانتهاكات التي تقع فوق التراب الجزائري، كما أن الجزائر بإيوائها هذه المخيمات فوق أراضيها تتحمل المسؤوليات بموجب القانون الدولي والمعاهدات ذات الصلة التي أنضم لها هذا البلد. هل هناك معطيات دقيقة رسمية حول عدد المحتجزين بمخيمات تيندوف؟ > لقد حددت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عدد المحتجزين في مخيمات تندوف في 90 ألف شخص، معيدة النظر في الرقم المبالغ فيه الذي قدمته الجزائر حيث لازالت مستمرة في عدم قبول إحصاء هؤلاء المحتجزين في مخيمات تيندوف. وتشير آخر المعطيات إلى أن عدد المحتجزين يبلغ 50 ألف محتجز والمغرب لازال يطالب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالعمل على إحصاء هؤلاء المحتجزين فوق الأراضي الجزائرية وفق المعايير الدولية وجمع معطيات ديمغرافية دقيقة عن أصول هؤلاء لكن الجزائر ترفض إجراء أي إحصاء لهؤلاء وتصر على تقديم أرقام مبالغ فيها. كلمة أخيرة. أعتقد أن من مصلحة كل الأطراف إيجاد حل لهذا الصراع المفتعل والذي طال أمده. كما أن الروابط التي تجمع المغرب بالصحراء المغربية روابط تاريخية وعرقية واقتصادية واجتماعية. فعلى الجزائر أن تتجاوز خلافاتها مع المغرب والمس بوحدته الترابية وبناء وحدة المغرب العربي، على غرار ما حدث في سبيل بناء أوروبا الموحدة و حتى يكون المغرب العربي قادر على الاستفادة من التجربة الأوروبية لبناء وحدة مغاربية تعود على شعوبها بالرفاهية .
بطاقة لطيفة ايت باعلا مغربية الأصل وهي قانونية حاصلة على دبلوم في القانون من جامعة كرونوبل بفرنسا والقانون الأوربي من جامعة جنيف بسويسرا كما تشتغل كذلك مستشارة سياسية بمجلس النواب البلجيكي و كذلك مستشارة سياسية بالبرلمان الأوربي و برلمان بروكسيل وبرلمان المجموعة الفرنسية البلجيكية . وهي خبيرة في القانون الدولي والمؤسسات الدولية والأوربية ولديها إطلاع واسع في عمل مؤسسات الأممالمتحدة والاتحاد الأوربي. وخاضت تجارب سياسية ضمن الحزب الليبرالي البلجيكي gلحركة الإصلاحية. وفي سنة 2004 تقدمت للانتخابات الأوربية ضمن لائحة حزب الحركة الإصلاحية التي يقودها لوي ميشيل المفوض الأوربي للشؤون الإنسانية. وفي سنة 2006 كانت مرشحة لانتخابات الجمعية الفرنسية بالخارج. وشاركت منذ سنوات في أشغال الأممالمتحدة حول مسألة الصحراء المغربية والدفاع عن مشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية ضمن اللجنة الرابعة بنيويورك ومجلس حقوق الإنسان بجنيف. لطيفة ايت باعلا معروفة بمشاركتها وإعدادها للقاءات حول الصحراء المغربية بهدف تحسيس الرأي العام الأوربي والبلجيكي حول مسألة الصحراء المغربية فخورة لمشاركتها في قافلة الصحراء التاريخية برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في نوفمبر 2005 ضمن التحالف العالمي للمغاربة بالخارج. ساهمت في إنجاز وتأليف كتب حول إسلام بلجيكا ضرورة الاندماج وحرية التدين لمؤلفه دانيس دوكارم. كما أعدت دراسة حول العراقيل القانونية لولوج سوق الشغل بالنسبة للنساء المهاجرات داخل المجموعة الأوربية سنة 1993. لطيفة ايت باعلا صاحبة مجموعة من التقارير حول الهجرة ساهمت في انجاز مقالات للمجلة الشهرية الخاصة بمغاربة بلجيكا ماروكسلوا وعضو جمعية معرفة وتنمية رئيسة الحركة الدولية للنساء تكشف للعلم عن فحوى مداخلتها مؤخرا في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة.