يبدو أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية دفعت الحكومة إلى اعتماد توجهات جديدة حذرة في إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2010 ، تأخذ بعين الاعتبار تضرر نمو العديد من القطاعات الإنتاجية،بسبب انخفاض الطلبات الخارجية الموجهة إلى المغرب. ويرتكز مشروع القانون المالي ، حسب الرسالة التوجيهية ، على اختيارات الحكومة الساعية لدعم وتيرة النمو والتشغيل وتقوية الطلب الداخلي من خلال تسريع وتيرة إنجاز الإستثمارات بالقطاعين العمومي والخاص، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو توجه تأكد خلال السنوات القليلة الماضية، حيث عرفت الاستثمارات العمومية نموا مطردا ، إذ انتقلت من 82 مليار درهم سنة 2007، إلى 135 مليار درهم سنة 2009، أي بزيادة 65%، وهكذا تواصلت الأشغال لإنجاز الأوراش الكبرى المهيكلة في قطاعات الموانئ والطرق والطرق السيارة والسكك الحديدية والمطارات والطاقة والسياحة والصناعة والمعادن والتهيئات الحضرية، مع إيلاء أهمية خاصة لقطاع البناء والأشغال العمومية والسكن الاجتماعي. وفي الإطار نفسه ، واصلت الحكومة جهودها لحث القطاع الخاص على المزيد من الاستثمار والإنتاج، خاصة في القطاعات الحاملة للقيمة المضافة والمحدثة لفرص الشغل، والاهتمام بتحسين مناخ الأعمال، ومواصلة إصلاح النظام الجبائي لتخفيف الضغط على المقاولات وتحسين تنافسيتها، واحداث مناطق صناعية مندمجة مجهزة تجهيزا ملائما طبقا للمواصفات الدولية وحسب متطلبات مختلف القطاعات، والعمل على تعزيز الكفاءات التدبيرية والتقنية لدى المقاولات عبر التكوين والتكوين المستمر لفائدة الموارد البشرية. ويندرج هذا السياق أيضا، العمل الهيكلي لتطوير الصادرات، حيث تعمل الحكومة في هذا الصدد على إعداد مخطط شمولي مندمج على المديين المتوسط والطويل، من شأنه أ يمكن المغرب من تعزيز تموقعه في الأسواق الخارجية وإحداث تغيير هيكلي في تجارتنا الخارجية . وبهدف تحصين القدرة الشرائية للمواطنين وتقويتها، حرصت الحكومة على تنفيذ التزاماتها تجاه الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين في إطار الحوار الاجتماعي، ومواصلة الجهود لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية والتحكم في الأسعار بواسطة صندوق المقاصة. ويستند المشروع أيضا ، على الإسراع بأجرأة السياسات الهيكلية في عدد من القطاعات الإنتاجية، مع إعطاء الأولوية القصوى لبعض الإصلاحات الإستراتيجية التي تهم قطاعي القضاء والإدارة، حيث تتم بلورة مخطط متكامل الأهداف يروم تعزيز استقلال القضاء، وتحديث المنظومة القانونية، وتأهيل الهياكل والموارد البشرية، والرفع من النجاعة القضائية، وترسيخ التخليق وحسن التفعيل، و مواصلة مسلسل اللاتمركز واللاتركيز، واتخاذ التدابير المرتبطة بتبسيط المساطر، وتطوير مجال الإدارة الإلكترونية وتخليق الحياة العامة. وبالإضافة إلى المخططات الإستراتيجية التي تم إطلاقها في قطاعات السياحة والصناعة والخدمات والصناعة التقليدية والتجارة الداخلية، سيتم التركيز على تفعيل الجيل الجديد من الإصلاحات في بعديها الشمولي والترابي، والتي تهم مخطط المغرب الأخضر و الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي و الاستراتيجية الجديدة للطاقة واستراتيجية الماء واعتماد سياسة بيئية تدمج البعد الإيكولوجي في مختلف السياسات العمومية والمشاريع التنموية وبلورة استراتيجية لتطوير التكنولوجيات الجديدة والاقتصاد الرقمي . أما بخصوص السياسة الاجتماعية للحكومة ، فيتم الارتكاز على إرساء ميثاق اجتماعي جديد يقوم على تثمين العنصر البشري، وتقوية الحماية الاجتماعية، والحفاظ على القدرة الشرائية، ومحاربة الفقر والهشاشة لتحسين ظروف عيش المواطنين وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى، وفي هذا الأفق،يتم الانكباب على النهوض بقطاع التربية والتكوين أولى الأولويات بعد الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وإصلاح قطاع الصحة انطلاقا من «مبدإ الحق في الصحة للجميع» وتطوير السكن الاجتماعي مع التركيز على إنجاز الوحدات السكنية ذات التكلفة المنخفضة، وتعزيز آليات التضامن الاجتماعي من خلال التعمم التدريجي لنظام المساعدة الطبية لفائدة ذوي الدخل المحدود والمعوزين؛ وإصلاح نظام المقاصة في اتجاه تحسين استهداف الفئات المعوزة، وإحداث نظام التعويض عن فقدان الشغل، مع إصلاح أنظمة التقاعد؛ و تحسين ظروف عيش المواطنين بإعطاء الأسبقية لسكان المناطق الجبلية و الجهات التي تعرف خصاصا تنمويا، و توسيع وتقوية الطبقة الوسطي، وفي هذا الإطار تؤكد الحكومة حرصها على تحصين القدرة الشرائية عبر مواصلة دعم الأسعار مع استهداف الفئات المعوزة، والتخفيض من نسب الضرييبة على الدخل لفائدة الشرائح الوسطي من الموظفين والأجراء. والإعفاء الضريبي لذوي الدخول الدنيا. وتبرز الرسالة التوجيهية أهمية اتخاذ التدابير اللازمة لدعم القطاعات المصدرة والأنشطة السياحية وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وتدفق الاستثمارات الخارجية التي تعد من الأنشطة الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة العالمية، حيث الضرورة تستوجب الحفاظ على مناصب الشغل والكفاءات الموجودة وعلى القدرات الإنتاجية والتصديرية للنسيج الاقتصادي الوطني ، وقد تم فعلا إحداث لجنة استراتيجية لليقظة لتتبع الوضع عن كثب وتم اتخاذ عدد من التدابير ، سيمتد العمل بها إلى آخر السنة الحالية، تهم قطاعات النسيج والألبسة، والجلد، وتجهيزات السيارات، والإلكترونيات، والسياحة، وكذا تحويلات مواطنينا في الخارج. وتتوزع أهم التدابير المتخذة على الجوانب التالية : تدابير ذات طابع اجتماعي لحث المقاولات المصدرة على الحفاظ على مواردها البشرية مقابل تغطية الدولة لجزء من التحملات الاجتماعية؛ تدابير ذات طابع تجاري متمثلة في دعم المجهودات التجارية للمقاولات وتقليص تكلفة تأمين التصدير؛ إقرار تدابير لتعزيز التكوين داخل المؤسسات المصدرة المتضررة لتحسين إنتاجيتها وتنافسيتها وتهييئها لما بعد الأزمة؛ إقرار امتيازات لتحفيز مواطنينا المقيمين بالخارج على الاستثمار من خلال إحداث صندوق خاص لهذه الغاية وتسهيل سبل امتلاكهم دور سكناهم وتسهيل عمليات تحويل مدخراتهم مع تقليص تكاليفها، تدابير تهم قطاع السياحة ترمي إلى جذب السياح مع التركيز سواء على بعض الوجهاتالجديدة، أؤ تلك الوجهات الي تتميز بقدراتها الاستقبالية..