تطرقت« مجلة إيكونومست» البريطانية إلى ما أثير مؤخرا عن لجوء المخابرات المركزية الأميركية إلى وسائل تحقيق قاسية قد ترقى إلى مستوى التعذيب. فقالت إن الرئيس باراك أوباما ذكر أنه لا يريد التركيز على مسألة إن كانت وكالة المخابرات المركزية قد لجأت في الماضي إلى تعذيب المعتقلين داخل سجون سرية في الخارج رغم أن وزارة العدل تقترح ذلك. و نشرت الوزارة تقريرا يوم 24 غشت الماضي عن وسائل التحقيق الخاصة بالوكالة أعدته لجنة المراقبة الداخلية في الوكالة عام 2004. وعلاوة على ذلك، فقد قال المدعي العام الأميركي، إيريك هولدر، إن محققا خاصا سيقرر إن كانت هناك ضرورة لفتح تحقيق جنائي في أساليب التحقيق التي مارسها العاملون في الوكالة أو المتعاقدون معها. ويضم تقرير الوكالة تفاصيل جديدة عن أنباء غير سارة هي الأسوأ منذ نشر الصور التي كشفت عن سوء معاملة الجنود الأميركيين للمعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب عام 2004. ورغم أن الكشف عن مثل تلك المعلومات لم يعد يثير الصدمة بعد نشر الصور في أبو غريب بالعراق, فإن التقرير يكشف عن ممارسة لنماذج من أساليب تحقيق فظة. فقد هدد المحققون المعتقل عبد الرحيم النشيري بمسدس ومقدح كهربائي أثناء التحقيق معه بتهمة المشاركة في تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» عام 2000. كما لجأ أحد الضباط إلى نفث دخان السجائر على وجه المعتقلين لدقائق لدفعهم على التقيؤ بينما قام آخر بوضع المعتقل في وضع صعب بالضغط على شرايينه لمنع تدفق الدم إلى دماغه مما تسبب في إغمائه بشكل متكرر. التهديدات أيضا كانت شائعة الاستخدام ، فقد تحدث أحدهم بلهجة إحدى الدول العربية -التي بقي اسمها طي الكتمان- إلى النشيري قائلا له: «بإمكاننا إحضار أسرتك هنا» من أجل دفعه للاعتقاد بأن المحققين سينتهكون أعراض قريباته أمام عينيه. وواجه خالد شيخ محمد -الذي يوصف بالعقل المدبر لهجمات 11 شتنبر- بأنه سيتم قتل أولاده إذا ما وقع هجوم آخر على الولاياتالمتحدة. هذه الانتهاكات وغيرها مما ورد في التقرير , تعتبر غير شرعية بموجب القانون الأميركي, ولم يسمح بممارستها. وقال هولدر إن هناك محققا خاصا في هذه القضية يدعى جون دورهام. وسيقرر دورهام -الذي حقق في قضية إتلاف وكالة المخابرات المركزية أشرطة تصور أساليب التحقيق- إن كان من المناسب توجيه اتهامات للمحققين, أما الرئيس أوباما ورغم رغبته في تجاوز الماضي فقد قال إنه سيؤيد محاكمة الضباط الذين تجاوزوا حدود صلاحياتهم. وهذا معناه أن الضباط من صغار الرتب وبعض المتعاقدين المدنيين مع الوكالة , هم من ستوجه لهم التهم , مما سيثير حفيظة العديد من نشطاء حقوق الإنسان الذين جاهروا بانتقاداتهم لأنشطة وكالة المخابرات المركزية في السنوات الأخيرة ، وطالبوا بمحاسبة صناع القرار في إدارة الرئيس السابق جورج بوش الذين أصدروا الأوامر باستخدام الأساليب الوحشية في التحقيق. ومن تلك الأساليب التعذيب عن طريق الإيهام بالغرق , وحرمان المعتقلين من النوم , وتعريض المعتقلين إلى أوضاع يتعرضون فيها إلى الضغوط الجسدية , وضرب رؤوس المعتقلين بالجدران. وفي توافق نادر للمصالح يقول نشطاء حقوق الإنسان ووكالة المخابرات المركزية بأنه ليس من العدل معاقبة صغار الضباط فقط.