انعرجت التطورات الأمنية داخل مخيمات الرابوني، التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو الانفصالية نحو اتجاهات خطيرة جدا، بعدما واجهت مليشيات الجبهة الانفصالية الحركة الاحتجاجية السلمية، التي يخوضها سكان تلك المخيمات بإجراءات قمعية خطيرة، وصلت حد الإعتداءات الجسدية على المتظاهرين بواسطة «بلطجية» مسخرة، وشن حملة اعتقالات واسعة جدا، والأدهى من ذلك أن مجموعة من المواطنين المحتجين اقتيدوا إلى السجن مباشرة، ربما بسبب اكتظاظ المعتقلات السرية والعلنية منها. كل هذه التطورات تبدو في نظرنا طبيعية، لأن قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية والخالدة في مناصبها، ومن خلالها المخابرات العسكرية الجزائرية لا تسمح للمواطن في المخيمات بفتح فمه إلا عند طبيب الأسنان، إن وحد هناك أصلا، وبالأحرى أن تسمح للمواطنين بممارسة حقهم المشروع في الاحتجاج على تقييد حرية التنقل، وعلى تردي الأوضاع الاجتماعية والسياسية هناك.
لكن ما ليس طبيعيا في رأينا، هو ابتلاع مجموعة من الجهات ألسنتها إزاء هذه التطورات الخطيرة، من قبيل المنظمات الحقوقية، خصوصا في إسبانيا والولايات المتحدة التي تدعي اهتمامها بحقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية، وبعض الصحافيين الأوروبيين الذين يصل بهم الحماس في اشتغالهم على حقوق الإنسان في هذه الربوع حد التنقل إلى أقاليمنا الجنوبية وعقد لقاءات مع أشخاص موالين ماديا لقيادة الجبهة الإنفصالية، وبعض أحزاب اليسار في بعض الدول الأوروبية التي تشارك في اللعب بالورقة الحقوقية في هذا النزاع المفتعل.
فأين اختفى كل هؤلاء إزاء ما يحدث حاليا في مخيمات الرابوني؟ وما هو موقفهم من حملة الاعتقالات بالجملة التي تسعى من خلالها الجبهة الانفصالية إلى كتم أصوات المواطنين؟ طبعا لا أتحدث عمن يوصفون بانفصاليي الداخل، ولا على منظمتهم الحقوقية، لأن الاهتمام بأوضاع حقوق الإنسان في مخيمات الرابوني لا يدخل ضمن اختصاصاتهم، وصلاحية نضالاتهم الحقوقية المفترى عليها تقتصر على حقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية المسترجعة، وإذا كان لكل عمل أجره بالمفهوم القيمي للتعبير، بالنسبة لهؤلاء فإنه لكل عمل حقوقي أجره بمفهومه المادي والمالي تحديدا.
*** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: