نجح خطاب الأمين العام لحزب الاستقلال الذي ألقاه في افتتاح أشغال المجلس الجهوي بالدار البيضاء في تسليط ما يكفي من الأضواء الساطعة حول أوضاع حقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية، ووضع هذه الأوضاع في سياقها الحقيقي والطبيعي. بداية يوضح الأمين العام للحزب الخلفيات الحقيقية التي تحرك إرادة حكام الجزائر وصنيعتهم في جبهة البوليساريو الانفصالية. ويؤكد في هذا الصدد أنه أمام التأثير البالغ الذي ترتب عن تقديم المغرب لمقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية لم تجد الجزائر وصنيعتها البوليساريو من بد ولا من حل غير تغيير ساحة المعركة، فلقد تفهم المجتمع الدولي أهمية المقترح المغربي في إيجاد تسوية سياسية وعادلة ونهائية، وسارعت كبريات العواصم ذات التأثير في القرار العالمي إلى التعبير عن ارتياحها إزاء هذه الخطوة المتقدمة التي أقدم عليها المغرب وأكد إرادته الواضحة والجدية في إيجاد حل عادل بدون غالب ولا مغلوب لهذا النزاع المفتعل، وبذلك اشتد الخناق على الجزائر وصنيعتها ولم يعد للديبلوماسية الجزائرية متسعا من المساحة للعب فيها، فكان لا محيد لها عن اعتماد خطة تبدو لها هجومية تعتمد على آليات حقوق الإنسان. وبطبيعة الحال قدم الأمين العام لحزب الاستقلال قراءة موضوعية لأوضاع حقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية المسترجعة، وقال في هذا الصدد إن المواطنين هناك ينتخبون ويمارسون أنشطتهم في إطار الأحزاب في الأغلبية كما في المعارضة وفي جمعيات المجتمع المدني وفي النقابات وفي التنظيمات المهنية، وأضاف أنهم يخوضون الاحتجاجات كما يفعل المواطنون المغاربة في كافة أرجاء الوطن لأن الحرية السائدة، تتيح لهم ذلك في إطار القوانين المنظمة لذلك، ووجود مثل هذه الاحتجاجات مؤشر حقيقي ودليل قاطع على أن الحرية موجودة وهي الأصل، وأوضح الأمين العام في هذا الصدد أن الحديث عن حقوق الإنسان يجب أن يتوجه إلى الجزائر وإلى مخيمات تندوف حيث تنعدم أبسط مظاهر الحرية واحترام حقوق الإنسان، حيث يمارس القمع بكافة أشكاله، وتكمم الأفواه بسلاسل من حديد، ولا كلمة تعلو فوق كلمة العسكر. أما المغرب في خطاب الأمين العام لايحتاج إلى دروس من أحد في هذا الشأن، لأنه امتلك مايكفي من شروط الشجاعة وقرأ ماضيه بكل مسؤولية ونقد ذاتي، والتزم بتنفيذ نتائج هذه القراءة، ولأنه قطع أشواطا بعيدة في مجال ضمان احترام حقوق الإنسان، تشريعا وممارسة، والاستثناءات التي تحدث في كل ما كان لايمكن اعتمادها قاعدة، وسجل المجتمع الدولي بارتياح كبير هذا المسار الذي تشبث المغرب بالسير فيه رغم الصعاب والمخاطر والتحديات بإرادة واضحة ضمنها وأطرها جلالة الملك محمد السادس. والمغرب مصر على المضي على هذا المنوال. وحينما تلعب الجزائر وصنيعتها البوليساريو بالورقة الحقوقية فإن المجتمع الدولي يدرك طبيعة اللعبة، ومن المؤكد فإن ذلك لن يثني حكام الجزائر على مراكمة مزيد من الاحباطات.