جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    أحمد الشرعي مدافعا عن نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية سابقة خطيرة وتد خل في سيادة دولة إسرائيل الديمقراطية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام لحزب الاستقلال الأستاذ عباس الفاسي في اجتماع المجلس الجهوي للحزب بالدار البيضاء
المغرب انتصر لقضاياه العادلة لأنه تشبث بالثوابت: الإسلام الوسطي المعتدل، الملكية الدستورية، الوطن الذي يتجاوز المفهوم الجغرافي
نشر في العلم يوم 24 - 03 - 2010

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير المرسلين، لابد لي في مستهل هذه الكلمة أن أعبر لكم عن اعتزازي بالحضور معكم اليوم رفقة وفد هام من اللجنة التنفيذية للحزب، في هذا الحدث الهام الذي يحمل انعقاده في هذه الظروف أكثر من دلالة. وأعبر عن شكري وامتناني وتقديري للعمل الوازن الذي يقوم به الأخ عبد الواحد الفاسي عضو اللجنة التنفيذية ومنسق الحزب بالجهة والذي يقوم بجهود كبيرة لأداء مهمته على الوجه الأكمل.
مدينة النضال والجهاد
لقد حرصت أن أكون معكم اليوم في هذه المدينة المجاهدة، عاصمة النضال النقابي والسياسي والتي قدم سكانها تضحيات جسيمة مساهمة منهم في أن تنعم البلاد بالاستقلال والاستقرار، مدينة الطبقة العاملة التي صنعت أحداثا تاريخية ستظل مشهودة وعالقة في ذاكرة الشعب المغربي قاطبة، وما الانتفاضة العارمة التي اجتاحت هذه المدينة عقب اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد والتي ساهمت إلى حد كبير في توحيد النضال والجهاد المغاربي ضد الاستعمار إلا عنوانا من «عناوين البطولات الكبيرة والعظيمة التي ضخت دماء حية في جسد الجهاد الوطني في ظروف كانت شديدة الدقة وبالغة الحساسية. وانتهزها أيضا فرصة لأحيي الذكرى الخمسين لإنشاء الاتحاد العام للشغالين الذي حافظ على مبادئ وقيم النضال النقابي الحقيقي، وأتوجه بتحية خاصة للقادة التاريخيين لهذه النقابة العتيدة وفي مقدمتهم الأخ عبد الرزاق أفيلال شافاه الله.
حزب الاستقلال كان سباقا في اعتماد الجهوية.
الإخوة الأخوات، نلتقي اليوم في إطار إجتماع المجلس الجهوي للحزب، وهي مناسبة نلتقي خلالها مع أكبر عدد من مسؤولي الحزب في هذه الجهة، وهي فرصة تتيح لي الإشارة إلى أن حزب الاستقلال كان سباقا إلى التفكير في اعتماد اللامركزية في عمله وأدائه وفي قوانينه الأساسية من خلال إنشاء مؤسسة الجهة، وكان أول حزب سياسي وطني بادر إلى اعتماد الجهوية منذ مؤتمر الحزب الذي انعقد سنة 1981، وكانت فلسفة هذا العمل ولاتزال تستند إلى ملاءمة التنظيمات الحزبية الاستقلالية مع التنظيم الإداري المعمول به في البلاد. وها نحن اليوم نلتقي في إطار تجسيد هذه الفلسفة، ومن الواضح فإن دورة المجلس الجهوي للحزب بالدار البيضاء المنعقد اليوم ستنصب على دراسة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة في البلاد، لكنها أيضا ستبحث الأوضاع السائدة على مستوى الجهة ومحاسبة المسؤولين الجهويين.
الجهوية ورش واعد.
الإخوة والأخوات، المناضلون والمناضلات يتزامن انعقاد مجلسكم الجهوي مع النقاش العام الجاري الآن حول الجهوية المتقدمة أو الموسعة، وبداية نؤكد أن إحداث جلالة الملك محمد السادس نصره الله للجنة ملكية استشارية لإعداد تصور مغربي حول الجهوية تعتبر مبادرة تكتسي أهمية بالغة جدا، فهي تؤشر بكل وضوح أن الأوراش التي اعلن جلالته على انطلاقة العمل بها لاتعد ولاتحصى، وكلها تهدف وتسعى إلى ضمان شروط تسريع وتيرة التنمية والديمقراطية، والدعوة إلى التفكير الجماعي في هذا الموضوع يدل على أن إعتماد منهجية التشارك صارت تقليدا مكرسا في العهد الجديد.
وفي تقديرنا في حزب الاستقلال فإن ورش إصلاح منظومة الجهة يستحق عناية خاصة إن لم نقل استثنائية من طرف الجميع، لأن الجهوية المعتمدة لحد الآن أكدت قصورها وعجزها الواضحين، فالمجالس الجهوية الحالية تكاد تكون فارغة فيما يتعلق بالاختصاصات وعاجزة حاليا عن مواجهة متطلبات التنمية الجهوية الحقيقية، وتعوزها الإمكانيات المالية، وهذه مناسبة أدعوكم فيها إلى تعميق التفكير في مجمل القضايا المرتبطة بهذا الورش الواعد.
إننا ندعو في هذا الصدد إلى تمكين مؤسسة الجهة من صلاحيات حقيقية من خلال تفويض كثير من الاختصاصات من المركز إلى ا لجهة، بما يعطي المضمون الحقيقي للعمل في هذه المؤسسات المهمة، ويجب أن ينصب تفكير الجميع حول ضمان شروط خلق أقطاب اقتصادية جهوية قوية، ولكن وفي نفس الوقت ندعو إلى البحث عن ملاءمة حقيقية بين ماهو سائد الآن وما يجب أن يكون عليه الأمر، إذ أنه من الصعب الانتقال من جهة بدون اختصاصات إلى جهة مثقلة بالصلاحيات، بل لابد من التفكير في التوازن الضروري، لابد من البحث كما أسماه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه التاريخي عن النموذج المغربي - المغربي.
إن كل التفاصيل المتعلقة بهذه القضية مطروحة للنقاش، كعدد الجهات وطريقة التصويت على الرئيس والمجلس والإطار التنظيمي والمؤسساتي وعلاقة الجهة بسلطات الوصاية وغيرها، والموارد المالية ونمط الاقتراع، ونحن في حزب الاستقلال قدمنا للجنة الملكية الاستشارية حول الجهوية تصورنا الأولي، ومع ذلك لابد من أن أختتم الحديث عن هذه القضية الهامة بالقول إن السرعة مطلوبة في العمل في هذا الورش،ولكن لابد من تجنب التسرع.
الوحدة الترابية.. الحق مال لصالح المغرب
إخواني وأخواتي الاستقلاليين والاستقلاليات، إن قضية وحدتنا الترابية تجتاز ظروفا دقيقة جدا، ولن أستعرض تاريخها الطويل بإيجابياته وسلبياته، ولكن أذكر بأن النداء الذي وجهه الزعيم الخالد علال الفاسي منذ سنة 1956 لايزال يمثل مرجعا مهما من مراجع النظرة الثاقبة لهذا الزعيم الفد، وأيضا أذكر بأن تنظيم المسيرة الخضراء التي أبدعها جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني رحمه الله كانت محطة حاسمة في مصير هذا الجزء الغالي من وطننا، إذ بفضل هذه المسيرة الخالدة تصدى المغاربة للمؤامرة الاسبانية التي كانت تخطط لإنشاء كيان مصطنع هناك، كما أحبطت المحاولات الجزائرية التي كانت تتقاسم الأهداف الخبيثة للمس بوحدتنا الترابية.
ويسجل المغاربة اليوم المواقف البطولية لسكان أقاليمنا الجنوبية حيث تشبث 80 بالمائة منهم بالوحدة الوطنية.
بيد أن الجزائر نجحت في احتجاز 20 بالمائة منهم في مخيمات تنعدم فيها أبسط شروط العيش الكريم.
وبفضل الخالق سبحانه وتعالى الذي حفظ لهذا الشعب وحدته واستقراره وأمنه وبفضل إرادة موحد الأمة جلالة الملك المغفور له محمد الخامس وحرص جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه على صيانة والحفاظ على هذه الوحدة، وبفضل التعبئة الشاملة التي حققها جلالة الملك محمد السادس لمواجهة كافة المخاطر والتحديات ، وبفضل وعي الشعب المغربي ونضجه وتضحياته، وبفضل كل هذا ظل الشعب المغربي رغم كل الصعاب والتحديات موحدا صامدا.
المغرب وفر لنفسه إطارا بديلا.
إن كثيرا من الأمور تغيرت الآن ومالت كفة الحق والعدل لفائدة شعبنا وبلدنا، فقد كانت الجزائر تؤكد أنها ستصفي ملف أكذوبة الشعب الصحراوي في أجل أقصاه سنتين، وكانت تعتقد أن الأوضاع الاقليمية والعالمية ستساعدها على تحقيق هذا الحلم، حيث كانت توظف إشعاعها للضغط في هذا الاتجاه، وكان نظام الحزب الوحيد والعسكري في الجزائر يجد صداه في عدة أقطار خصوصا في العالم الثالث التي كانت تعتمد على نفس النظام ، وكانت تستثمر جزاء مهما من عائدات النفط والغاز لشراء الذمم في الدول الفقيرة، لكن، خاب ظن الحكام في الجزائر، وها قد مرت 35 سنة راكم المغرب خلالها مكاسب مهمة جدا، بيد أن الإحباط واليأس انغرس في نفوس اللاهثين وراء السراب.
بعد خمس وثلاثين سنة، تغيرت أمور كثيرة، فقد سحبت أربعون دولة في العالم اعترافها بجمهورية الوهم. وإذا كان المغرب قد انسحب من منظمة الوحدة الافريقية بسبب الخرق السافر الذي طال ميثاقها فإنه حافظ على حضوره القوي في القارة الافريقية، فنحن أعضاء في منظمة دول الساحل والصحراء التي تضم 27 دولة إفريقية، والجزائر ليست عضوا فيها، وبلدنا يحتضن مقر مجموعة الدول الافريقية الغربية المطلة على المحيط الأطلسي، وتقوم هذه المجموعة بعمل مهم في مجالات محاربة الارهاب والهجرة السرية وتجارة المخدرات وفي مجال التعاون في الصيد البحري والتكوين المهني. بلدنا عضو في منظمة الدول الفرنكفونية، وهنا أشير إلى أن هذه المجموعة أضحت لها أولويات سياسية بالدرجة الأولى وليست أولويات ثقافية ثم إن التعاون المغربي، الافريقي الثنائي تعددت مجالاته وأوجهه في قضايا تهم التعليم والتكوين المهني والتنمية والطاقة والبنية التحتية وغيرها كثير، وكل هذا يعطينا الحق في القول إن بلدنا بكل هذه الجهود التي عرفت انتعاشة كبيرة في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وفرت لنفسها إطارا هاما وفسيحا وفعالة بديلا عن الإطار الذي ديست مواثيقه.
وعلى صعيد المنتظم الأممي فقد انتقل الأمر من الحديث عن الاستقلال والاستفتاء إلى الحديث عن حل سياسي متفاوض عليه يكون مقبولا من جميع الأطراف،
كما انتقل مجلس الأمن من دعوته للطرفين -أي المغرب وجبهة البوليساريو- إلى دعوته للأطراف، إذ أصبح يعتبر الجزائر طرفا مباشرا في هذا النزاع المفتعل، كما أضحت تقارير مجلس الأمن تصف الجهود التي يبذلها المغرب بذات المصداقية .
كما أن كبريات العواصم ذات التأثير في القرار الدولي أشادت بمقترح المغرب الهادف إلى إقامة نظام للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، وأخيرا وجه 54 عضوا من مجلس الشيوخ الأمريكي وهم يمثلون الأغلبية من أعضاء هذا المجلس وينتمون الى الحزبين الجمهوري والديمقراطي مذكرة الى وزيرة الخارجية الأمريكية يطالبونها فيها بالمساندة العلنية لمشروع الحكم الذاتي الذي قدمها المغرب.
تم إننا في حزب الاستقلال نسجل باعتزاز كبير جدا تأكيد جلالة الملك خلال لقائه الأخير بالمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بعدم قبول المغرب بصفة نهائية بفكرة الاستفتاء.
إن هذه التغييرات والتحولات الايجابية الكبيرة التي عرفتها قضية وحدتنا الترابية تؤكد الفعالية الكبيرة التي أضحت تميز أداء ديبلوماسيتنا.
ورقة حقوق الانسان المحروقة
وهذه التطورات والمكاسب ضيقت الخناق على الجزائر وصنعتها البوليساريو واضطروا الى تغيير ساحة الخلاف، وطرحوا ورقة حقوق الانسان في أقاليمنا الجنوبية، ونؤكد بهذه المناسبة أن أوضاع حقوق الانسان جيدة وراكمت المكاسب في عهد جلالة الملك محمد السادس، أما الحديث عن تدهور حقوق الانسان يجب أن يتوجه الى داخل الجزائر وفي أوساط المحتجزين في مخيمات تندوف حيث تنعدم أبسط شروط حقوق الانسان، أما في أقاليمنا الجنوبية فان المواطنين يمارسون حياة عادية، ينتخبون وينشطون في المجتمع المدني ويناضلون في صفوف الأحزاب الوطنية ويشتغلون في أحزاب المعارضة ويخوضون أشكالا احتجاجية كما في الكثير من مناطق البلاد.
لكل ما ذكرت أؤكد أمامكم بهذه المناسبة أن ملف وحدتنا الترابية أصبح قويا على المستوى الدولي، وأننا منتصرون في معركة وحدتنا الترابية وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وأنتهزها فرصة أيضا للتعبير عن اعتزازنا بمجموع مواطنينا في هذه الأقاليم الغالية على روحهم الصادقة وعن امتناننا لجميع أفراد قواتنا المسلحة الملكية بقيادة قائدها الأعلى جلالة الملك محمد السادس وإلى جميع أفراد قوات الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة الذين يصونون بأرواحهم وحدتنا الوطنية.
واقع المشهد السياسي
حضرات المناضلات والمناضلين. نحمد الله على نعمه وحدة الصف داخل حزبنا، فلقد حافظنا عليها ويجب أن نواصل الحفاظ عليها، خصوصا وأن حزب الاستقلال ظل ولا يزال مستهدفا إلى الآن، والحقيقة أن الحزب حافظ على و حدته لأنه يقبل بالرأي الآخر داخل صفوفه، ولكن الأقلية تخضع لرأي الأغلبية، وأيضا لأن تدبير شؤون الحزب يتم بشفافية وبإطلاع المناضلين على ما يجري ويقع.
الاخوة والأخوات، لاحظتم انه منذ تعيين حكومتنا سنة 2007 والحديث يجري عن انتخابات 2012، وهو أمر مثير للاستغراب فعلا. بل هناك من وصل حد تحديد معالم وخريطة المشهد السياسي لسنة 2012، ونحن إذ نعتبر أن مثل هذا الحديث سابق لأوانه الآن باعتبار أن البرنامج الحكومي الذي صوت عليه مجلس النواب. لايزال في منتصف الطريق، ولذلك فنحن نعطي الأولوية المطلقة الآن الى بحث سبل تحسين أوضاع الناس، وتسريع وتيرة إنجاز الأوراش الكبرى، ونحن نثق في شعبنا ونتحصن بالرزانة والتعقل وراكمنا تقاليد عريقة في الديمقراطية، و مع ذلك نجدد التأكيد على المواقف التي أكدنا عليها باستمرار ومنذ سنوات طويلة، فتحالف حزب الاستقلال أولا مع مكونات الكتلة الديمقراطية التي لاتزال أحزابها تتمتع باستقلالية القرار، وفي حال عدم الحصول على الأغلبية العددية فإننا سنبحث في حينه مع من سيكون التحالف، خصوصا مع الأحزاب التي شاركناها وشاركتنا الأغلبية منذ أكثر من عشر سنوات. وسنحرص في ظل كل هذا على احترام مكونات المعارضة.
حصيلة إيجابية
أيتها الأخوات، أيها الاخوة، لابد من الحديث بهذه المناسبة عن قضايا حظيت باهتمام كبير خلال الفترة الأخيرة، وفي مقدمتها حصيلة الحوار الاجتماعي، الذي قيل في شأنه الكثير خصوصا فيما يتعلق بإعلان الحكومة من جهة واحدة عن نتائج هذا الحوار.
فمعلوم أن هذا الحوار انطلق في بداية سنة 2008 وانتظم انعقاده في دورات مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، ولايزعجنا إطلاقا أن تواصل النقابات مطالبتها بتحقيق مزيد من المكاسب وإعلان مزيد من المطالب، فذلك دورها. ولكن لابد من إطلاع الرأي العام على حقيقة الأمور كما جرت فلقد استجابت الحكومة خلال جلسات الحوار لسنة 2008 لعدة مطالب أساسية منها الرفع من الحد الأدنى للأجر والزيادة في قيمة التعويضات العائلية وتعميمها لأول مرة على العاملين في القطاع الفلاحي والرفع من حصيص الترقية الداخلية بمعدل ثلاث نقاط، وتم الرفع من سقف الحد الأدنى المعفى من الضريبة على الدخل وحذف أربع نقاط من هذه الضريبة بالنسبة لفئات أخرى ، إضافة إلى قضايا أخرى وتطلب تمويل كل ذلك غلافا ماليا بقيمة 16 مليار درهم، واستؤنف الحوار سنة 2009 وحرصتُ باستمرار أن أحضر شخصيا جلسات هذا الحوار ووقعت الاستجابة لمطالب أخرى أهمها حذف السلالم الدنيا من السلم 1 إلى السلم 4 وتم رفع حصيص الترقية بثلاث نقاط جديدة وزيد في إيرادات حوادث الشغل بمعدل 20 بالمائة وتم إقرار بالتعويض بقيمة 700 درهم صافية عن العمل في المناطق النائية، وتجب الإشارة هنا أن البعد لا يمكن أن يختزل في البعد عن الرباط بل الأمر يتعلق بالعمل في المناطق التي تفتقد إلى التجهيزات الأساسية، وتم الإعلان عن توسيع سلة العلاجات بحيث أصبح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لايعوض فقط عن الأمراض المزمنة بل تم إدراج أمراض أخرى كثيرة في التعويضات، وتجدر الإشارة إلى أن النقابات كانت قد وقعت محضرا يتعلق بجدول أعمال جلسات الحوار يقضي بإدراج الزيادات في الأجور في جلسة أبريل القادمة، وبعد كل هذا طلبنا من النقابات التوقيع على المحضر، فتحفظت النقابات من جهتها، وكان لابد للحكومة أن تصدر إعلانا لتخبر الرأي العام بالاستجابة لكل هذه المطالب، وبموافقة النقابات ومهما يكن من أمر فإن الحكومة لاتزال حريصة على مواصلة الحوار مع المركزيات النقابية، لأن الحوار هو أفضل وسيلة للتواصل والتفاهم.
أما فيما يتعلق بحصيلة الأداء الحكومي، فإنني أحرص بداية على التنويه بأداء جميع الوزراء الذين يشتغلون في ملفات ضخمة ومفيدة، في إطار استراتيجيات قطاعية محكمة، ولقد أبانت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على أهمية هذا العمل، حيث كانت هذه التداعيات جد محدودة في تأثيرها على الاقتصاد الوطني. فمعدل النمو حافظ على ارتفاعه وسجل سنة 2008 ما معدله 5.6 بالمائة في حين لم يتجاوز في الجزائر مثلا رغم عائدات النفط والغاز ماقيمته 2 بالمائة، كما أن نسبة البطالة لم تتوقف عن التراجع، فبعد ما كانت سنة 2007 في 10.1 بالمائة انخفضت سنة 2008 الى 9.4 بالمائة ونزلت سنة 2009 الى 9.1 بالمائة، ونسبة الفقر التي كانت تصل الى 15 بالمائة انخفضت اليوم الى 9 بالمائة، وقيمة الاستثمار العمومي التي كانت في سنة 2007 في حدود 89 مليار درهم وصلت سنة 2010 إلى 160 مليار درهم.
كما أن البلاد ومنذ تربع جلالة الملك محمد السادس على العرش أضحت ورشا كبيرا حقيقيا، من تأهيل المدن وبناء الموانئ والمطارات والطرق والطرق السيارة والمسالك والسدود وبناء خطوط جديدة للسكك الحديدية والطاقة والبيئة والفلاحة وتشجيع الصناعة التقليدية وتعميم التأمين الاجباري عن المرض.
وتم لأول مرة إعلان الولادة بالمجان في جميع المستشفيات كما أن بعض الأدوية خصوصا المتعلقة بداء السكري أصبحت في متناول الجميع بالمجان في المستشفيات، كما أن ثلاثة ملايين من المغاربة استفادوا من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلنها جلالة الملك محمد السادس وغير ذلك كثير في مختلف المجالات. كما بادرت الحكومة بتفعيل العديد من المؤسسات من قبيل الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة، وصدرت قوانين كثيرة مهمة كما هو الشأن بالنسبة لقوانين التصريح بالممتلكات وإحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومدونة السير.
فرصة قمة غرناطة
وتكفي الإشارة هنا إلى أن العالم يتابع باهتمام وبارتياح ما يراكمه المغرب من مكاسب عظيمة في مسيرته التنموية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ولقد كانت قمة غرناطة التي جمعت الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة أوربية بالمغرب فرصة واضحة لتأكيد هذا الأمر، ورغم المحاولات الكثيرة التي بذلتها الجزائر للتشويش على انعقادها فإنها مرت في أجواء جد إيجابية، ونوهت خلالها الحكومات الأوربية في شخص الاتحاد الأوروبي بالجهود التي يبذلها المغرب على كافة المستويات.
إن المغرب يستفيد من صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي، وهو الدولة العربية ومن جنوب البحر الأبيض المتوسط التي تستفيد من هذا الوضع وما كانت لتحظى بهذه الصفة لولا المسيرة الموفقة التي تقطع بلادنا أشواطها بنجاح، ولقد تأكد للاتحاد الأوربي وكانت قمة غرناطة فرصة للتأكيد على ذلك أن المغرب أقدم فعلا على اختيارات مهمة في مجلات حقوق الإنسان والمرأة والديمقراطية وتخليق الحياة العامة والحكامة الجيدة وفتح أوراش بالغة الأهمية في مجالات القضاء والجهوية المتقدمة والشفافية ومحاربة تبييض الأموال، وأكد المغرب خلال هذه القمة أنه أقدم على كل هذه الاختيارات، لأنه يؤمن بها ويتطلع بإصرار إلى المضي فيها.
المغرب انتصر لقضاياه العادلة
الأخوات والإخوة، إن الشعب المغربي انتصر لقضاياه العادلة وهو ملتف حول جلالة الملك، انتصر في معركة الاستقلال لأنه تشبث بالثوابت وبقيم الإسلام الوسطي المعتدل، وكان وسيبقى دائما ضد جميع أشكال التطرف والمغالاة. ونجدد التأكيد على هذا الأمر بدون خجل ولا أية عقدة، فماضينا وحاضرنا ومستقبلنا هو الإسلام الوسطي المعتدل.
وحينما نقول في شعارنا الخالد (الله، الوطن، الملك) فإننا نلخص هذه الثوابت التي اعتز حزب الاستقلال بالإيمان بها منذ نشأته، كنا وسنظل ملتفين حول الملكية الدستورية الموحدة للأمة، والوطن في فهمنا لايقتصر على بعده الجغرافي، بل الوطن في إيماننا الراسخ هو الوحدة الوطنية والرفع من قيمة عيش المواطنين وتحصين كرامتهم، والوطن هو تسريع وتيرة المكاسب ليكون لبلدنا إشعاع إقليمي وجهوي ودولي.
واليوم والحمد لله دخلنا مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله مرحلة تجذير وتكريس الديمقراطية ويجب أن نبذل قصارى جهودنا للمساهمة في هذا الورش العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.