لم يجد رئيس جبهة البوليساريو الانفصالية ما يملأ به فراغاته الكبيرة والكثيرة غير مخاطبة الأمانة العامة للأمم المتحدة في شأن ما اعتبره زعيم الانفصاليين حرمان المراقبين الدوليين من الدخول إلى المغرب، ومن الوصول إلى أقاليمنا الجنوبية المسترجعة. فلقد فرغ الرجل من زيارات ميدانية لميلشيات البوليساريو الانفصالية، وانتهى من محاولات استفزاز المغرب بتهم تافهة، وبما أن كل ذلك لم يحقق ملء الفراغات الشاسعة، انتقل إلى ساحة أخرى من ساحات المواجهة التي تصر قيادة الجبهة الانفصالية على أن تكون بديلة للساحات الحقيقية للمواجهة. قيادة الجبهة الانفصالية تصر على الحديث في هذا الصدد عن مراقبين دوليين من صحافيين وحقوقيين وديبلوماسيين، وهي بذلك تعرض القضية في سياق مغلوط. أولا، لأن زيارة بلدما من طرف فريق إعلامي أو حقوقي تستوجب إشعار السلطات العمومية بذلك، فلا يمكن لفريق صحافي أو حقوقي أن ينزل لممارسة نشاطه المهني أو النضالي في أية مدينة في القارة الأوربية إذا لم يحصل على إذن مسبق، وإلا تعرض إلى المساءلةالقانونية، فثمة خيط رفيع رابط بين مثل هذه المهام الإعلامية والحقوقية ومهام التجسس، ويحق لقيادة الجبهة الانفصالية أن تتساءل مثلا عن الأسباب التي تدفع السلطات الجزائرية لمنع وفود وشخصيات أجنبية من زيارة مخيمات الرابوني، أين تستقر القيادة الانفصالية. لذلك من الطبيعي، بل من الضروري أن تقدم السلطات العمومية على منع أي وفد منظم، إعلامي أو حقوقي أو ديبلوماسي من دخول التراب الوطني من أية نقطة حدودية كانت، وإذا لم تفعل ستعرض نفسها للمساءلة، لأن الأمر يتعلق بسلوك سيادي. هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فإن الذين يسميهم رئيس الجبهة الانفصالية زورا وبهتانا وتحريفا «بالمراقبين» من صحافيين وحقوقيين وديبلوماسيين، هم في حقيقة الأمر مجموعة من النشطاء السياسيين الذين ينقسمون إلى فئتين.فئة من المناضلين السياسيين المنتمين إلى أحزاب وفصائل سياسية غالبا ماتصنف في اليسار الراديكالي، لهم مواقف معادية للمغرب، وهم بذلك يفتقدون إلى صفة الحيادية التي يجب توفرها في «المراقب»، وهم يسعون إلى الوصول إلى أقاليمنا الجنوبية للقيام بأنشطة سياسية صرفة معادية للمغاربة، وبذلك فإن الأمر لايتعلق بالنسبة للفئة الأولى بمراقبين دوليين، بل بناشطين سياسيين يتعمدون القيام بزيارات تندرج في سياق أجندة سياسية صرفة. الفئة الثانية تهم مجموعة أشخاص يقومون بعمل مؤدى عنه، يتعلق الأمر بأشخاص تتم تعبئتهم من طرف المخابرات الجزائرية أو بعثات الجبهة في بعض الأقطار، ويتم إرسالهم إلى المغرب ويتلقون مقابل خدماتهم مبالغ مالية مهمة تسيل لعاب محترفي السخرة. وهم يفدون إلينا للقيام بمهمات استخباراتية صرفة. لذلك لامكان لهؤلاء المسخرين التافهين بين ظهرانينا. عدا ذلك فإن مراقبين دوليين، وصحافيين دوليين كثر زاروا المنطقة وأنجزوا أعمالا لم تكن في صالح المغرب، ولم يمثل ذلك بالنسبة إلينا أي حرج.