اتسخت براءته بالدماء، وتحول من طفل وديع بريء الى مجرم صغير يقضي يومه في التنقل بين ردهات المحاكم، ليعود وينام خلف القضبان. هكذا هو حال المتهم القاصر (ل.أ) المزداد سنة 1996. غضب وطيش تلاه تهور فاق سنه انتهى بجريمة قتل بشعة تبددت فيها كل معاني الطفولة. الضحية هو الطفل (دخ) الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات هذا الأخير ليس سوى صديق حميم للمتهم وابن جيرانه، لم يكتب للضحية أن يرى المزيد في هذه الحياة، فالمفاجأة المأساوية عصفت بعمر الضحية ومنعت أحلامه من التحقق، أحلام الحاضر والمستقبل، أحلام كل طفل لم يتجاوز بعد المرحلة الابتدائية في تعلمه. الكلمة الأخيرة كانت لموت مقزز تفاصيله وظروفه مأساوية ... يقطن المتهم بحي المغرب العربي بتمارة وبجواره كان يعيش الضحية المرحوم، لم تكن تجمعهما أية عداوة، عكس ذلك تماما، عاشا كأي طفلين تجمعهما الصداقة والوئام، لعبا معا وقضيا أوقاتا كثيرة رفقة بعضهما. في منتصف نهار اليوم المشؤوم أكد المتهم أنه أخرج ثلاث بيضات لطهيهما، وبحكم عدم توفر الخبز بالبيت، غادر المنزل لاقتناء الخبز وعند عودته شاهد خيالا قادما في اتجاه المطبخ، فتسلح بمدية وبمجرد دخول الشخص أصابه على مستوى العنق وألقى بأداة جريمته ولاذ بالفرار. إصابة واحدة فقط كانت كفيلة بوضع حد لحياة الضحية وانتقاله بذلك الى مثواه الأخير تاركا وراءه أحلام وآمال الطفولة الوردية. عند فتح التحقيق أكد أحد أصدقاء «الصديقين» بأنه سبق للمتهم أن سلب الضحية قبعته لكنه أعادها اليه، كما أكد أنه في يوم الحادث صادف المتهم واستفسره هذا الأخير عن الضحية فأخبره المتهم بأنه يريد الضحية... وعند انتقال الضابطة القضائية لعين المكان بعد أن اشعرها بعض المواطنين بالجريمة اكتشفت في عين المكان بركة من الدم تتسرب من جثة طفل وبجانبه سكين من الحجم الكبير ملطخ بالدم، وبناء على البحث الذي أجرته الضابطة القضائية تم إيقاف القاصر (ه .أ) حيث رأت على ملابسه آثار دماء، كما أفاد أب الضحية أن ابنه تعرض للضرب والجرح على يد ابن الجيران. وعند الاستماع لاحدى الجارات صرحت بأن المعتدي اقتحم بيتها في حالة هيستيرية وهو يبكي ويصيح «ضربته». أخيرا أكد المتهم أنه لم تكن له نية القتل فتمت متابعته بجناية الضرب والجرح المؤدي الى الوفاة دون نية إحداثه فقضت غرفة الجنايات الابتدائية بإدانته بثمان سنوات سجنا نافذا وايداعه مركز حماية الطفولة بابن سليمان الى غاية بلوغه سن الرشدالجنائي وبأدائه لفائدة والدي الضحية تعويضا قدره 50.000 درهم لكل واحد منهما مع إحلال ولي أمر الحدث في الأداء وقد استأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة والمتهم والمطالب بالحق المدني باستئناف القرار المذكور. فقضت محكمة الجنايات الاستئنافية في قرارها الصادر بتاريخ (.......) بتأييد القرار المستأنف أمامهما لكنها خفضت العقوبة السجنية إلى 6 سنوات نظرا لظروفه الاجتماعية وانعدام سوابقه.