مازالت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات تعيش على وقع الاحتجاجات والاعتصامات بعدما كانت تعد مشتلا لتخرج الكفاءات الوطنية والدولية، ومحط أنظار جميع الطلبة الذين ينحدرون من كل ربوع المملكة، بالإضافة الى أنها مجالا للكفاءات الوطنية من أساتذة جامعيين ذوي خبرة ونزاهة، إلا أنها في السنوات الأخيرة أصبحت ملاذا خصبا لكل أنواع الاحتجاجات، مما يدل على أن هناك اختلالات وتجاوزات في التسيير والتدبير بطلها بعض الأشخاص الذين لا يعيرون أي اهتمام للأمانة الملقاة على عاتقهم في تدبير الشأن العام.
وفي هذا الإطار استنفر موضوع اعتصام طلبة باحثين أمام بوابة الكلية مختلف الفعاليات السياسية والحقوقية وقيادات حزبية بمدينة سطات الذين التحقوا تباعا إلى مكان الاعتصام للإعلان عن تضامنهم اللامشروط مع الطالبة الباحثة شيماء غنيم والطالب الباحث وديع المهتدي اللذان يخوضان هذا الاعتصام احتجاجا على تعرضهما للتضييق من طرف عميد الكلية الذي رفض تسليمهما شهادة التسجيل بسلك الدكتوراه مع تهديدهما بإحالتهما على مجالس تأديبية رغم توفرهما على الشروط القانونية التي تخول لهما الحصول على تلك الشواهد حسب ما جاء في تصريحهما لدى وسائل الإعلام المحلية والوطنية.
وقد ارتسمت علامات التذمر والغضب على ملامح المحتجين الذين عبروا في تصاريح متفرقة عن استنكارهم الشديد للحيف الذي طالهم جراء عدد من سلوكيات العميد الذي حرمهم من حقوق يعتبرونها مكتسبة ومشروعة، مؤكدين على أن الأمر يعود الى سنوات الإجازة بعدما حاولا الطلبة المعتصمين أن يتقدموا الى سلك الماستر ووجدوا أنفسهم بين مطرقة المطبات والعراقيل وسندان الشكايات الكثيرة والمتعددة التي لم يتم الاستجابة أو الإجابة عنها في ضرب صارخ للخطابات الملكية الرامية إلى الرد والاهتمام بشكايات المواطنين رعايا صاحب الجلالة وإعطائهما العناية اللازمة بها، معلنين للرأي العام أنهما قاما بتسجيل قبلي في الموقع الالكتروني في عهد العميد السابق، إلا أنهما تفاجئا فإقصائهما في سلك الدكتوراه في عهد العميد الحالي مما اعتبراه إقصاء ممنهجا سيؤثر سلبا على مردودية المرفق ويزرع بذور الفتنة والاحتقان وإذكاء ثقافة الكراهية والعنف الرمزي،متسائلين عن دور الوزارة المعنية بالقطاع من هذا الإقصاء وتعرض الكفاءات التي يحتاج إليها الإقليم في الآن والمستقبل لخدمة المشروع الديمقراطي التنموي في إطار الجهوية المتقدمة، معلين كذلك على أن معركة الكرامة ستبقى مستمرة مؤازرة ومساندة من طرف بعض الجمعيات النسائية والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية الذين عبروا عن تضامنهم اللامشروط مع الطلبة الباحثين في قضيتهم التي تدمي لها القلوب وتئن لها الضمائر على اعتبار أن كل علم بدون كرامة يعد جهل مقنع. الطلبة المحتجون طالبوا بإجراء بحث دقيق فيما أسموه ب”خروقات التسجيل بسلك الدكتوراه” وكذا الضرب بقوة على أيدي المتلاعبين الذين يسعون الى تغليب منطق المحسوبية والزبونية على منطق الجدية والكفاءة العلمية، بالإضافة الى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق فيما يجري ويدور بهذه الكلية، داقين ناقوس الخطر منبهين الوزارة المعنية بالتدخل من أجل إنقاذ الوضع المزري الذي يتخبط فيه الطلبة ،متسائلين في رسالتهم الاحتجاجية الكتابية والشفوية حول علم المسؤول عن قطاع التعليم العالي وتكوين الأطر بما يجري ويدور بالحرم الجامعي، أم هو خارج التغطية؟ تساؤلات عريضة تحمل في طياتها عدة دلالات ومعاناة ومشاكل تحملها الطلبة مكرهين في غياب إستراتيجية واضحة المعالم، وإرادة حقيقية لدى المسؤولين عن القطاع الذي يبدو أن مطالب وتطلعات وأحلام الطالبات والطلبة الذين يسعون الى تحصيل علمي جدي وسط بيئة مؤسساتية سليمة، غير واردة ضمن اهتماماتهم الإدارية، ليبقى مصير هذه الشريحة من المجتمع المغربي معلقا في كف عفريت الى إشعار غير مسمى….!
الطالبة الباحثة شيماء غنيم
هذا وقد دخل المصطفى القاسمي رئيس المجلس الإقليمي لعمالة سطات عن خط هذه القضية التي أسالت الكثير من المداد وأصبحت حديث الخاص والعام للتعبير عن تضامنه اللامشروط مع الطالبة الباحثة شيماء غنيم على اعتبرا أنها شرفت إقليمسطات، مؤكدا على أن القضية تعتبر سابقة بجامعة الحسن الأول لكونها تحمل في طياتها حسابات وحزازات ضيقة لا تخدم المرفق العمومي، مردفا أنه سبق له أن جلس مع رئيس الجامعة في هذا الشأن للتعريف بقضية هذه الطالبة والحيف الذي طالها معتبرا أنه جائرا في حقها وحق كل الطلبة الذين يدرسون بجامعة الحسن الأول بسطات، موجها مدفعيته الثقيلة الى النواب البرلمانيين بالإقليم لتحمل مسؤولياتهم من أجل الدفاع عن هؤلاء الطلبة بعيدا عن لغة الخشب التي لن تزيد الوضع إلا تأزما وتعقيدا حاثا الجهات المختصة بالتدخل لرد الاعتبار للطالبة وذلك بتسليمها شهادة التسجيل في الدكتوراه. فهل سيتمكن المسؤول الأول عن القطاع من إرجاع الأمور إلى نصابها بكلية الحقوق بسطات؟ أم أن لغة التهديد والطرد والإحالة على المجالس التأديبية في صفوف الطلبة ستبقى السمة السائدة لدى من بيده الأمر وستظل معها دار لقمان على حالها إلى إشعار آخر؟ إنه نداء نوجهه باسم الطلبة الباحثين المعتصمين نتمنى أن يجد الآذان الصاغية.
هل وزير التعليم العالي على علم بما يجري ويدور بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات؟ أو خارج التغطية؟