ظهر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد مغرب أول أمس الأثنين ساعات بعد عودته من رحلة علاج امتدت أسبوعين بجنيف في مقاطع فيديو قصيرة لا تتعدى 15 ثانية وهو يستقبل في وضع شارد لا يقوى على الحركة أو الدخول في حديث ثنائي شخصيات سياسية بعد إعلانه في رسالة عن حزمة قرارات لامتصاص غضب الشارع الذي بلغ مستوى دخول البلاد في مرحلة عصيان مدني غير مسبوقة ولد حالة لخبطة وارتباك وشلل لمؤسسات الدولة وخلخل كل حسابات الدائرة الحاكمة بقصر المرادية. ففي خطوة منتظرة لكنها تطرح من الاشكالات أكثر مما تقدم الأجوبة للورطة السياسية التي يتخبط فيها النظام الجزائري أعلن الرئيس الجزائري بوتفليقة ساعات بعد عودة مثيرة للألغاز, عن رزمة قرارات متسارعة الهدف منها امتصاص غضب الشارع المتصاعد ومنح قصر المرادية مهلة لاستجماع أنقاسه واستعادة هامش المبادرة السياسية خاصة بعد التفكك المتسلسل للدائرة السياسية والمؤسساتية وحتى المدنية المحسوبة تقليديا ضمن صف النظام وتبني جزء هام منها لمطالب الشارع الغاضب.
الرئيس بوتفليقة الغائب عن الانظار منذ أشهر طويلة أعلن مساء أول أمس الاثنين في رسالة موجهة الى الجزائريين عن تأجيل تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 18 أبريل 2019 و عدم ترشحه لعهدة رئاسية خامسة.
بوتفليقة وعد أيضا بتعديلات جذرية على تشكيلة الحكومة بدأها فعليا بقبول استقالة الوزير الاول أحمد أويحيى الذي طالبت المسيرات المتتالية برحيله كما تعهد بتنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب ندوة وطنية مستقلة في خطوة تقفز في نظر المتتبعين على مقتضيات الدستور الجزائري وتمكن الرئيس بوتفليقة من الاستمرار في منصبه الى غاية نهاية السنة الجارية.
الرئيس الجزائري أعاد تشكيل الدائرة الضيقة لمرؤوسيه حيث نصب وزير داخليته نور الدين بداوي وزيرا أولا بدلا لأويحيى وكلفه بتشكيل حكومة جديدة لكنه كبله بمستشاره الدبلوماسي الخاص رمطان لعمامرة الذي عينه نائبا للوزير الاول ووزيرا للخارجية خلفا لعبد القادر امساهل.
فرنسا عبرت عن دعمها لخطوة بوتفليقة بالانسحاب من السباق الرئاسي, لكن الشارع الجزائري الذي مازال لم يستوعب مبادرات رئيس الدولة مجمع على أنها لا تلبي الحد أدنى من المطالب والشعارات التي رفعها لثلاث أسابيع متتالية والداعية الى رحيل نظام مغرق في الفساد, فيما المؤسسة العسكرية التي يديرها رئيس الاركان بيد حديدية فتكتفي بدورها بمراقبة التطورات المتلاحقة, غير مستعدة على التخلي عن سلطاتها الواسعة بعد أن قوت نفوذها بفعل تراجع وارتباك التحالف الحزبي الرئاسي والطبقة السياسية المناصرة لبرامج الرئيس وعجزها عن التوافق حول مبادرة موحدة لتجاوز الازمة السياسية التي تعم البلاد.
عبد المجيد مناصرة، نائب رئيس حركة “حمس” المعارضة اعتبر إن إلغاء بوتفليقة لترشحه مع بقائه في الحكم خطوة غير دستورية.
فيما الدبلوماسي والوزير السابق عبد العزيز رحابي المحسوب على النظام فقد وصف القرارات التي جاء بها بوتفليقة ب"سخرية من الشعب". و"التشبث المرضي بالسلطة الذي سيجر البلاد يؤكد الوزير السابق الى المجهول ويمثل خطرا على استقرار الدولة.
رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد اعتبر بدوره إعلان بوتفليقة المنتهية ولايته رسميا عدم ترشحه لولاية خامسة، بأنه خرق صارخ لأحكام الدستور.
الشارع الجزائري خرج مجددا عقب قرارات الرئيس بوتفليقة بولايات بشرق البلاد للتعبير عن رفضه للخطوة الملتبسة لرئيس البلاد و جدد المطالبة برحيل جميع رموز النظام ومحاكمتهم واقرار مرحلة انتقالية تقودها كفاءات وطنية وتسبق التحضير لاعتماد دستور جديد واجراء انتخابات حرة ونزيهة وتعددية.
نظام بوتفليقة يلتف على مطالب الشارع الغاضب ويعتمد خطة تمديد غريبة ومؤسسة الجيش تقوي نفوذها