سارعت بعض التحاليل الصحفية الجوفاء الى قراءة سطحية متسرعة لرسالة الرئيس الأمريكي الأخيرة الى جلالة الملك ، خاصة ما يتعلق منها بالشق المتعلق بالعلاقات المغربية /الأمريكية و "تطور" نظرة الادارة الجديدة بالبيت الأبيض لملف الوحدة الترابية للملكة . و من دواعي الاستغراب أن تنساق بعض الأقلام المغربية الى طروحات معادية للمصالح المغربية تحاول أطراف معادية و خاصة بالجزائر و إسبانيا تسويقها بتزامن مع مناسبة الرسالة ، لتسميم العلاقات المتينة بين الرباط و واشنطن و التي كانت موضوع فقرة خاصة بأول خطاب لأوباما للعالم الاسلامي ، و التي أغاظت في حينها العديد من الأطراف المتربصة بالعداء للمغرب ووضعتها في موقع من الاحراج لا يفسره الا حالة الوجوم الذي أخرس ألسنتها و دفع بها مجددا الى حبك المؤامرات و الاستعداد لموجة جديدة من سلوكات نفث السموم الحاقدة ، لا نملك إلا أن نتأسف لما وجدته من قابلية و صدى لدى بعض التحاليل الاعلامية المدبجة من بعض التعاليق الصحفية المغربية التي لا تتوانى أو بألأحرى تخجل في جعل قضية المغاربة الأولى موضوع تسويق إعلامي مبني على جانب الاثارة أكثر مما يستوجبه من معالجة مهنية محكمة و مسؤولة. و على الرغم من أن مضمون رسالة أوباما للعاهل المغربي ركز على جانب ملف الصراع في الشرق الأوسط من منطلق مكانة و دور جلالة الملك كرئيس للجنة القدس و تأسيسا على المساهمة المغربية التاريخية و المتزنة بمواقف مرنة و واضحة بعيدا عن التوظيف الايديولوجي الاستثماري لقضية فلسطين ، و هي التوجهات التي أتبثت للعالم بما فيه الأشقاء العرب و المسلمون عن وجاهتها و حكمتها بعد عهود من ديبلوماسية الشعارات الهوجاء التي أضرت بقضية الفلسطينيين أكثر مما ساندتهم ، فإن تهافث البعض لبناء استنتاجات واهية و متسرعة من رسالة أوباما و إطلاق أحكام جاهزة عليها من قبيل " الضغوط " و " المقايضة " لتبرير " تحول وهمي لموقف الادارة الأمريكيةالجديدة من قضية الوحدة الترابية لا يشكل في العمق إلا تماهيا مع طروحات الخصوم و نقلا بحسن النية للسموم التي دأبت بعض الأوساط الاسبانية المعروفة بمقتها للشأن المغربي و التي تحاول في كل ظرف متاح استغلال ما يتوفر من معلومات و دسائس للاضرار بالمصالح العليا للملكة . و واقع الأمر و كما أكد ذلك الناطق الرسمي أن رسالة أوباما فيها تقاطع كبير مع المقاربة المغربية وليس فيها ما يناوىء الطرح المغربي أو الثوابت الوطنية للمغرب ، و هي تترجم الدور المتجدد للمغرب المؤهل للقيام به في النزاع بالشرق الاوسط بناء على تراكماته التاريخية التي كانت موضوع اعتراف مباشر و صريح للادارة الأمريكيةالجديدة . و المغرب قيادة و شعبا و إعلاما يجب أن يضع نصب أعينه هذه القناعات التي لا يتعين أن تكون موضوع توصيف باطل أو استغلال سياسوي أو إعلامي من أجل زعزعة ثقة المغاربة في ثوابتهم غير القابلة للتجزيء و المقايضة و التجريح العلني بمبرر الارتباط و الدفاع عن قضية العرب و المسلمين الأولى بفلسطين التي عانت ما عانته من التوظيف الايديولوجي الضيق و الشعارات الجوفاء التي تسمع الكثير من الجعجعة دون أن تفرز ذرة طحين .