ابتدأ مؤخرا تطبيق ربط حزام الامان في السيارات ، ولا أعرف السبب الحقيقي وراء عدم المبادرة بتطبيقه طوال السنوات الماضية سوى التبريرات الواهية المتعلقة بالاحتلال الذي قد يداهم السيارة فيحول الحزام دون تمكن مطلوب من الفرار ، وهو نفسه التبرير الواهي الذي لجأ اليه الاسرائيليون في الانتفاضة الاولى من أن ربطه يحول دون فراره بسهولة حين يتعرض لالقاء زجاجة حارقة. أنا شخصيا لا أعرف سببا حقيقيا واحدا يمنع الناس من ربط الحزام ، الا محاولات التمنع الفارغة من اي مضمون ، وهي مسألة دأبت عليها الشعوب المتخلفة التي تمطرك بمئات المداخلات والمهاترات والتنظيرات في شأن هو اصلا ليس شأنها ، وصناعة ليست صناعتها ، وحزام هو ليس حزامها ، وسيارة ليست سيارتها. والادهى من ذلك، هو انضمام وسائل الاعلام للمجادلة العقيمة بين المؤيد ولماذا يؤيد , والمعارض ولماذا يعارض ، في محاولة منها لاقناع الناس بأهمية وضرورة ربط الحزام ، او اي موقف حكومي حتى لو كان مغايرا ، والدليل على ذلك ان وسائل الاعلام هذه لم تتعرض للمسألة قبل ان تدخل الحكومة على الخط وتفرض ربطه. الحزام جزء من السيارة / المركبة ، كما المّساحة والضوء والغماز واللوحة ،ولا يحق لأحد ان يجتهد في اهميته من عدمه ، وكما ان هذا الحزام جزء من السيارة ، فإن السيارة جزء من الشارع ، لا تستطيع اي سيارة ان تسير عليه قبل ان تحصل على اجازة )رخصة( بصلاحيتها وأهليتها للسير ، وهذه الرخصة تصدرها دائرة فحص متخصصة كل سنة مرة واحيانا كل ستة اشهر وفقا لعمر المركبة . ومن لا يرد الالتزام عليه ان يشق شارعا خاصا به يسير عليه بمركبته وبدون حزام. ما ينطبق على الحزام والسيارة والشارع ، ينطبق على حركة «فتح» التي بصدد عقد مؤتمرها السادس بعد ان تعطل عقده عشرين سنة ، وما زالت المخاطر تتهدده ، وحزام امانها هو عقده ، حتى لو كان هناك من يهدد بعقد مؤتمر مواز بنفس التسمية في الجزائر او غيرها من العواصم العربية. «فتح " هي التي قادت النضال على عقود طويلة، ثم جنحت للسلام قبل حوالي عشرين سنة ، وهي ما زالت مؤمنة انه الاقصر لتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني، ولهذا كانت مماطلات عقد مؤتمرها، وتصر اليوم على عقده رغم المخاطر التي تتهددها. لكن كل عضو قيادي فيها يجب ان يضع الحزام ، و يخضع لاستراتيجيتها السلامية، فيوافق على عقد المؤتمر في الداخل الذي ما يزال محتلا، وكل من لا يريد ذلك فليذهب ليشق شارعا جديدا، فتزداد الفصائل الفلسطينية فصيلا جديدا من ذوي استراتيجية المقاومة المسلحة المناهضة اصلا للسلام. قادم الايام، هو الذي يزكي الافضل ، لكن محظور السير بدون حزام الامان.