يوم العيد قرّرت إحدى محاكم الاحتلال تثبيت الاعتقال الإداري على ثلاثة إخوة من عائلة صوافطة (طوباس) ألقي القبض عليهم مؤخرًا، وهم: فازع وقضى في السجون 12 عامًا، وعرفات الذي قضى ثماني سنوات، وعلاء الذي اعتقل عدة مرات. أما عائلة الشيخ ماهر خراز من نابلس فيتوزع ربّها الشيخ وأبناؤه الثلاثة بين سجون الاحتلال وسجون السلطة، وكذلك حال الشيخ حامد البيتاوي وأبنائه الأربعة الذين اعتقلوا في الشهور الأخيرة. مجرد نماذج على عملية الاستئصال التي تتعرض لها حركة حماس، والتي يجري ربطها خطأ بالحسم العسكري في قطاع غزة. مع أن ربط بعض إجراءات السلطة بالحسم المذكور، لا يغيّر في حقيقة أن الشقّ الأكبر من العملية مرتبط ببرنامج خريطة الطريق، الأمر الذي ينطبق على الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي يتضمّن الجانب العسكري والحصار الاقتصادي. في الضفة الغربية تتواصل الاجتياحات اليومية، والناشط الذي تتركه سلطات الاحتلال، تتكفل به السلطة، أو العكس (336 اعتقلهم الاحتلال بعد الإفراج عنهم من قبل السلطة)، وكل ذلك لا تلتفت إليه وسائل الإعلام إما خوفًا أو انحيازًا. في مواجهة الممارسات الإسرائيلية لا يتوقف المفاوض والسياسي الفلسطيني عن الحديث عن تهديدها لمسيرة المفاوضات، سواء تعلقت بالاستيطان، أم بالهجمات اليومية على مدن الضفة، من دون أن ينسى لأغراض تبرير استمرار التفاوض الحديث عن موقف إسرائيلي "إيجابي" هنا أو هناك يتحدث عن عدم بناء مستوطنات جديدة، أو إمكانية الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67، حتى لو اضطرّ إلى تجاهل بعض تفاصيل التصريحات مثل تذكير أولمرت بكتاب الضمانات الذي منحه بوش لشارون (نيسان 2004)، والذي أكّد فيه على بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في مكانها، وعلى رفض حق العودة للاجئين. في قطاع غزة تتواصل العمليات الحربية ضد "المخربين"، الأمر الذي يبرره بعض السياسيين الفلسطينيين بأنه شكل من أشكال الردّ على "عبث" صواريخ القسام!! من العبث النظر إلى هذه الهجمة بوصفها جزءً من العدوانية الصهيونية؛ لأن ما يجري يتحرك على إيقاع برنامج سياسي، تمامًا كما هي عادة الحراك السياسي في الدولة العبرية عندما يختلط بالبعد العسكري والأمني. ما يجري في واقع الحال هو تهيئة الأجواء لتطبيق خريطة الطريق، إلى جانب المساعدة الإسرائيلية للسلطة على تطبيق ما يخصّها من استحقاقات الخريطة في مرحلتها الأولى. إضعاف حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومعها حركة الجهاد ومن يصرّون على المقاومة من فتح وغيرها من الفصائل، هو الهدف من الحملات التي تجري كل يوم، أولاً لضرب إمكانية المقاومة أو لملمة صفوفها خلال المرحلة المقبلة في حال توقفت المفاوضات لسبب من الأسباب، وثانيًا حتى يمكن الانتقال إلى الشقّ الثاني من الخريطة ممثلاً في الدولة المؤقتة على قطاع غزة، وما يتركه الجدار من الضفة الغربية. وإذا كانت معضلة القطاع هي التي تحول دون إتمام اللعبة، فإن حلّها بالحوار بعد عام أو أقلّ أو أكثر لن يكون صعبًا، حتى لو تساهلت السلطة في شروطها أكثر من المتوقع، وبالطبع كي يغدو بالإمكان الذهاب بعد عامين نحو انتخابات جديدة تعود من خلالها الأغلبية لحركة فتح بعد أن أقرّ تغيير قانون الانتخاب إلى نظام القائمة النسبية الكاملة التي لا يمكن لحماس أن تحصد من خلالها الغالبية (كانت نسبتها في المرة الماضية 44 في المائة مقابل 41 لحركة فتح). هذا ما يفكرون به، لكن النجاح ليس قدرًا، حتى لو مرّت اللعبة في مراحلها الأولى؛ لأن الشعب الفلسطيني لن يقبل "دولة الجدار" مشفوعة بمليارات الدعم، وإذا قبلها البعض فسيتمرد عليها آخرون بكلّ تأكيد.