حرص الإرهابيون على تصوير أطوار الجريمة النكراء التي اقترفوها في حق شابتين يافعتين وبثها على شبكات التواصل الاجتماعي يؤكد الحقيقة الثابتة المرتبطة بالظاهرة الإرهابية المقيتة التي تؤكد أن اقتراف الجريمة لم يكن هدفا في حد ذاته بالنسبة للإرهابيين، وأن الأمر في هذه الحالة يختلف عن اقتراف الجريمة من طرف مجرمين عاديين الذين يحرصون كل الحرص على التستر وإخفاء جميع معالم الجريمة للإفلات من العقاب والاستحواذ على الغنيمة المادية، أو تحقيق الرغبة الحيوانية في الانتقام الشخصي، بل يجب أن ننتبه إلى أن الإرهابين يحرصون على إشهار الجريمة أمام الرأي العام، لأن الهدف الحقيقي من الجريمة الإرهابية ليس ضحاياها بقدر ما أن المستهدف منها هو المجتمع برمته من خلال بث أجواء الرعب والخوف والهلع، وعبر السعي إلى تدمير البلاد برمتها. فالهدف الحقيقي في كل عملية إرهابية هو ضرب الاقتصاد، هو استهداف الشعور العام بالأمن و الاستقرار، هو فقدان الثقة في الوجود، هو تدمير حقيقي للقيم النبيلة التي يجب أن تسود بين الناس، لذلك يقدم الإرهابيون في كل جريمة يقترفونها على عرضها أمام الرأي العام، ليظهروا بذلك هدفهم الحقيقي من اقتراف هذه الجرائم النكراء. الجريمة الإرهابية البشعة التي اقترفها جناة تافهون في حق شابتين أجنبيتين تندرج في هذا السياق، فليس هناك علاقة ما بين الجناة والضحيتين، ولا هم يعرفونهما أصلا، ولا هدف مادي لهم فيما اقترفوه ، بل هدفهم الحقيقي هو زعزعة الوطن في استقراره وأمنه، في قيمه النبيلة، في المشترك الذي يجمعنا ، في دينه الحنيف الذي وحد المغاربة على مر العصور.
لذلك في تقديري المتواضع فإن التهويل الإعلامي للجريمة البغيضة إنما يحقق هدف الإرهابيين سواء تعلق الأمر بأدوات التنفيذ من طرف التافهين أو بالنسبة للذين قد خططوا لها من السفلة.
ندرك أنه مع قساوة اللحظة الآسية يصعب التحكم في المشاعر و في ردود الفعل ، لكن في المقابل يجب أن نستحضر حقيقة مفادها أن الإرهاب يتنفس من خلال الاهتمام الإعلامي ، و من خلال شغف الناس لمعرفة التفاصيل كافة، وعبر الرغبة في الاطلاع على حقيقة ما جرى. فبدون الإعلام غير الراشد ما كانت الظاهرة الإرهابية الحديثة تأخذ كل هذه الأبعاد .
لذلك بقدر ما كانت الجريمة شنيعة ونكراء، بقدر ما هي سلوك مشين لا ينتمي إلينا و منفذوها لا يشبهوننا في شيء ، هي لحظة ويجب أن تمر ، أما هذا الوطن فهو آمن بشعبه الطيب المتسامح، وباستقراره الذي نتطلع في كل لحظة إلى تثبيته ، وبثقته في منظومته الأمنية الناجعة. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: