لا تخلو بعض ردود السادة الوزراء على أسئلة النواب والمستشارين الشفوية من استهتار، إذ يعمد بعض الوزراء إلى التهرب من الجواب والاحتماء في التهجم على البرلماني أو على الهيئة التي ينتمي إليها. وطبعا لا يمكن لهذا السلوك أن يكون مقبولا. المتن الدستوري المنظم للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية واضح، وهو يجبر السلطة التنفيذية على الخضوع لسلطة المراقبة التي يمارسها البرلمان، والأسئلة الشفوية والكتابية شكل من أشكال المراقبة التي ينص عليها الدستور، ولا حق لأي وزير – بمن في ذلك رئيس الحكومة – التهرب من هذه المسؤولية أو التنصل منها. لذلك وطبقا للدستور فإن الوزير مجبر على الانصات للسؤال الشفوي الذي يتقدم به النائب أو المستشار والجواب عنه في حدود السؤال، ولا يسمح الدستور بانتهاز فرصة طرح السؤال لتصفية حسابات سياسية معينة. إن التهرب من الجواب، أو الالتفاف عليه، أو التنصل منه بأي شكل من الأشكال يعني أولا أن عضو السلطة التنفيذية لا يتوفر على جواب مقنع على السؤال، وهذا ما يمثل مصدر إحراج كبير خصوصا وأن جلسة الأسئلة الشفوية تنقل مباشرة عبر شاشة القناة الوطنية وأمواج الاذاعة الوطنية، لذلك يبادر الوزير بالبحث عن مخرج للورطة فلا يجد غير تمييع الجواب وتسييسه وخلق أجواء البلبلة تحت قبة البرلمان، وهذا سلوك لا يمكن أن يكون مقبولا من عضو في هيئة دستورية مجبرة على الامتثال للدستور. ثم إن هذا السلوك المشين يمثل مظهرا من مظاهر تحقير مقتضيات دستورية تنظم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لأن عدم احترام الدستور بالامتثال لمقتضياته لا يمكن أن تعني إلا تحقيرا متعمدا للدستور. ثم إن الحياة البرلمانية ليست في حاجة إلى مزيد من الضربات التي تزيد مرضها استفحالا، إذ يكفيها ما هي عليه. أما وأن يتعمد وزير تتفيه الأداء البرلماني فإنه – من حيث يدري أو لا يدري – يزيد انعدام الثقة في المؤسسات الدستورية ويعمق ظاهرة النفور الجماعي من هذه المؤسسات، وبذلك لا يكون الوزير مختلفا عن الذين يحملون معاول الهدم ضد المؤسسات الدستورية في البلاد. لذلك لابد للسيد رئيس الحكومة أن ينبه السادة الوزراء إلى هذا الاختلال الكبير الذي يمس مصداقية الحكومة. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: