لم يتسع صدر السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني السيد بلمختار إلى ما تطرقت إليه المستشارة السيدة خديجة الزومي في تعقيبها على جواب له على سؤال شفوي حول التعليم بمجلس المستشارين. وكان السيد الوزير يعلم علم اليقين أن التلفزة تنقل وقائع الجلسة مباشرة على الهواء لذلك أدار ظهره لمداخلة السيدة المستشارة وركز على مداعبة هاتفه المحمول لفترة طويلة وهو بذلك يظهر للرأي العام الوطني أنه غير معني فيما تتحدث فيه السيدة البرلمانية في شأن هام من الشؤون العامة في البلاد. ما قام به السيد الوزير يكشف عن قناعاته الحقيقية إزاء المؤسسات الدستورية في بلادنا، فمداعبة هاتف محمول أثناء القيام بواجب دستوري يعكس احتقار العمل البرلماني الذي هو جزء أساسي من الدستور. والحقيقة شخصيا لا أستغرب تماما من هذا التصرف المشين، لأن التصرف جزء من الرجل، والرجل لا علاقة له بالممارسة الدستورية في كنهها، فهو التقنوقراطي المتسرب طوال حياته للمناصب السياسية والإدارية السامية بما فيها الوزارية دون أن يكلفه ذلك أي جهد أو عناء بما في ذلك حضوره في التشكيلة الحكومية الحالية. فلا هو مطالب بمواجهة المحاسبة في المحطات الإنتخابية، ولا هو منتمي لبرنامج انتخابي مثل تعاقدا مع المواطنين، ولا هو رجل فكر وسياسة يحرص على المساهمة في إثراء النقاش السياسي العام في البلاد بما يفيد التجربة، لذلك ليس للرجل ما يخاف عليه. قلتها له في مرة سابقة حينما كنا بصدد مناقشة تسريب أسئلة امتحانات شهادة الباكالوريا في لجنة التعليم والثقافة والاتصال، بأن الأمر في هذه الحكومة لم يقتصر على تسريب هذه الأسئلة بل التسريب وصل حد المناصب الحكومية حيث تسرب هذا الوزير إلى هذه الحكومة السياسية. لم يكن مقبولا من رئيس جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين أن يغض الطرف عن الإهانة التي تعرض لها المجلس من سلوك الوزير المشين (المشين هنا تعود للسلوك وليس للوزير) وكان لزاما عليه إجبار الوزير على احترام المؤسسة الدستورية. وإذا أراد السيد الوزير اللعب في هاتفه المحمول فعليه أن يفعل في روض للأطفال مع أقرانه هناك.