كان بإمكان المغاربة أن يستغلوا الأزمة المركبة التي تمر بها الجارة إسبانيا لتصفية ركام هائل من الحسابات الضيقة. فمدريد لم تدخر جهدا طوال عقود من الزمان في الحفر بأصابع صلبة في جرح الانفصال في المغرب. ولم تبخل الطبقة السياسية والنقابية والحقوقية والإعلامية الإسبانية ومن مختلف أرجاء التراب الإسباني في تقديم جميع أشكال الدعم لحركة الإنفصال في جنوب المغرب، وكان مفهوما جدا أن ينتهز المغاربة فرصة أزمة كاتالونيا لرد الديون الكثيرة من خلال مناصرة حركة الإنفصال من خلال الإعلام وإرسال النشطاء للقاء بالإنفصاليين وعبر البلاغات والبيانات المتضامنة. لكن المغاربة تجنبوا منهجية تصفية الحسابات وإرجاع الصاع صاعات وتمسكوا بالمبدأ الذي يرفض التجزيء والتشتت والإنفصال، والحقيقة فإن البيان الرسمي الذي أصدرته وزارة الخارجية المغربية في هذا الشأن كان بيانا يعبر عن موقف المغاربة الذين يضعون المبدأ قبل الحسابات السياسية، لذلك نكررها للمرة الألف إن المغاربة لا يمكن أن يقبلوا بما يرفضونه فوق ترابهم بغض النظر عن حجمه. ونأمل أن يتمعن الشعب الإسباني في هذا الموقف جيدا، ويرتب القناعات التي يجب أن يرتبها عن هذا التمعن. فكما أن وحدة إسبانيا الترابية والسيادية ليست قابلة للمساس من خلال الإنفصال فكذلك الوحدة الترابية والسيادية بالنسبة للشعب المغربي قاطبة، ولا هي مقبولة بالنسبة لأية دولة من دول الجوار، ومن حق المغاربة أن تكون لهم نفس ردود الفعل التي أبدتها السلطات العمومية الإسبانية تجاه حركة انفصالية وردود الفعل التي أبداها ملايين الإسبان . ومن حق المغاربة أيضا أن يتعاملوا مع الحركة الإنفصالية، بنفس الحزم والشدة اللذين تعاملت بهما السلطات الإسبانية، واللذين وصلا حد استعمال العنف ولم نسمع أي صوت إسباني أو أروبي رسمي منددا بما حدث. ما كنا نأمل أن تتذوق الجارة الإسبانية مرارة السعي نحو الإنفصال، ولكن وقد حدث ما حدث فإن المغاربة ينتظرون ما إذا كان لذلك تأثير على موقف إسبانيا الرسمي من النزاع المفتعل في الصحراء المغربية. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: