مع إقتراب شهر سبتمبر 2017 من نهايته قدرت العديد من الأوساط السياسية والعسكرية ومراكز الرصد أن المواجهة الروسية الأمريكية على أرض الشام تشهد نقلة جديدة تقربها من حالة إمتحان القوة كالتي شهدتها الحرب الفيتنامية خلال سنواتها الثلاث الأخيرة 1972 و 1975. نقطة الخلاف بين هؤلاء هنا هو أي مسار سيأخذه الصراع، وهل ستكون الحصيلة إنسحاب واشنطن وحلفائها كما حدث في جنوب الفيتنام وسقوط سايغون يوم 30 ابريل من عام 1975، أم أن الصراع سيستمر مع إحتمال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين القوات الأمريكية والروسية. تورط أمريكي مباشر جديد يوم 19 سبتمبر شن مسلحو جبهة النصرة هجوما واسع النطاق ضد وحدات الجيش السوري في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا. وأعلن رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية الفريق أول سيرغي رودسكوي، أن مسلحي النصرة والفصائل المتحالفة معها التي لا ترغب في تنفيذ اتفاقات وقف النار، شنوا الهجوم المباغت رغم الاتفاقيات الموقعة يوم ال15 سبتمبر في أستانا. وبدأ الهجوم الواسع النطاق في الساعة الثامنة صباحا من يوم 19 سبتمبر واستهدف مواقع القوات الحكومية السورية في شمال وشمال شرق مدينة حماة في منطقة خفض التصعيد في إدلب. وأشار المسؤول العسكري الروسي إلى أن خبراء أمريكيين أشرفوا على إعداد الهجوم وتدريب المسلحين المشاركين فيه. وتابع رئيس المديرية: “ووفقا للتقارير، فقد دفعت الاستخبارات الأمريكية بهذا الهجوم لوقف التقدم النشط للقوات الحكومية شرق دير الزور”. وذكر روتسكوي أن المسلحين نفذوا هجومهم بدعم من الدبابات والمركبات المدرعة لنقل المشاة، مشيرا إلى الإعداد الجيد المسبق لديهم. وقال الجنرال “تمكن المسلحون خلال يوم من اختراق دفاعات القوات الحكومية على عمق يصل إلى 12 كيلومترا على طول 20 كيلومترا على خط الجبهة”. وأوضح المسؤول العسكري أن المقاتلين تمكنوا من محاصرة فصيل من الشرطة العسكرية الروسية مكون من 29 شخصا، مؤكدا أن أحد الأهداف الرئيسية للهجوم كان محاولة أسر وحدة الشرطة العسكرية الروسية التي كانت في مركز المراقبة لرصد الوضع في منطقة خفض التصعيد. وتابع قائلا: “ونتيجة لهجوم العصابات، سد الطريق أمام الشرطة العسكرية الروسية، التي صمدت لعدة ساعات أمام الهجمات.. بالتعاون مع مسلحين من قبيلة الموالي السورية التي وقعت اتفاقا للانضمام إلى نظام وقف إطلاق النار وبقيت ثابتة عليه بصدق في هذا الوضع الصعب”. وقال روتسكوي، إن قيادة القوات الروسية في سوريا شكلت فريقا من وحدات قوات العمليات الخاصة والشرطة العسكرية مجهزة بأفراد من عسكريين من شمال القوقاز والقوات الخاصة السورية، لفك الحصار عن الشرطة العسكرية. وأكد أن فريق القوات الخاصة تلقى دعما جويا فقد وجهت مقاتلتان “سو 25” ضربات على أفراد ومدرعات المسلحين من ارتفاعات منخفضة جدا. وأضاف: “ونتيجة لذلك، كسر الطوق عن المحاصرين، ووصلت وحدات القوات الروسية إلى المكان دون خسائر في الأرواح.. وأصيب خلال العملية، ثلاثة جنود”. بعد ذلك على الفور بدأ الهجوم المعاكس للجيش السوري بدعم من الطائرات الحربية الروسية. والذي تم خلاله تدمير 40 مستودعا للسلاح والذخيرة ودبابة و4 آليات مدرعة في مواقع العدو الذي فقد 850 شخصا من عناصره. المحلل السياسي الروسي أرايك ستيبانيان ذكر أن الأمريكيين لا يعدمون وسيلة لإعاقة تقدم الجيش العربي السوري، معتبرا أن الهجوم على الشرطة العسكرية الروسية يندرج في إطار الفعاليات التي توصف بأنها أفعال غريبة ولكنها تحدث على أرض الواقع. وأوضح أرايك ستيبانيان، وهو أمين سر أكاديمية الدراسات الجيوسياسية، في حوار مع راديو سبوتنيك: أثار نجاح الجيش السوري أعصاب الأمريكيين الذين لا يخفون أن تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” هما عميلا الولاياتالمتحدة، وأن المعارضة المعتدلة السورية أنشأتها الولاياتالمتحدة وتستمر في تسليحها. تواطؤ القوات الأمريكية مع “داعش” صباح يوم الأحد 24 سبتمبر نشرت وزارة الدفاع الروسية صورا تدل على تواجد آليات تابعة للقوات الأمريكية الخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” في ريف دير الزور الشمالي. وأعلنت الوزارة في بيان لها أن القوات الأمريكية تضمن لعناصر “قوات سوريا الديمقراطية” المرور دون أي عوائق عبر مواقع ل”داعش” على طول الضفة اليسرى لنهر الفرات. وأوضحت الوزارة أن الصور التي تم نشرها التقطت من الجو في مناطق انتشار “داعش” خلال فترة ما بين 8 و12 سبتمبر 2017، وتظهر العديد من عربات “همر” الأمريكية عند النقاط المحصنة التي أقامها التنظيم. وأشارت الوزارة إلى غياب أي آثار لاقتحام القوات الأمريكية هذه المواقع أو قصف طيران التحالف الدولي لها، وحتى اتخاذ عناصر الجيش الأمريكي أي إجراءات وقائية لحماية مواقعهم، مضيفة أنه “لا يمكن لذلك أن يدل إلا على أن العسكريين الأمريكيين يشعرون بالأمان في المناطق الخاضعة للإرهابيين”. ساحة المواجهة بعد فشل هجمة جبهة النصرة ذكرت مصادر الرصد في العاصمة اللبنانية بيروت أن معطيات ميدان دير الزور تتسارع بعد إحكام الجيش السوري وحلفائه السيطرة على كامل الريف الغربي المتصل مع ريف الرقة الجنوبي، حيث أعلن مصدر عسكري سوري أن الجيش استعاد في الفترة الممتدة بين العاشر والثالث والعشرين من سبتمبر، 44 بلدة وقرية ومزرعة ومنشأة، في أرياف دير الزور والرقة، من جانبه ثبت ما يسمى ب”التحالف الدولي” وهو التحالف الذي تقوده واشنطن وجود قواته داخل عدد من حقول النفط والغاز على الضفة الشمالية لنهر الفرات، فيما بدا أنه تحرك يهدف إلى قطع الطريق أمام استعادة دمشق لتلك المنشآت المهمة والاستراتيجية. وأتى تحرك “التحالف الأمريكي الغربي” عبر تأمين طائراته تغطية جوية لتقدم “قوات سوريا الديموقراطية” من محيط الطريق بين دير الزور والحسكة، شرقا باتجاه حقلي العزبة والطابية، وصولا إلى منشأة غاز “كونيكو”. ونقلت مصادر مطلعة أن قوات خاصة أمريكية ساهمت في تأمين النقاط المحيطة بالشركة، قبل أن تنسحب وتسلمها لمقاتلي “قسد”، مكتفية بتأمين غطاء جوي لردع أي تقدم محتمل من جانب قوات الجيش السوري. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن “التحالف” يخطط لمتابعة التحرك شرقا نحو حقل الجفرة النفطي، الذي يشكل عقدة وصل مهمة بين آبار الريف الشرقي لدير الزور، والذي يعد آخر الحقول النفطية المهمة غرب نهر الخابور. وبعدما انتهت عمليات الجيش السوري وحلفائه يوم 24 سبتمبر، في ريفي دير الزور الغربي، والرقة الجنوبي، بالسيطرة على بلدة معدان والقرى الممتدة على ضفة الفرات الجنوبية، ينتظر ما ستقود إليه قنوات التواصل الروسية الأمريكية لتحديد طبيعة تحرك القوات على الضفة الشرقية لنهر الفرات. الإنسحاب في الوقت الذي كشفت فيه موسكو عن فصل جديد من تعاون الجيش الأمريكي وما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية مع التنظيمات المصنفة إرهابية كداعش والنصرة، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن بلاده أبلغت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن أي محاولات لتعطيل عملية مكافحة الإرهاب وتقدم الجيش السوري “من مناطق مقربة من أصدقاء الأمريكيين… لن تترك من دون رد فعل”. وقال لافروف، في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة 22 سبتمبر في نيويورك على هامش أعمال الدورة ال72 للجمعية العامة للأمم المتحدة: “هناك وجود شرعي، يجري تنفيذه على أساس الدعوة من قبل السلطات الرسمية، وهناك وجود غير شرعي، الذي يتمثل بأعمال التحالف بقيادة الأمريكيين والقوات الخاصة لعدد كبير من الدول، التي لم يدعوها أحد”. وأضاف لافروف: “إنني على يقين بأن الخطوة الأولى بعد هزيمة الإرهاب في سوريا تتمثل بضرورة سحب جميع القوات، الموجودة في سوريا بطريقة غير شرعية”. وشدد لافروف على أن الجهات، التي تمت دعوتها إلى سوريا من قبل حكومة البلاد، فمسألة بقائها “ستقرره قيادة الدولة السورية نتيجة العملية السياسية”. وفي سياق متصل، أكد لافروف على ضرورة منع تقسيم أراضي سوريا، محذرا من التداعيات الخطيرة التي قد يؤدي إليها وقوع ذلك بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط برمتها. وأكد الوزير الروسي بهذا الخصوص: “من الضروري منع تقسيم سوريا بأي شكل من الأشكال، إن ذلك سيسفر عن تداعيات متسلسلة في الشرق الأوسط بأسره”. وأوضح لافروف أن إقامة مناطق تخفيف التوتر في سوريا تهدف بالدرجة الأولى إلى خفض مستوى العنف في البلاد وتهيئة الأرضية الملائمة لإطلاق حوار سوري سوري شامل من أجل حل الأزمة بطريقة سياسية. وشدد لافروف في هذا السياق على أن هذا الإجراء مؤقت، مبينا أنه من المخطط له أن يعمل نظام مناطق تخفيف التوتر في سوريا لمدة 6 أشهر فقط. وخلال تطرقه إلى العلاقات بين القوات الروسية والتحالف الدولي ضد “داعش” في سوريا، أكد لافروف أن تكثيف التنسيق العسكري بين الجانبين يمثل أمرا ضروريا لإنهاء محاربة الإرهابيين في البلاد بصورة فعالة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن واشنطن تمنع الجيش الأمريكي من القيام بذلك. وأوضح لافروف أن دحر الإرهابيين يتطلب تنسيقا حقيقيا بين العسكريين الروس والأمريكيين وليس فقط التواصل لمنع وقوع الاشتباكات بينهم، مشيرا إلى أن قانون الميزانية الأمريكي يفرض حظرا على مثل هذا التنسيق مع روسيا. وأضاف لافروف: “وما سبب ذلك؟ إنه يكمن في أن المشرعين، الذين يتبنون مثل هذه القوانين، لا يهتمون بحل النزاعات في مختلف أنحاء العالم أو تطوير العلاقات المفيدة بالنسبة للعمل الأمريكي مع روسيا، وإنما توجيه رسائل سياسية، وها هي رسالتهم، التي نعيش بها الآن”. وبالتوازي وفي محاولة للتغطية على التعاون بين الجيش الأمريكي وداعش، نفى المتحدث باسم قوات التحالف الأمريكي ريان ديلون، في حديث إلى وكالة “رويترز” أن تكون بلاده في سباق مع موسكو على مناطق دير الزور، موضحا أن القوات التي تدعمها بلاده تتفادى الضفة الشرقية المقابلة لأحياء مدينة دير الزور حاليا… وتركز على التحرك نحو الحدود العراقية. وجدد التأكيد على أن هدف التحالف هو قتال تنظيم داعش. وليس لنا معركة مع النظام السوري أو مع الروس”. يذكر أن أرفع قائد عسكري أمريكي صرح يوم 18 سبتمبر، إن البنتاغون يتخذ إجراءات إضافية لتأمين فاعلية قنوات الاتصال المباشر مع القوات الروسية في سوريا، بعد تعرض قوات حليفة لواشنطن للقصف شرق البلاد قبل أيام. ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” يوم الأحد عن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال جوزيف دانفورد قوله لمجموعة صغيرة من الصحفيين، إن “قناة التنسيق لتجنب النزاعات بين العسكريين الروس والأمريكيين لم تعمل”، عندما قصفت الطائرات الروسية والسورية مواقع لقوات المعارضة السورية المدعومة أمريكيا في الضفة الشرقية لنهر الفرات، بحسب الصحيفة. تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الروسية رفضت اتهام البنتاغون باستهداف متعمد لقوات سوريا الديمقراطية، مؤكدة أن “القوات الروسية في سوريا لا تضرب سوى أهداف، يجري تحديدها وتأكيدها في المناطق التي يسيطر عليها ويتمركز فيها تنظيم داعش”. التقسيم بواسطة الأكراد جاء في تقرير نشر في بيروت يوم 25 سبتمبر: في مطلع عام 2015 كان دبلوماسي أوروبي يؤكد في جلسة خاصة ببيروت أن “ظروف التسوية السورية لم تنضج بعد”. لم يكن الكلام مفاجئا حينها، ولم يستغربه أحد من الحاضرين. لكن أبرز ما حضر في كلام الدبلوماسي وقتها كان مرتبطا بالملف الكردي السوري. “راقبوا تطورات هذا الملف، وحين تسمعون عن مسار سياسي تدعى إليه كل الأحزاب الكردية الفاعلة اعلموا أن هذا المسار جدي وواعد”. وقتها كان النشاط العسكري للوحدات الكردية دفاعيا. معركة عين العرب “كوباني” كانت قد انتهت قبل فترة قصيرة، واستغرق الأمر بعدها قرابة عشرة أشهر لإعلان تأسيس “قوات سوريا الديمقراطية” التي شكلت “الوحدات” عمودها الفقري، وتحولت إلى ذراع برية ل”التحالف الغربي” بقيادة واشنطن. مع نهاية معركة عين العرب كانت مساحة سيطرة الوحدات الكردية تقارب 12 ألف كيلومتر مربع فحسب، ومع إعلان ولادة “قسد”، كانت مساحة سيطرة الأخيرة نحو 15 الف كيلومترا مربعا، لكنها تمددت في مارس 2017 إلى قرابة 38 ألف كيلومتر مربع، ثم إلى نحو 43 ألف كيلومتر مربع حتى منتصف شهر سبتمبر أي حوالي 23 في المئة من مساحة سوريا تقريبا. بينما تؤكد مصادر قيادية في “قسد” أن “حجم السيطرة الفعلية اليوم قد تجاوز 30 في المئة من الأراضي السورية”. مرت العلاقة بين دمشق و”قسد” بمنعطفات كثيرة، لتختبر اليوم ذروة جديدة من التوتر في أعقاب الدخول السريع ل”قسد” على خط معركة دير الزور وسيطرتها أخيرا على معمل غاز كونيكو بما يمثله من أهمية استثنائية “رمزيا واقتصاديا”. ورغم أن قوات الجيش السوري كانت قريبة إلى حد كبير من المعمل المذكور، وأن مصادر عدة قد تحدثت عن انطلاقة وشيكة للجيش نحوه تحاول “قسد” بدعم من واشنطن وقف التقدم السوري بينما تخلق إسرائيل وضعا متوترا في منطقة الجولان لشغل الجيش السوري على جبهة مختلفة. طريق التحدي في الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث على جبهة دير الزور أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم الأحد 24 سبتمبر عن مقتل اللواء فاليري أسابوف بقصف مدفعي شنه مسلحو تنظيم “داعش” في دير الزور السورية. وقالت الوزارة في بيان إن اللواء فاليري أسابوف، الذي ترأس مجموعة المستشارين العسكريين الروس في سوريا، تعرض لإصابة قاتلة جراء انفجار قذيفة أطلقها مسلحو “داعش”، عند مركز قيادة تابع للجيش السوري، حيث كان يؤدي مهمته لمساعدة العسكريين السوريين في إدارة عملية تحرير مدينة دير الزور من “داعش”. يذكر أن الجيش السوري نجح في 5 سبتمبر، أنه وبدعم عسكري جوي روسي، في فك طوق الحصار عن مدينة دير الزور المحاصرة من قبل تنظيم “داعش”، منذ ثلاث سنوات، حيث جرى التحام قوات الجيش المتقدمة من ريف دير الزور الجنوبي الغربي مع القوات المتواجدة بالفوج 137 غرب المدينة. وكالات الأنباء الروسية نشرت صورة اللواء فاليري أسابوف برفقة الرئيس الروسي بوتين. قبل حوالي 20 يوما من مقتل اللواء فاليري أسابوف، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل جنديين روسيين في ريف دير الزور السورية بسقوط قذائف أطلقها مقاتلو تنظيم “داعش” الإرهابي. وقالت الوزارة في بيان نشرته الاثنين، إن الجنديين المتعاقدين كانا يرافقان قافلة من السيارات العسكرية تابعة للمركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع في سوريا. مصادر رصد في العاصمة الألمانية برلين أشارت إلى أن هناك ضربات متبادلة بين واشنطنوموسكو في سوريا، وإن هناك مثلا معلومات عن مقتل عسكريين أمريكيين في سوريا خلال قصف أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية يوم 22 سبتمبر حيث قامت إحدى غواصتها بإطلاق صواريخ مجنحة من نوع “كاليبر” من البحر المتوسط على مواقع جبهة النصرة في ريف إدلب. المصادر الألمانية أفادت أن البنتاغون يغطي في كثير من الأحيان على سقوط ضحايا له بحوادث السيارات أو بمواجهات على جبهات غير التي سقط فيها الضحايا. ربما مصادفة ويوم السبت 9 سبتمبر 2017 كشفت وزارة الدفاع الروسية، لأول مرة، في بيانات رسمية عن الخسائر بالأرواح بين المواطنين السوفييت في كوبا، خلال أزمة الصواريخ التي كادت تشعل حربا نووية بين الجبارين قبل 55 سنة. وقالت الوزارة إن “64 من مواطني الاتحاد السوفيتي قتلوا في كوبا، في الفترة من 1 أغسطس 1962 إلى 16 أغسطس 1964” دون أن تذكر عدد العسكريين والمدنيين منهم، ولا الظروف والحوادث التي أودت بحياة هؤلاء المواطنين السوفييت خلال هذه الأزمة. الفضاء الجوي السوري يقدر مراقبون أن تحركات موسكو تؤشر إلى أنها تتبع سياسة تصعيدية في مواجهة واشنطن فيوم الأحد 24 سبتمبر انتشر على شبكة الإنترنت شريط فيديو تظهر فيه لحظة وصول الآليات البرمائية التابعة للجيش الروسي إلى قاعدة حميميم في سوريا، وذلك تمهيدا لمشاركتها في المعارك ضد المسلحين بمنطقة نهر الفرات. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، ليلة الخميس إلى الجمعة 21 و 22 سبتمبر، عن تحرير 87.4 بالمئة من الأراضي السورية، التي كان يسيطر عليها تنظيم “داعش”، في الفترة منذ إطلاق روسيا عمليتها ضد الإرهاب في سوريا في 30 سبتمبر 2015. وقالت الوزارة، حول نتائج العملية الروسية في سوريا حتى يوم 20 سبتمبر 2017، إن قوات روسيا الجوية نفذت بشكل عام “أكثر من 30 ألف طلعة قتالية” أدت إلى تدمير 96828 موقعا للإرهابيين. وأوضح الإنفوغرافيك، الذي احتوى عليه البيان، أن الغارات الروسية أسفرت عن تدمير 8332 مركز قيادة، و17194 نقطة محصنة، و53707 تجمعات للمسلحين، و970 معسكرا للتدريب، و6769 مستودعا للذخائر والمعدات العسكرية، و212 حقلا للنفط و184 مصنعا لتكرير النفط، و132 محطة لضخ الوقود وقافلة لصهاريج النفط، وذلك بالإضافة إلى 9328 موقعا آخر. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت يوم 25 أغسطس 2017 عن أن الخبراء العسكريين الروس والسوريين أنشؤوا نظام دفاع جوي موحد ومتكامل على الأراضي السورية. جاء ذلك على لسان نائب قائد القوات الجوية الفضائية الروسية، سيرغي يشيرياكوف، الذي قال أثناء مشاركته في طاولة مستديرة نظمت في إطار معرض “الجيش-2017″، يوم الجمعة: “في الوقت الحالي، تم إنشاء نظام الدفاع الجوي المتكامل الموحد، حيث جرى دمج المعدات الاستخباراتية الجوية الروسية والسورية في نظام موحد فنيا ومعلوماتيا”. وبين ميشيرياكوف أن كل المعلومات الخاصة بالوضع في السماء السورية التي توفرها محطات الرادارات السورية تتلقاها مراكز المراقبة التابعة لمجموعة القوات الروسية في سوريا. يذكر أن مجموعة قوات الدفاع الجوي الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم بريف اللاذقية تضم كتيبة الهندسة الراديوية وبطارية من منظومة “بانتسير – أس”الروسية للصواريخ، والمدافع المضادة للجو، ومنظومات “أس – 400” الصاروخية. وأكد ميشيرياكوف أن منظومات الدفاع الجوي الروسية في مطار حميميم تراقب كل الأهداف الجوية ضمن دائرة يبلغ نصف قطرها 400 كيلومتر، وعلى ارتفاع يصل إلى 35 كيلومترا. مراقبون ذكروا أنه بسبب هذه الشبكة الدفاعية أصبح الطيران الإسرائيلي يتجنب خرق المجال الجوي السوري وإتجه إلى استخدام المجال الجوي اللبناني لإطلاق صواريخه. في نطاق تعزيز القدرات العسكرية كذلك ستعزز روسيا قواتها الجو الفضائية المنتشرة في سوريا، قبل نهاية عام 2017، بمقاتلات قاذفة حديثة ذات قدرات فريدة تسمح لها بمقاومة كل المضادات التي تعترضها. والمقاتلة الجديدة التي ستتسلمها القوات الجوية الروسية قبل نهاية العام، هي من طراز “سو 25إس إم3″، وهي نوع مطوّر من المقاتلة القاذفة “سو 25″ المسماة ب”غراتش” نسبة إلى طير غراب القيظ. وتسمح القدرات الفريدة لقاذفة “سو 25إس إم3” لها بالقضاء على أي هدف في ميدان القتال سواء خلال النهار أو الليل، وفي مختلف الظروف الجوية وحالات الطقس، وذلك بفضل نظام “سولت 25” البصري الإلكتروني الذي يبحث عن الأهداف المطلوب ضربها ويدمرها بنفسه لمجرد أن يضغط الطيار على زر الإطلاق. وتستطيع “سوبر غراتش” مقاومة كل ما يستهدفها من مقذوفات مضادة مهما كانت أنواعها، وذلك بفضل نظام “فيتيبسك” الذي يجعل الطائرة محصنة ضد كل الصواريخ المضادة للطائرات، وهذا النظام الدفاعي هو ما يميز المقاتلة القاذفة “سو 25إس إم3” عن سابقتها “سو 25”. على الصعيد البحري انضمت فرقاطة “بيتليفي” الروسية، يوم 13 سبتمبر، إلى التشكيلة الدائمة لأسطول البحر الأسود الروسي في البحر المتوسط أمام السواحل السورية وفي مقابل جزء من الأسطول السادس الأمريكي الموجود في المنطقة ذاتها. اعتراف في الوقت الذي يستمر فيه التصعيد على ساحة بلاد الشام يسود قلق في الأوساط العسكرية الأمريكية من اختلال موازين القوى العملياتي حيث قالت صحيفة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، إن الأسلحة الروسية والصينية، تهدد اعتماد الولاياتالمتحدة على عدد من الأنظمة المعقدة، والتي لا غنى عنها في الوقت نفسه. ونقلت الصحيفة، عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة قوله في تقرير، إن الأسلحة الروسية والصينية غير المكلفة، كأسلحة شن الحرب الإلكترونية أو الصواريخ المضادة للسفن، أصبحت تهدد اعتماد الغرب على الأسلحة المكلفة. ويشير التقرير، إلى أن معظم مقتنيات الجيوش الغربية المهمة تعتبر “كبيرة الحجم جدا، وقليلة العدد، ومكلفة”، مضيفا إلى أن الحكومات الغربية “تعي تماما مشاكل هذا الاختلال المالي، عندما تبين أنها تستخدم أسلحة تبلغ قيمتها 70 ألف دولار أو مقاتلات تبلغ قيمة رحلتها في الساعة 30 ألف دولار، من أجل تدمير سيارة بيك آب تيوتا يمكن أن يصل ثمنها في أحسن الأحوال 10 آلاف دولار”. ويضيف التقرير، إنه كمثال آخر، فمن أجل تدمير حاملة طائرات بريطانية تبلغ قيمتها 3.9 مليار دولار، تكفي عشرة صواريخ فقط، بقيمة نحو 640 ألف دولار لكل منها. ويشير التقرير إلى أنه “في وقتنا الحالي، لا يمكن للغرب الاعتماد على التفوق التكنولوجي، إذ أن قواته المسلحة موجهة على حروب خارجية، في وقت تركز فيه روسيا والصين اهتمامهما على أمن حدودهما. ويقول المعهد: “وهكذا، وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدة تنفق أكثر بكثير من خصومها المحتملين، على تطوير تكنولوجيا الدفاع، إلا أن أفضل التقنيات لديها ليست بالضرورة ذات ميزة عسكرية نسبية في مسرح معين للعمليات القتالية”. بيد أن التقرير لم يحدد أي التسليح الأمريكي يعتبر “الأكثر انخفاضا لقيمته”، لكن المعهد اختتم تقريره قائلا “إن حاملات الطائرات المفضلة لدى أسطول البحرية الأمريكية ستكون على رأس القائمة”. تجربة 600 سلاح التقرير جاء في نفس الوقت تقريبا الذي أعلن فيه سلاح البحرية الروسي أن مقاتلات “ميغ 29 كا” و”سو 33″ البحرية نفذت أكثر من 400 طلعة في سوريا، منطلقة من حاملة الطائرات “الأميرال كوزنيتسوف” ودمرت أثنائها 1300 هدف تابع ل”داعش”. وأوضح رئيس هيئة الأركان العامة لسلاح البحرية الروسي، أندريه فولوجينسكي، في تقرير ألقاه أثناء طاولة مستديرة نظمت في سياق فعاليات المعرض العسكري الدولي “الجيش 2017″، أوضح أن طائرات “سو 33” التابعة لسلاح البحرية الروسي استخدمت لضرب الأهداف في محافظتي دمشق ودير الزور، الواقعة على بعد أكثر من 300 كيلومتر من مكان حاملة الطائرات “الأميرال كوزنيتسوف”. أما طائرات “ميغ 29 كا”، فاستخدمت لإصابة الأهداف الواقعة على بعد يصل إلى 300 كيلومتر في مناطق إدلب وحلب وتدمر. وشدد فولوجينسكي على أن الإشراك المكثف هذا لسلاح البحرية الروسي في العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية بسوريا، يعد الأكبر من نوعه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. إضافة إلى ذلك، فقد اكتسبت القوات البحرية الروسية لأول مرة خبرة استخدام صواريخ “كاليبر” المجنحة البحرية خارج الأراضي الروسية. من جانبه، أكد إيغور ماكوشيف، نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الروسية، أن الإطلاق المكثف لصواريخ “كاليبر”، بما في ذلك، من غواصات كانت تحت الماء، مكن القوات الروسية من إصابة الأهداف على بعد يصل إلى ألف وخمسمئة كيلومتر “بدقة مطلوبة”. وشدد ماكوشيف على أن “اختبارات الأسلحة البعيدة المدى والعالية الدقة خلال العمليات في سوريا أثبتت قدرة سلاح البحرية الروسي على البقاء لمدة طويلة في مناطق بعيدة من المحيط العالمي، في حالة الاستعداد لتوجيه ضربات بصورة انفرادية وجماعية ومشتركة”. أكثر من 200 نوع من الأسلحة الروسية استخدمت في سوريا وأثبتت فعاليتها العالية، وأضاف ماكوشيف أن أكثر من 200 نموذج من الأسلحة الروسية، تم استخدامها في سوريا، خاصة تلك التي لا تزال قيد الاختبار، وأثبتت فعاليتها العالية وقدرتها على تنفيذ المهام المحددة. وسبق أن أفاد نائب وزير الدفاع الروسي، يوري بوريسوف، بأن العدد الإجمالي لأنواع الأسلحة الروسية التي تم اختبارها في ظروف القتال الحقيقي في سوريا بلغ أكثر من 600 نوع. الحرب مع روسيا في نطاق حرب الأعصاب بين موسكووواشنطن أصدر الجيش الأمريكي كتابا دراسيا حول التكتيك الروسي لإجراء الحرب الهجينة وكذلك أساليب ردعه. وتناول الكتاب الدراسي بشكل خاص العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وسوريا، بالإضافة إلى تقديم المعلومات حول المعدات العسكرية الروسية والمجالات الضعيفة للقوات الروسية التي يمكن أن يستخدمها الجيش الأمريكي. وكتبت صحيفة “ذي نايشنل انترست” أن الكتاب بعنوان “الحرب الروسية للجيل الجديد” من 68 صفحة، تم إصداره في ديسمبر 2016، ونشر مؤخرا على شبكة الإنترنت. واعتمادا على نتائج تحليل العمليات الروسية في أوكرانيا والقرم وسوريا، توصل مؤلفو الكتاب إلى استنتاج مفاده أن الاستراتيجية الروسية تعتمد على تحقيق تغيير السلطة في منطقة ما عن طريق التوحد مع “القوى الدمية” المحلية وليس عن طريق تحقيق الانتصار العسكري العادي. ومن الممكن أن يعتمد الموقف الروسي على استخدام كل الأساليب والنفوذ المتوفرة لتحقيق تغيير نظام الحكم. وأشار الكتاب أيضا إلى أن روسيا بدأت استخدام الأسلوب الأمريكي لتغطية ساحة المعركة بمساعدة الطائرات المأهولة وأنظمة بدون طيار للكشف عن قوات العدو التي من الممكن فيما بعد إزالتها بالطيران والمدفعية. ومن بين الأشياء الضعيفة لدى الجيش الروسي، ذكر مؤلفو الكتاب عدم وجود حافز بين المجندين الروس، وضعف الخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى دعم قوي ولكن غير دقيق من الطيران والمدفعية. وحذر الكتاب الجيش الأمريكي من قدرة وسائل الدفاع الجوي والمعدات العسكرية الإلكترونية الروسية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عدد هذه المعدات قليلة للغاية وهي تتمركز في مدينة كالينينغراد الروسية وفي أوكرانياوسوريا. عمر نجيب للتواصل مع الكاتب: [email protected]