هضم المغاربة بما يكفي من النضج و المسؤولية الرسائل و الاشارات التي تضمنتها نتائج الاقتراع الانتخابي للجمعة الماضي ، و التي عبر من خلالها الناخب المغربي بوطنية وبروح أمل عما ترتضيه إرادته من خير و نماء لمدنه و قراه . أدى الناخب / المواطن واجبه الوطني بحرية ووطنية وتحولت المسؤولية الاخلاقية و السياسية حاليا الى المستشارين الجماعيين المنتخبين و الى الادارة التي تشرف على مسلسل الاقتراع و أيضا الى الأحزاب السياسية التي أطرت وزكت لوائح المنتخبين الجدد . المسلسل الانتخابي ينتقل حاليا الى محطة أخرى لا تقل أهمية و حساسية و هي المتعلقة بتشكيل مكاتب المجالس المحلية الحضرية منها و القروية في ضوء ما ستفرز عنه التحالفات الممكنة التي تتيحها النتائج المحصل عليها . إرادة الناخب المغربي أفرزت أقطابا سياسية مضبوطة ومجسدة و يجب لمنطق التحالفات أن يخضع لارادة الناخب بما تتطلبه العملية من شفافية و نزاهة و أخلاق سياسية عالية و تحكيم لمنطق الصالح العام و ليس لمنطق المصالح الذاتية الضيقة . العملية التي ترهن مصير و أداء و انسجام المكاتب المسيرة للشأن المحلي للساكنة المغربية في هذه المحطة الأساسية في تاريخ المغرب تفرض التحلي بروح الوطنية و الصدق والمسؤولية و الكفاءة و يجب أن تعقد و تبرم التحالفات في ضوء البرامج و التعاقدات الواضحة و الشفافة لتبويء الطاقات و الكفاءات النزيهة و الفعالة مسؤولية التدبير اليومي لشؤون المواطن المغربي بقدرة و كفاءة . وقد اعتبر جلالة الملك التركيبة البشرية الناتجة عن اقتراع 12 يونيو بمثابة القاعدة الأساسية للديمقراطية والمجال الخصب لتفاعلها الإيجابي مع التنمية. وهو ما يفرض على كل ذي غيرة وطنية صادقة، وانشغال بترسيخ مصداقية الانتخابات; أن يعتبرها استحقاقات ديمقراطية وتنموية في آن واحد. تقتضي منافسة مفتوحة ، ببرامج مضبوطة، في التزام جماعي بالصالح العام، والعمل على نبذ كل ممارسة سياسوية دنيئة، لم يعد لها مكان في مغرب اليوم. وعندما نجعل كسب معركة التنمية محور الرهان الانتخابي، فإن ذلك لا يعني تجريده من طابعه الديمقراطي، أو الأخذ بالمقولة الزائفة لنهاية السياسة. الادارة التي نجحت في ترجمة التعليمات الملكية المتعلقة بضمان مصداقية عملية الاقتراع مدعوة الآن الى الحياد واليقظة لكي لا تفقد عملية تشكيل مكاتب المجالس مدلولها الحقيقي الذي يستمد جوهره من الارادة الملكية و إرادة الناخب . التحالفات يجب أن تخضع لمعطيات موضوعية مبنية على البرامج و التقاطبات و الانسجام و ليس على سلطة المال . مرحلة التحالفات يجب أن تؤطرها أهداف و نوايا صادقة لبلورة برامج للتنمية المحلية المندمجة ، ولانتقاء النخب المؤهلة للنهوض بها بكل كفاءة وأمانة تمهيدا لجيل من المنتخبين ومدبري الشأن المحلي قادرين على استيعاب مبادئ و أعراف الحكامة الجيدة ، باعتبارها الرهان الأهم لانتخابات 12 يونيو، أحد المحاور ذات الأولوية في تدبير الشأن المحلي، خاصة في ظل ما تتضمنه من تدبير سليم للمالية المحلية وتثمين بالغ للموارد البشرية للجماعات بغرض تأهيلها في اتجاه تقديم خدمات تتميز بالجودة لفائدة المواطن، وتحفيز انخراطها على نحو أكثر فاعلية في التنمية المحلية. هذه هي روح الرسالة التي تترجم جوهر الارادة الملكية و آمال و انتظارات الناخب المغربي .