سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثلاثة أسئلة لأحمد أكرواز رئيس جمعية أحمد ولد بلا للعمل الاجتماعي والثقافي والبيئي بكلميم الفعل الجمعوي ينطلق من إقناع الأفراد بجدوى العمل وينتهي بالتضحية الذاتية بحثا عن برامج ومشاريع التنمية
قد لا يختلف اثنان على كون المجهودات التي تبذلها أجهزة الدولة ومؤسساتها على الصعيد التنموي لا تكفي، إن هي ظلت معزولة، لتحقيق التنمية المنشودة، ما يحتم انخراطا حقيقيا وتفاعلا جديا من قبل المجتمع المدني، وفي هذا السياق أضحى العمل الجمعوي لبنة أساسية قد لن ينهض صرح البناء في منأى عنها، وما المنجزات التي أفلحت العديد من جمعيات المجتمع المدني في تحقيقها من قبيل تعبيد الطرقات وكهربة المداشر والقرى وربطها بالماء الشروب وخلق مشاريع مدرة للدخل وموفرة لفرص الشغل وغيرها سوى مؤشرا ودليلا عما أسلفنا من كلام. فالعمل الجمعوي لم يعد حكرا على المدن فحسب ولكن أيضا ممارسة يقبل عليها شباب القرى والبوادي يوما بعد آخر. حول هذه التجربة التقت «العلم» أحمد أكرواز رئيس جمعية أحمد ولد بلا للعمل الاجتماعي والثقافي والبيئي بجماعة فاصك إقليمكلميم وأجرت معه الحوار التالي: رشيد بوهنكر س: ماهي ظروف تأسيس الجمعية التي ترأسونها وما المرجعية المعتمدة لاختيار التسمية؟ أعتقد أن الممارسة الجمعوية لم تكن أبدا أمرا جديدا في أوساط ساكنة المنطقة التي أنحدر منها، فقد دأب أجدادنا وآباؤنا على تذليل كل الصعاب بمقاربة جمعوية صرفة، من خلال عادة «التويزة» التي كانت تعتمد للتسريع من وتيرة إنجاز بعض الأشغال خصوصا الفلاحية منها، وغيرها من العادات التي ينخرط فيها الجميع دونما تردد، والتي ساهمت كثيرا في النهوض بالمنطقة وضمان استمرارية الحياة بها، إلا أن عصرنا الحالي تميز ببروز جيل جديد من الفاعلين الشباب، لهم كفاءات وخبرات في مجالات عدة، ماحذا بنا إلى لملمة شتات هذه الفئة التي ترى في العمل الجمعوي الجاد السبيل الأنجع لتحقيق التنمية التي تنشدها ساكنة جماعة فاصك القروية، وتحسين الظروف السوسيو اقتصادية والبيئية للفئات المعوزة، وتأهيل المنطقة على المستوى الاجتماعي والثقافي والبيئي. واختيار اسم أحمد ولد بلا لم يكن وليد الصدفة بقدر ما هو عصارة نقاش مطول من قبل الجمع العام التأسيسي، لكن أيضا تيمنا بنسب قبيلة أيت أحمد، فالحماديون المنحدرون من أبيهم أحمد ولد بلا ولد عثمان قدموا لأول مرة من «توات» واستقروا بمنطقة «تكموت» لفترة طويلة ثم ب»أكويام» قبل أن ينتهي بهم الأمر للاستقرار بمنطقة «فاصك»، وأملنا أن تكون هذه التسمية حافزا للأجيال الحالية والقادمة لإعداد وتجميع بحوث ودراسات علمية وتاريخية عن المنطقة. س: ما رأيكم في العمل الجمعوي بالوسط القروي من خلال تجربتكم الخاصة وكيف توفقون بين مجالات اهتمام الجمعية؟ لاشك أن القرى والمداشر أضحت اليوم أحوج من غيرها للعمل الجمعوي لاسيما في ظل وجود برامج ووكالات وشركاء ومتدخلين على استعداد متواصل ودائم لدعم المشاريع الطموحة والمتكاملة لجمعيات المجتمع المدني، لكن هذا لا يمنع من الإقرار بصعوبة الممارسة الجمعوية بالعالم القروي، خاصة وأن فئات عريضة من ساكنة المنطقة لازالت تعاني من استفحال الفقر والأمية بحدة، ما يجعل الحس الجمعوي ومفاهيم التشارك والتواصل والتعاقد غائبة في أذهان الكثيرين، لذا فاقتحام المجال يقتضي عملا مضاعفا ومجهودا مزدوجا يبدأ بإقناع الأفراد بجدوى العمل الجمعوي وتشجيعهم على الانخراط فيه، وينتهي بالتضحية الذاتية بحثا عن برامج ومشاريع لتنمية مجالات اهتمام الجمعية، المتمثلة في الجانب الاجتماعي الذي نتوخى من خلاله توطيد المبادئ والأخلاق الحميدة وترسيخها، كالتعاون والتكافل والتآزر بما يساهم في التخفيف من مظاهر الأمية والفقر والهشاشة لدى ساكنة المنطقة، والجانب البيئي الذي نروم منه إنقاذ واحتي «فاصك» و»تاوريرت» من الاندثار جراء النقص الحاصل في مصادر المياه بسبب ظاهرتي الجفاف والتصحر ومشكل التسربات الباطنية لمياه العيون، إضافة إلى السعي لتأهيل حوض «توفليت» باعتباره مصدر قوت الساكنة والكسب على المستوى الفلاحي، ومجالا لتوفير فرص الشغل لفئة من الشباب، وبالتالي الحد من ظاهرة الهجرة القروية مما يتطلب التعجيل بمشروع بناء سد على وادي صياد الذي أنجزت دراسته التقنية. أما في الجانب الثقافي فالجمعية كلها طموح لصون الموروث الثقافي والحضاري الغني لقبيلة أيت أحمد التي تنتمي إلى مجال «وادنون» الواسع واتحادية «تكنة». س: وماذا عن أهم منجزات الجمعية وآفاقها المستقبلية؟ لقد لقيت الجمعية تجاوبا واسعا من لدن كل الفئات واستطاعت رغم فتوتها، جلب العديد من المشاريع للساكنة وأخص بالذكر تربية الماعز المهجن في شقيه الأول بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والثاني مع منظمة الأغذية والزراعة، إضافة إلى مشروع تنظيم ندوة حول إنقاذ الواحة وتثمينها والتنمية المستدامة الذي سيمول في إطار شراكة مع البرنامج الأورومتوسطي، كما نظمت الجمعية عددا من الأنشطة منها يوم تحسيسي لحاملي أفكار المشاريع والعمل المقاولاتي والتعاوني، ومجموعة من اللقاءات التواصلية مع الساكنة إضافة إلى ملتقيات رياضية وحملات طبية. والجمعية في طور الإعداد لجلب مشروع خلية للفروسية التقليدية ومشروع بناء حاجز مائي على وادي «بوغزرو» بهدف تقوية الفرشة المائية والمحافظة على التوازنات البيئية واسترجاع الوظيفة التقليدية لبساتين الواحة . وتسعى الجمعية جاهدة لإعداد وجرد الموروث الثقافي والمواقع الأثرية والطبيعية التي ستساهم في إبراز المؤهلات السياحية وتشجيعها، كما تعمل على حل المشاكل المرتبطة بجمود النظام العقاري المحلي وتشجيع مستغلي حوض «توفليت» على إستراتيجية توحيد الأراضي. ولعل لنجاح النسخة الأولى من المهرجان السنوي الأول لأحمد ولد بلا لتمازج الثقافات الذي نظمته جمعيتنا رغم محدودية الإمكانيات، وقع كبير في نفوس ساكنة المنطقة سيما وأنه شكل فرصة لتواصل وتلاقي أبناء المنطقة المحليين بإخوانهم أفراد الجالية المقيمين بالخارج وبشتى الأقاليم المغربية، كما شكل فرصة لإماطة اللثام عن المؤهلات الثقافية والبيئية والسياحية للمنطقة ومتنفسا لساكنتها. لذلك قررنا ان تكون الطبعة الثانية التي قدمناها في حلة جديدة مطلع غشت الحالي تحت شعار: «الزراعة والواحة إرثنا المشترك، إنقاذه مسؤولية الجميع».