مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى 71 لتأسيس جريدة العلم: 11 شتنبر 1946 – 11 شتنبر 2017: التزام دائم بالوطنية وبأخلاقيات المهنة
نشر في العلم يوم 11 - 09 - 2017

*في كلمة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني وهو ولي للعهد عن جريدة «العلم»
مهمة «العلم» أن تجعل الرأي العام قادرا على أن يكون حكما

* العلم – الحسن الياسميني – عبد الناصر الكواي

نص الكلمة التي ارتجلها سمو ولي العهد (جلالة الملك الحسن الثاني) في حفلة ذكري مرور عشر سنوات على صدور جريدة العلم ووضع الحجر الأساسي لبنايتها الجديدة سنة 1956.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
سادتي: إنني ليوم متشرف غاية الشرف بتمثيل صاحب الجلالة نصره الله سيدي ومولاي ملكنا المفدى مولانا محمد الخامس في هذا الحفل الذي هو وضع الحجر الأساسي لجريدة العلم، فهنيئا لجريدة العلم. وأسرة العلم بهذه البناية الجديدة.
فجريدة العلم يمكننا أن نشخصها في جسم شاب مغربي عانى الآلام والمحن. فإذا كان الشخص قد اعتقل فالجريدة قد صودرت وإذاكان الشخص مبتهجا فهي كذلك مبتهجة.
لقد كانت العلم تعيش تحت الظلم والاضطهاد وتحت ضربات الاستعمار وقد اجتازت هذه الفترة من الكفاح المنظم لتصل إلى شيء وهي اليوم تبتدئ كفاحا جديدا ورسالتها هي تدعيم المثل العليا التي كافح الجميع من أجلها، وعلى رأس الجميع زعيم الفداء والكفاح سيدي محمد نصره الله.
يمكنها اليوم وقد أقبلت على عهد جديد أن تفتخر بماضيها أولا، وأن ترسم الخطط لمستقبلها التي ستمشي عليها في المستقبل، لقد عرفت العلم نجاحا باهرا في الأوساط المغربية.
فما هو سر نجاحها
إن سر نجاحها أنها دائما وطيلة العشر سنوات الماضية تمشي على نهج السنية المغربية العتيدة.
فما هي هذه السنية العتيدة انها تتلخص في أربع نقط.
أولا: الدفاع عن الأفراد. والعلم لتحرير الجماعات.
ثانيا الدفاع عن حوزة الوطن وكرامة السيادة
ثالثا التشبث بأهداب الدين الإسلامي الذي هو أساس حياتنا الثقافية والاجتماعية.
رابعا: بناء صرح المحبة والتعلق حول صاحب الجلالة ملك المغرب. فتاريخ المغرب علمنا انه إذا تشبث شخص. أو هيأة بهذه المبادئ الأربعة كانت إذ ذاك داخله في نطاق السنية المغربية العتيدة.
فما هو برنامج العلم في المستقبل؟
إن برنامجها هو العمل على إنارة الأفكار، لأننا مقبلون على عهد يستوجب من كل واحد منا أن يحكم بكيفية رزينة متبصرة عن الحالة المغربية. سواء كان ذلك في دائرة شخصية أو في دائرة أسرته. أو في الحي الذي يقطن فيه، أو المدينة التي يقيم فيها، وهذا سيمكنه من الحكم على الحادث المغربي، على القضية المغربية، بفكر متزن واحد، بفكر متبصر، حتى يمكننا جميعا أن نحيا لهذا الوطن بصفتنا حكما، بصفة كل واحد مناحكما، حتى لا تكون بيننا خصومات وإنما يجب أن يلتزم كل واحد بهذه المهمة التي اعتبر شخصيا أنها أهم ما يجب أن يلتزم به كل واحد أن يكون حكما.
ومن مهمة العلم أن تفتح صفحات لمشاكل الشباب أكثر من ذي قبل لأن الشباب هم رجال الغد. هم فخر المستقبل، فإذا فهم الشباب واجبه نحو بلاده سهل إذ ذاك الأمر على من بيده الأمر. أكرر تهنئتي فأقول هنيئا للعلم ولأسرة العلم.

الذكرى 71 لتأسيس جريدة العلم: 11 شتنبر 1946 – 11 شتنبر 2017: التزام دائم بالوطنية وبأخلاقيات المهنة
في ذكرى تأسيس «العلم»:
التزام دائم بالوطنية وبأخلاقيات المهنة
اليوم تستعد العلم لإطفاء شمعتها ال 71 أضاءت خلالها رحاب هذا الوطن كما أضاءت فكر هذه الأمة.
وكانت العلم التي تأسست في فترة من أصعب الفترات التي مرت بها الأمة المغربية وهي ترزح تحت بطش سلطة الاستعمار الذي كان في أقصى درجات قوته بعد الحرب العالمية المدمرة، كانت العلم المنارة التي اتقدت في هذه البلاد كرافد فكري وإعلامي للحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال وكوسيلة للتواصل بين هذه الحركة وبين الأمة المغربية التي لم تعد تطيق ذل الاحتلال وبدأت تنتقض من كل المدن والمداشر والقبائل، بعد أن انبرى ثلة من أبناء هذا الوطن في شجاعة نادرة لتوقيع عريضة 11 نوفمبر 1944 مطالبين فيها المستعمر بالرحيل.
كانت العلم في ذاك الوقت صوت الأمة وضميرها، ورمزا من رموز الكفاح في سبيل استعادة الكرامة والحرية.
لم تكن مهمة العلم في ذلك الوقت العصيب سهلة، فقد كان مجرد العمل بها مخاطرة وتحديا للمستعمر، وكان كل مشتغل بها موسوما ومتابعا ومراقبا، بل ومهددا.
لقد كان إصدار العلم تحديا يوميا توضع أمامه كل العراقيل والمتابعات وتتبعه سلطة الرقابة التي كانت سلطة على الجريدة يوميا، حيث لم يكن بمستطاع العلم الصدور قبل أن يراجعها الرقيب ويحذف ما يحذف أو لا يسمح للجريدة بالصدور، وكان عاديا جدا أن تجد مكان مقال حذفته الرقابة مكانا فارغا لحمل عنوان واحدا «حذفته الرقابة» بعد الاستقلال تابعت العلم مسيرتها الإعلامية حيث كانت الجريدة هي «العلم» ولم يكن المواطنون يعرفون للجريدة اسما غير هذا الإسم، وكانت المعركة هذه المرة ليست معركة الاستعمار الذي رحل ولكن معركة تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
واستمر خط تحرير العلم في توازن تام مع تطلعات القوى الحية في البلاد المعبرة عن تطلعات هذه الأمة في التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وهذه الفترة لم تكن سهلة كسابقتها، بل كانت محفوفة بكل أنواع المخاطر والرقابات والمتابعات التي تطال حرية التفكير والرأي المعبر عن الرغبة في العيش في بلد حر وديمقراطي تحكمه المؤسسات.
عانت العلم كثيرا لكنها صمدت وتخطت الصعاب اليومية الموضوعة أمامها.
في كل هذه المراحل كانت العلم هي النبراس. لم يقصر دورها على مناصرة النضال السياسي، بل كانت أهم رافد ثقافي وأهم مستنبت لحملة القلم كتاب شعراء ومفكرين وإعلاميين.
في العلم خطوا خطواتهم الأولى في عالم الكتابة وتعلموا مبادئها وأسسها، على اختلاف أنماط الكتابة الصحفية والفكرية والأدبية والشعرية، فكانت بحق منبرهم ومدرستهم.
العلم هي التي زودت كل المنابر الإعلامية التي أتت من بعدها بالأقلام التي تدربت فيها وفي العلم تربى الأدباء والشعراء والمفكرون ومنها وعبرها كانوا يلتقون بالقراء.
اليوم والعلم تجتاز ال 71 سنة، تواصل مسيرتها بتحديات وصعاب جديدة من كل اتجاه، صعاب عامة تشترك فيها مع كل الصحف الورقية أمام اكتساح الصحافة الالكترونية للفضاء الإعلامي.
وصعاب خاصة بالعلم وبتوجهها وخطها التحريري وتشبثها بالقيم الإعلامية وبأخلاقيات المهنة.
هذه الأخلاقيات التي أصبحت نادرة في عالم الإعلام اليوم حيث أن السوق أصبح محكوما برهانات أخرى تأتي فيها الأخلاقيات في درجات ومراتب متأخرة.
العلم ترفع التحدي وتواصل الالتصاق بالمهنية وعدم الانزلاق أمام الإغراء والسقوط في أسلوب الإثارة والتشهير، وهذه معركة ليست بالسهلة فهي تكلف العلم غاليا لأن الجمهور أصبح مكيفا مع أنماط أخرى تأتي فيها الأمور التي تعتبر بالنسبة للعلم أولويات في مراتب متأخرة.
معركة العلم مستمرة وهي معركة المصداقية والوطنية والالتزام بأخلاقيات المهنة التي تأسست عليها.
وهذه المعركة هي الرهان الأساسي للعلم في ظل كل هذه التحولات التي عصفت بالقيم والمبادئ والأخلاقيات.
هذه المبادئ التي هي من صميم هوية العلم ومبرر وجودها وبها العلم كائنة وبها ستستمر.

الذكرى 71 لتأسيس جريدة العلم: 11 شتنبر 1946 – 11 شتنبر 2017: التزام دائم بالوطنية وبأخلاقيات المهنة

في ذكرى العلم:
رحيل الأستاذ عبد الكريم غلاب أحد رموزها الكبار

ذكرى العلم هذه السنة ليست كسابقاتها فقد شهدت هذه السنة رحيل الأستاذ عبد الكريم غلاب أحد رموزها الذي ارتبط اسمه بها منذ سنة 1948، اي سنتين بعد تأسيسها، صحافيا ومديرا لعدة عقود، حتى اسم العلم ارتبط باسمه واسمه ارتبط باسم العلم.
ليس من السهل على أحد اختصار مسار رجل شامخ مثل الأستاذ عبد الكريم غلاب في سطور ولا حتى في كتاب، ومن أراد ذلك فعليه أن يختصر مسار الإعلام المغربي في النصف الثاني من القرن العشرين والحركة الوطنية التي عايشها وعايش رجالاتها. وكذلك الصحافة المغربية التي كان ممن أرسوا قواعدها وممارستها في مغرب النصف الثاني من القرن العشرين ومغرب الاستقلال، وما شهدته هذه المرحلة من معارك عديدة: معركة التحديث، معركة الدمقرطة، معركة البناء، معركة الدفاع عن حرية الصحافة وحرية التعبير، معركة البناء السياسي.

عبد الكريم غلاب أحد الصحفيين الذين ساهموا بقسط وافر في رسم المعالم الأولى للمنظومة الإعلامية الوطنية ومساره حافل بالعطاء

لا يمكن في هذه العجالة وأن نجمع شخصية كبيرة من حجم هذا الوطني في حيز ضيف وذلك يقتضي اختزال مغرب ما قبل الاستقلال وما بعده، واختزال زمن الصحافة المغربي، وزمن الأدب والفكر المغربيين، وزمن السياسة المغربية التي كان الأستاذ عبد الكريم غلاب فاعلا فيها بشكل متوازن لا يغلب فيه جانب على آخر، بل أنك تكاد تعرف الأستاذ عبد الكريم غلاب بنفس النفس في مكتبه في جريدة العلم، وبعد ذلك بساعة بنفس النفس في المركز العام لحزب الاستقلال وبعد ذلك يبقى نفس النفس في منزله أديبا ومفكر وقارئا حمل هم الصحافة، وهم جريدة العلم وكان رحمه الله كلما التقيت به وهمست، له بأسمي في أذنه سألني عن حال جريدة العلم فأخبرة عنها خيراً.
عرفنا السي عبد الكريم غلاب كما عرفه كل ابناء المغاربة في الكتب المدرسية ككاتب كنا في شبابنا تختلف معه لكننا كنا نحترمه ونحترم قيميه الفكرية واخلاقه الأدبية العالية.
***المكتوبُ باقٍ ما بقيَ الورقُ..!
«البعض ممن يكره الصحافة لم يفهم بعد، أن الصحافة المكتوبة ذاتها لن تنقرض إلا بانقراض الورق !». عبارة كتبها أولَ أمس أحدُ أصدقائي الصحفيين على جداره في موقع «فيس بوك»، وهي جامعة مانعة لما يُمكن أن يتطلع إليه المهتمُ بمستقبل الصحافة المكتوبة في بلادنا، وجريدة «العلم» التي تطفئ اليوم شمعتها الثامنةَ بعد الستين، نموذج حي على تحدي الورقي المكتوب لنكبات الدهر منذ حَبوتها الأولى.
الحديثُ عن النشأة الأولى لجريدة «العلم» مُذ تأسيسها يوم 11 شتنبر من سنة 1946، يأخذنا بالضرورة لما قاله عنها الكبير، قيدوم الصحفيين المغاربة، الراحل عبد الكريم غلاب، في ندوة بالمكتبة الوطنية بالرباط، إذ ذكّر بالظروف العصيبة التي واكبت ظهورَها، وكيف كانت تصدر بصفحات بيضاء كنوع من الاحتجاج على قراراتٍ جائرة للمقيمين العامين الفرنسيين الذي تعاقبوا على إدارة البلاد، وكيف كان الوطنيون يقرأون في بياض صفحاتها رسائلَ قوية لا تَطالُها يدُ الرقابة الغاشمة..
كما تحدث المدير السابق لهذه المدرسة الكبيرة، عن كفاح رجالات المقاومة في شتى ربوع المغرب إبّان حقبة الاحتلال الفرنسي وما بعدها، للحافظ على رسالة جريدة «العلم»، التي اعتُبرت على مدى عقود منبرا للمفكرين والأدباء والمجاهدين، مؤكدا على فكرةِ أنّ أيّاً من وسائل الاتصال الحديثة لم تفلح في القضاء على التي سبقتها. فلا التلفزة أنهى عهد الإذاعة، ولا الحاسوب قضى على الكتاب، ولا الإكتروني بإمكانه محو الورقي.. وهو ما يفند زعمَ بعضهم بانقراض الصحافة المكتوبة في أفق عشرينَ سنةً المقبلةِ.
وبغض الطرْف، عمّا يُتداول داخل المجالس والندوات والمحاضرات والشركات والمؤسسات الصحفية حول الموضوع، ومحاولة الجميع طرح السؤال الصعب: هل تقضي الصحافة الإلكترونية على نظيرتها الورقية في المستقبل؟ وهل ستختفي تماما ؟ وهو كلام مردود عليه كما أشرنا إلى ذلك آنفا.
فإن هناك فريقا يرى أن الجريدة المطبوعة على الورق لها العمر الطويل، وهي لحد الآن حاضرة على الدوام مهما اشتد من حولها الزحام. بينما يرى فريق آخر أن الصحف المكتوبة على الورق بناء صلب، والصحف الإلكترونية صيحة متغيرة خاطفة، لامعة وبارقة.
وهناك من يقول بوجود صراع بين الصحافة الورقية والإلكترونية، وهذا القول لا يشير إلى حربٍ بمعنى التنافس بينهما، ولكن إلى التكامل بينهما، ذلك أن القائمين على الصحافة الإلكترونية والورقية يُفترضُ أنهم متخصصون في المجال الإعلامي والصحفي. وإذا أردنا توضيح المسألة بشكل أكبر فسوف نقف على عادات الإنسان في قراءة الأخبار الصحفية.
وما نشاهده من تسابق محموم مع الزمن بين الصحف، لإنشاء مواقع إلكترونية إلى جانب الورقية، ومع ذلك نستطيع القول إن الصحافة الورقية لها جاذبيتها الشديدة التي لا يُمكن أن تفقدها بحال، مادام لكل منبر إعلام ورقي قراؤه الأوفياء الذين يعتدون بالنسخ الورقية كحُجّة ملموسة على الخبر، ومن جهة أخر لكَون الصحف الورقية ونظيرتها الإكترونية، تتضافران كل من جهتها لتكوين نوعية خاصة من القراء في نوع من التكامل لا التنافر.
حضور لا يغيب..

في كل ذكرى لتأسيس جريدة «العلم» يحضر بوجهه المشرق، وعينيه الصافيتين زعيم التحرير علال الفاسي الذي كانت «العلم» والعاملون فيها قطعة من قلبه، كأبنائه.
كما يحضر بهدوئه. الأستاذ أحمد بلافريج المؤسس الذي أطلق، رفقة ثلة من المجاهدين منبر «العلم»، كسلاح في يد الوطنية المغربية للجهاد من أجل الاستقلال والحرية والكرامة.

الذكرى 71 لتأسيس جريدة العلم: 11 شتنبر 1946 – 11 شتنبر 2017: التزام دائم بالوطنية وبأخلاقيات المهنة

“علال بن عبد الله‪”..
فجر الثورة ضد المستعمر وكان رمز العطاء الكبير
يعتز المغرب المعاصر بأن سجله النضالي يحتشد برموز مضيئة، هي مثال التضحية والفداء، والعطاء الكبير في سبيل حرية الوطن وكرامته.
ويأتي في طليعة هذه الرموز اسم الشهيد علال بن عبد الله الذي يشاء القدر أن يقترن عيد «العلم» بذكرى الفداء الكبير الذي قدمه هذا المناضل الاستقلالي الفذ، إذ ضحى بحياته في ساحة تواركة ظهر يوم الجمعة 11 سبتمبر 1953 بعد نفي محمد الخامس، وعائلته الكريمة بثلاثة أسابيع.
علال بن عبد الله الذي تقدم إلى ذنب الاستعمار «محمد بن عرفة» وحاول أن يصرعه بما كان بين يديه من سلاح، فاندفع بسيارته في جرأة نادرة نحو «سلطان الفرنسيين، وهو يمتطي صهوة جواده في حراسة مشددة من القوات الفرنسية المسلحة فأوقعه أرضا، وكاد يرديه قتيلا لولا أن رصاص قوات الاحتلال كان أسرع منه فسقط شهيدا في ساحة تواركة.
علال بن عبد الله كان الانطلاقة الأولى بعد نفي محمد الخامس. وقد سبقتها ثورة وجدة وتحركات كثير من المدن. وكانت الإشارة الأولى للفدائيين الذين كانوا قد أخذوا الضوء الأخضر من حزب الاستقلال حينما أشار إليهم بأنه إذا نفي محمد الخامس فأبدأوا المعركة. وكان علال بن عبد الله أحد شباب الحزب في حي العكاري بالرباط الذين تلقوا هذه التعليمات.
ومن انطلاقة علال بنعبد الله تحركت الدار البيضاء والرباط وفاس وأقاليم شرق المغرب. وعمت الثورة المغرب كله حتى انطلق جيش التحرير أخيرا، وانتهى عهد الحجر والحماية وتحقق عهد الاستقلال والحرية.
شعبنا الوفي لا يمكن أن ينسى علال بن عبد الله، فهو الفدائي الذي خرج بسيارته ليموت وليحيا الوطن، فاستشهد واستقل المغرب وعاش.

الذكرى 71 لتأسيس جريدة العلم: 11 شتنبر 1946 – 11 شتنبر 2017: التزام دائم بالوطنية وبأخلاقيات المهنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.