يبدو أن النساء هن الأكثر تضررا من تأثيرات الأزمة الإقتصادية الراهنة التي يجتازها العالم،خصوصا في الدول الأشد فقرا، فخلال مؤتمر عُقد مؤخرا حول تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على المرأة في إفريقيا، قالت اوبياجيلي إيزيكويسيلي، نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون إدارة منطقة أفريقيا، إن الأزمة الاقتصادية الراهنة ستؤدي إلى تخفيض كبير في دخل المرأة الأفريقية، وكذلك في ميزانيات الأسر المعيشية التي تعولها المرأة، مع تعرض الفتيات بشكل خاص لآثار مدمرة. وقالت إيزيكويسيلي في مؤتمر «المرأة والتوقعات العالمية المتغيرة» نظمته السفارة البريطانية آخيرا في واشنطن بالتعاون مع الجمعية الجغرافية الوطنية في 8 ماي الحالي، «للفقر وجه أنثوي، وسيكون للتباطؤ الاقتصادي العالمي تأثير كبير على النساء اللائي ما برحن يفقدن المزيد من الوظائف، ويضطررن إلى تدبير معيشة أسرهن في ظل مداخيل آخذة في التناقص.» وتوضح إيزيكويسيلي أنه من المرجح أن تصيب الأزمة الاقتصادية العالمية النساء من جانبين اثنين. أولا، ستحد من تراكم رأس المال لدى المرأة، وثانيا ستخفض بدرجة كبيرة المداخيل الفردية للمرأة وكذا الميزانيات المعيشية للأسر التي تعولها. ومن شأن ذلك أن يسفر عن آثار مدمرة، خاصة على الفتيات ممن هن في سن الطفولة. ومع حماية تعليم الأولاد من الصدمات وميل الآباء في الغالب إلى إخراج الفتاة من المدرسة بدلا من الولد حينما يتعذر تدبير الرسوم الدراسية، أشارت نائبة رئيس البنك الدولي إلى نتائج بحوث عن انخفاض دخل الأسرة المعيشية في أوغندا وتراجع الدخل المتأتي من الزراعة في مدغشقر حيث كانت الفتيات أول من أخرج من المدارس. وقد حذر البنك الدولي من أن هناك 700 ألف رضيع أفريقي آخر ربما يموتون قبل بلوغهم عامهم الأول نتيجة لهذه الأزمة. وستكون الفتيات في سن الطفولة هن الأكثر تضررا. وقد أظهرت البحوث أن «معدلات الوفاة بين الفتيات الرضع ستزيد على الأرجح عنها بين الأولاد الرضع بأكثر من خمس مرات.» وعلى النقيض من البلدان الغنية مثل الولاياتالمتحدة حيث يكون الرجال هم الأكثر عرضة لفقد وظائفهم من النساء، فإن الأزمة في أفريقيا لا تترك للنساء سوى القليل من خيارات الوظائف. وفي العديد من الصناعات التصديرية على سبيل المثال، صناعة قطع الزهور في إثيوبيا وكينيا وأوغندا، وصناعة النسيج في كينيا وليسوتو فإن النساء، وليس الرجال، هن اللائي يفقدن الوظائف في مختلف أنحاء أفريقيا بسبب هذه الأزمة. وسيزيد تراجع التحويلات وتشديد معايير وشروط قروض التمويل الأصغر من الحد من الأموال المتاحة للنساء لتدبير احتياجات أسرهن. وأجمع المشاركون في المؤتمر على أن فرص نجاح إستراتيجيات التنمية والتخفيف من حدة الفقر التي تخفق في استهداف الفتاة والمرأة في إفريقيا تكاد تكون معدومة. ولفتت إيزيكويسيلي الانتباه إلى مبادرة الأسواق والعمل الحر والمساواة بين الجنسين التي أطلقتها مؤسسة التمويل الدولية، ذراع مجموعة البنك الدولي المعني بالتعامل مع القطاع الخاص، من أجل تعزيز سبل وصول المرأة إلى التمويل وتذليل الحواجز التي تعيق ولوجها سوق العمل بسبب جنسها. وقد استفادت أكثر من 1500 امرأة في 18 من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من مبادرة الأسواق والعمل الحر والمساواة بين الجنسين التي تكلفت 50 مليون دولار والتي سيتم تعزيزها ببرنامج قروض آخر بقيمة 120 مليون دولار وقعته مؤسسة التمويل الدولية مؤخرا مع بنك إيكو لتستفيد منه سيدات الأعمال في خمسة بلدان. وتبنى البنك خطة عمل معنية بالمساواة بين الجنسين، وأطلق مبادرة الفتيات المراهقات في كل من ليبيريا وجنوب السودان ورواندا بقيمة 11 مليون دولار تمتد لثلاث سنوات لتدريب الفتيات الإفريقيات وتوجيههن وتمكينهن من أسباب القوة وتسهيل انتقالهن إلى مرحلة العمل. وفضلا عن ذلك، فقد اشتمل 83 مشروع يمولها البنك بقيمة إجمالية بلغت 4.4 مليار دولار على مكونات لتمكين المرأة من أسباب القوة الاقتصادية؛ أغلب هذه المشروعات في الزراعة (33)، والتعليم (34)، والبنية الأساسية (11)، وتنمية القطاع الخاص (5). . وفي كلمته التي ألقاها نيابة عن السفير البريطاني لدى واشنطن السير نايجل شاينولد، أكد نائب السفير دومينيك شيلكوت على الارتباط بين تمكين المرأة والتنمية. وقال إن السبيل إلى التنمية المستدامة لا يمكن بلوغها إلا إذا كانت قائمة على أجندة شاملة من المساواة بين الجنسين. وقال شيلكوت، «يجب أن نتلقف الفرص التي أتاحتها الأزمة للاستعانة بحلول مبتكرة بشأن المرأة والاستثمار فيها، سواء كانت مقترحات لتقديم برامج اجتماعية أفضل، أو إيجاد طرق لدمج المرأة في القوى العاملة، أو الحد من التمييز في الأسواق المالية.» وفي رسالة عبر الفيديو، تحدثت السيدة سارا براون، زوجة رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، عن ضرورة تصدي زعماء العالم «للعديد من أوجه الظلم التي مازالت قائمة» ضد المرأة. وحثت ميلاني فيرفير، سفيرة الرئيس باراك أوباما المتجولة للقضايا العالمية للمرأة بوزارة الخارجية، وكالات التنمية على أن «تراعي احتياجات المرأة.» وقالت، «لا يمكنكم أن تقهروا الفقر دون أن تضعوا النساء في صميم إستراتيجيتكم التنموية.» وأضافت وهي تشرح إستراتيجية البنك، «مساواة المرأة ليست فقط هي الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله بل إنها أيضا مجدية من الناحية الاقتصادية.» وأوضحت أن المرأة كانت المفتاح للأمن الغذائي والزراعة؛ واللاعب الأساسي في نشر حقوق الطفل، وفي توفير الرعاية الصحية، لكنها ظلت تعاني التمييز في مجالس الإدارة القوية والدرجات العليا من سلم إدارة الشركات.