* العلم الإلكترونية لجأ نشطاء حراك الريف، مساء الثلاثاء الماضي، إلى شكل جديد من الاحتجاج، إذ عمدوا، مباشرة بعد تناول وجبة الإفطار، إلى إطفاء الأنوار، وبدؤوا في الاحتجاج بالضرب على الأواني، أو ما يطلق عليه ب"الطنطنة". وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى، التي يلجأ فيها نشطاء الحسيمة إلى الاحتجاج بالضرب على الأواني، إلا أن أهم مستجد هو الاستجابة الواسعة، التي لقيها هذا الشكل الاحتجاجي غير المسبوق من سكان المدينة، حيث أظهرت عدد من الفيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أحياء من المدينة بكاملها، وقد أطفأت أنوارها، ولم يعد يسمع فيها سوى "طنطنة الأواني". نبيل الأندلوسي، المستشار البرلماني، وابن مدينة الحسيمة علق على احتجاجات "الطنطنة" في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وقال: "إن الطنطنة، التي تسمع في كل أحياء الحسيمة في هذه الأثناء، لدليل على أن الغضب بات جماعيا، وأن المقاربة الأمنية فاشلة"، وأضاف "الدولة في حاجة لرجال دولة لا لخدام سلطة". ومن جهته، قال عبد الواحد النقاز، الباحث في علم الاجتماع السياسي، أنه "يمكن القول كخلاصة تأمل لحراك الريف، الذي استمر لأزيد من نصف سنة أن الفعل التغييري في المغرب استنفد أطروحات الأحزاب الوطنية، وأن المجتمع يمضي منذ هبة 20 فبراير إلي تبني ممارسة الاحتجاج الديمقراطي، المستمر في الزمان، والممتد في المكان قصد الضغط على السلطة، وتحفيزها على القيام بالتغيير المطلوب". وأوضح النقاز أنه، على الرغم من اعتقال أزيد من 100 من شباب حراك الريف، ومتابعة كبار قادته بتهم ثقيلة إلا أن سكان الحسيمة لم يفقدوا المبادرة، التي حولت الاحتجاج إلى صراع رمزي مع الدولة، فبعد الخطبة الشهيرة، التي أوقعت الزفزافي في الاعتقال رأينا أن الناس راحت تقاطع صلاة الجمعة كشكل احتجاجي على توظيف الدولة للدين في موضوع الحسيمة". ويرى النقاز أن الاحتجاج في الريف أخذ أبعادا أكثر رمزية عندما خرج المحتجون للاحتجاج عبر الطنطنة، وقرع الأواني كأنهم يقولون، ونحن في الشهر الصيام، إن الدولة تتعمد تجويع المنطقة، حيث لم يعد هناك مجال للتعبير بالكلام، الذي يؤدي إلى السجن، وبالمقابل هناك تعبير بلغة البطن، التي تنال من صورة العدالة ودولة الحق والقانون والحريات". واعتبر النقاز أن "الطنطنة" تحمل رسالة قوية من أصحابها، وهم بسطاء الحراك، وهي إفراغ للمضمون القمعي المتبنى في مقاربة الدولة للحراك"، مبرزا أنه حتي في ظل التطويق الأمني الشامل كما يقع في حي سيدي عابد، فإن صوت الاحتجاج يتعالى، إذن فاحتجاجات الطنطنة تحمل رسالة مفادها أن هناك كلاما موجها إلى شخص أصم لا يفهم إلا بالطنين القوي"، وتلك رسالة المحتجين للدولة، يقول الباحث.