أعلن صندوق النقد الدولي أول أمس الأحد 10 ماي في أحدث تقاريره عن آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط أن هذه الأخيرة لم تسلم من تداعيات الأزمة المالية العالمية، وأوضح مسؤولو الصندوق أن البلدان المستوردة للنفط سوف تتأثر أكثر بتباطؤ النشاط الاقتصادي في أوروبا على وجه الخصوص، حيث إن هناك عددا منها بلغ الدين العام فيها مستويات مرتفعة، وهي تفتقر الى الحيز المالي الكافي للإنفاق في اتجاه معاكس للدورة الإقتصادية لتخفيف أثر انخفاض التدفقات الخارجية الوافدة، ورجح التقرير أن يؤدي ارتفاع معدلات البطالة في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الى ازدياد الفقر وغيره من الضغوط الاجتماعية، ما يستدعي الحاجة إلى تقوية شبكات الأمان الإجتماعي، موصيا بضرورة زيادة التمويل من الجهات المانحة للحفاظ على التنمية الاقتصادية اللازمة بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل. وشدد تقرير الصندوق على أن آثار تباطؤ الاقتصاد العالمي تنتقل الى بلدان المنطقة من خلال قنوات مختلفة، حيث أدى الركود الذي أصاب أهم الشركاء التجاريين لمنطقة شمال إفريقيا (أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي) إلى هبوط صادراتها، وقد خضعت السياحة وتحويلات العمال المهاجرين لضغوط أيضا، رغم ما تشير اليه البيانات الواردة حتى الآن من استمرار صمود هذين القطاعين في مواجهة الأزمة، ولايزال ضيق أسواق الإئتمان الدولية وتراجع الإقبال على المخاطر يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال الداخلة و يعمل على خفض أسعار الأصول، ويحد من الاستثمارات. ويتمثل الأثر الصافي لهذه العوامل في انخفاض النمو الاقتصادي في هذه البلدان مجتمعة من 6.2% في سنة 2008 الى 3.2 في المائة في سنة 2009، ويمكن أن يكون لهذا الانخفاض كبير الأثر على مستويات البطالة المرتفعة بالفعل، وأيضا على مستويات الفقر، غير أنه من المتوقع أن يهبط معدل التضخم مجددا من 14.4 في المائة العام 2008 الى 9,7 في المائة في سنة 2009. كما أعلن التقرير أن الاحتمال كبير في استقرار أوضاع الاقتصاد العالمي في الشهور القادمة، لكن ينبغي عدم الاستهانة بعدد من المخاطر، وهي احتمالات الركود العالمي طويل الأمد وزيادة تدهور الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية في بعض البلدان، واستمرار انخفاضات التمويل الخارجي أو تحويلات العاملين بالمهجر، وقد بدأت معظم البلدان في تنفيذ سياسات ملائمة لمواجهة هذه المخاطر، حيث من المرجح أن يتطلب الأمر اتخاذ مزيد من الإجراءات في الفترة المقبلة. ويحدد هذا التقرير أربع رسائل أساسية بشأن خيارات السياسة في المرحلة القادمة، حيث يوصي البلدان التي لاتشكل مستويات الدين العام فيها مصدرا للقلق بالحفاظ على مستوى نفقاتها العامة أو أن تعمل على تعزيزها. وينطبق هذا على معظم البلدان المصدرة للنفط، وعلى بلدان مثل تونس وسوريا والمغرب. ويحث تقرير صندوق النقد الدولي جميع البلدان على مراقبة أجهزتها المصرفية عن كثب، وأن تجري اختبارات لمدى قدرتها على تحمل الضغوط أو تقوم بتقدير احتياجات إعادة الرسملة أو معالجة مشكلات المؤسسات المالية المتعثرة حسب مقتضى الحال، والأهم في هذه الفترة التي يسودها التباطؤ الاقتصادي والبطالة المتزايدة أن يتم تركيز الموارد والسياسات الحكومية في اتجاه حماية الفقراء وشرائح السكان الضعيفة في هذه البلدان.