* العلم الإلكترونية تجري مياه كثيرة جدا فيما يبدو كبركة مياه راكدة في العلاقات بين المغرب و الاتحاد الأوربي بعد أكثر من خمسة أشهر على صدور الحكم المشؤوم عن محكمة العدل الأوربية الذي اعتبر الأقاليم الصحراوية المغربية غير مشمولة باتفاق التبادل الفلاحي و البحري الموقع بين المغرب و الاتحاد الأوربي. فقد أكدت مصادر موثوقة أن الاتحاد الأوربي يجتهد في البحث عن المخرج من المأزق الذي وضعه فيه قضاة ستراسبورغ بما يحفظ متانة العلاقات الممتازة التي تجمعه بالمغرب وبما يلائم الاتفاق مع منطوق الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوربية. وأكدت مصادر في هذا الصدد أن المسؤولين في الاتحاد الأوربي وجهوا في 29 من أبريل الماضي رسالة إلى 28 دولة عضو في الاتحاد يطلبون من خلالها منحهم الضوء الأخضر لبداية مفاوضات في هذا الموضوع مع السلطات المغربية بهدف إدخال التعديلات الضرورية لملاءمة الاتفاق مع حكم المحكمة. ما يطمئن الرباط في هذا الشأن أن مسؤولين مغاربة تلقوا تأكيدات وتطمينات من مسؤولين في الاتحاد الأوربي في لقاءات سرية جمعتهم خلال الأسابيع القليلة الماضية تفيد بأنهم لن يتفاوضوا في هذا الشإن إلا مع المسؤولين المغاربة و بذلك يستبعدون أية إمكانية لإجراء مفاوضات مع جبهة البوليساريو الانفصالية. و تعتبر هذه التطمينات التي تأكدت من خلال أكثر من مصدر جوابا واضحا على الرسالة التي وجهها 23 من النواب في البرلمان الأوربي إلى كل من السيدة فريديريكا موغريني المفوضة الأوربية في الشؤون الخارجية و إلى المنذوب الأوربي في التجارة سيسيلايا مالستروم و إلى المنذوب الأوربي في الاقتصاد السيد بيير موسوفيتشي والتي يطلبون فيها من مسؤولي الاتحاد التشبث بالشفافية في تطبيق حكم محكمة العدل الأوربية و عدم الالتفاف عليه و دعوهم إلى التفاوض مع جبهة البوليساريو بدعوى أنها تمثل الصحراويين. كما تعتبر هذه التطمينات ردا حاسما على الرسالة التي وجهها ممثل جبهة البوليساريو لدى الاتحاد الأوربي بتاريخ 8 ماي الجاري إلى السيدة فردريكا موغريني والتي أكد من خلالها أن الجبهة هي التي تمثل ما سماه ب « الشعب الصحراوي « ودعاها إلى التفاوض معها على هذا الأساس. ما يزيد في منسوب الاطمئنان لدى المسؤولين المغاربة أن قناعة شبه مؤكدة بدأت تترسخ لدى المسؤولين في الاتحاد الأوربي مفادها وجود إمكانية إدخال تعديل على نص الاتفاق الفلاحي والبحري الموقع بين الرباط و بروكسيل من خلال استبدال عبارة « شعب الصحراء الغربية « المتضمن في منطوق حكم محكمة العدل الأوربية بعبارة « ساكنة الصحراء « و التي تبدي موافقتها على الاتفاق من خلال ممثليها في المؤسسات الدستورية المغربية، و يجري الحديث في هذا الصدد عن أعضاء مجلس النواب المغربي الذين يمثلون الأقاليم الحنوبية المغربية. و هذه صيغة ترضي الرباط و تتلائم مع منطوق حكم المحكمة الأوربية الذي يوحي إلى ضرورة موافقة ساكنة هذه المنطقةعلى الاتفاق المذكور. و لعل هذه الأحداث و الوقائع التي رصدتها عيون و آذان المخابرات الجزائرية هي التي تفسر حالة الهستيريا التي أصابت سفير الجزائر لدى الاتحاد الأوربي السيد عمار بلاني ، إذ رغم أن مسؤوليه في الجزائر لا يتوانون في الإدعاء أنهم ليسوا طرفا في النزاع المفتعل في الصحراء المغربية فإنهم لا يترددون لحظة واحدة في تنصيب ألجزائر طرفا معنيا بصفة مباشرة – و ربما أكثر من جبهة البوليساريو نفسها – في هذا النزاع المفتعل ، و هذا ما يتضح بجلاء في الحملة المسعورة التي يقودها بلاني ضد المساعي التي تبذل بين الرباط و بروكسيل للتوصل إلى صيغة توافقية تحقق الملاءمة مع ما تضمنه حكم المحكمة الأوربية ، و راح المسؤول الديبلوماسي الجزائري يطلق العنان لتصريحات عنيفة ضد المسؤولين في الاتحاد الأوربي متهما إياهم بالسعي نحو الالتفاف على حكم محكمة العدل الأوربية و منددا بما وصفه ب « الزيارات السرية « التي يقوم بها المسؤولون في الاتحاد الأوربي إلى المغرب . كما كثف من اتصالاته مع النواب الأوربيين الذين يشتغلون بتنسيق معه في معاداة المغرب في محاولة لنسف الجهود المبذولة . ولم يعد خافيا اليوم أن المسؤولين في الرباط وفي بروكسيل يسارعون الزمان بهدف التخلص من تداعيات حكم محكمة العدل الأوربية من خلال إدخال تعديلات على مضمون الاتفاق و عرض هذه التعديلات على البرلمان الأوربي قصد المصادقة عليها ، و هو التصويت الذي سيعتبر صيغة ديمقراطية للحسم في الخلاف و يبقى للخاسر في هذا التصويت الحق في الالتجاء من جديد إلى محكمة العدل الأوربية.