كشف الاتحاد الأوروبي ، أول أمس الاثنين، عن وثيقة رسمية تدعم الموقف المغربي في الملف المتعلق بالاتفاق الفلاحي الذي تم إلغاؤه بقرار من المحكمة الأوروبية في العاشر من دجنبر الماضي. وتضمنت الوثيقة، التي وجهها مجلس الاتحاد الأوروبي قبل أسابيع إلى محكمة العدل الأوروبية في فبراير المقبل، عددا من الحجج التي تمضي في اتجاه عدم قانونية حكم المحكمة بخصوص ملف الاتفاق الفلاحي. وكانت الغرفة الثامنة لمحكمة العدل الأوروبية قد اعتبرت لاغيا الاتفاق الموقع بين الرباط وبروكسيل في 8 مارس 2012 والمتعلق ب»إجراءات التحرير المتبادل في مجال المنتجات الفلاحية والمنتجات الفلاحية المحولة ومنتجات الصيد البحري». وأشار طعن مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يجسد «إرساء تفاعل وحوار منتظمين ومتواصلين وشفافين» تم الاتفاق عليه مابين الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي في الشؤون الخارجية وسياسة الأمن فيديريكا موغريني وصلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، إلى مجموعة من الأخطاء القانونية التي شابت مقاربة الحكم للملف وأيضا قرار المحكمة. وطالب طعن مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي نشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوربي ملخصا له، بنقض حكم المحكمة في قضية ملف الاتفاق الفلاحي، مؤكدة أن جبهة البوليساريو التي وضعت الدعوى لا تتمتع بالصفة القانونية التي تؤهلها لرفعها، كما حملها الحكم دفع صوائر الدعوى. وخلص الطعن إلى أن الحكم الأول الذي حصلت عليه جبهة البوليساريو، شابته عدة أخطاء قانونية تتمثل في كون المحكمة بنت حكمها على طلب وسيط لم يرد اسمه في الدعوى، كما أن رافعي الدعوى لم يقدموا أي دليل على وجود استغلال لثروات المناطق المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو. وكان مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي صادق منتصف شهر دجنبر الماضي على طلب استئناف قرار المحكمة الأوروبية المتعلق بالاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي بناء على النقطة «أ» وبالتالي تقديمه إلى محكمة العدل للاتحاد الأوروبي دون مناقشة مسبقة. وبالمقابل أوضحت مصادر ديبلوماسية مغربية، أن دفاع الاتحاد الأوروبي اختار حين وضعهم لملتمس الطعن في قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي منتصف شهر دجنبر الماضي - الذي لم يتم تعميم إلا مخلص منه في الجريدة الرسمية نهاية شهر مارس الماضي - تبني مسطرة سريعة لمعالجة الملف والحسم فيه بشكل نهائي. وأشارت ذات المصادر، في حديث الى «الاتحاد الاشتراكي» إلى أن وقتا ليس بالهين سوف تستغرقه مسطرة طعن الاتحاد الأوروبي في قضية قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروربي معبرة عن أملها أن تبت المحكمة في الطعن قبل نهاية السنة الجارية. وعلمت «الاتحاد الاشتراكي» إن معدل الوقت الذي تستغرقه مسطرة الطعن الذي سوف تعرف مضامين حججه في غضون ثلاثة أشهر الأولى بعد نشره في الجريدة الرسمية، يتجاوز السنة أي 14 شهرا، قبل حسم محكمة العدل الأوروبية في الطعن والنطق بالحكم. وكانت الرباط أعلنت في وقت سابق «تعليق التواصل» مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي كرد فعل على غياب الشفافية في معالجة مصالح الاتحاد للملف المتعلق بالاتفاق الفلاحي الذي تم إلغاؤه بقرار من المحكمة الأوروبية في العاشر من دجنبر الماضي. وللإشارة، فقد سبق للممثلة السامية للاتحاد الأوروبي في الشؤون الخارجية وسياسة الأمن فيديريكا موغريني أن أكدت أنها «على وعي بالأهمية الاستراتيجية» التي تكتسيها هذه القضية بالنسبة للمغرب وللاتحاد الأوروبي، مبرزة أن مجلس الاتحاد الأوروبي «غير متفق « مع قرار المحكمة الأوروبية. وأعلنت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي في الشؤون الخارجية وسياسة الأمن أن «الاتحاد الأوروبي يظل مقتنعا بأن الاتفاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا تشكل خرقا للشرعية الدولية»، ولهذا سيتم استئناف قرار المحكمة الأوروبية، وسيبقى الاتفاق الزراعي ساري المفعول. وأضافت موغريني «أنه تم التقدم باستئناف لدى محكمة العدل للاتحاد الأوروبي ضد القرار الابتدائي الصادر في 10 دجنبر 2015 عن محكمة الاتحاد الأوروبي المتعلق بالاتفاق الفلاحي». هذا في الوقت الذي اعتبر فيه صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن قرار المحكمة الأوروبية بشأن الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي «خاطئ قانونيا»، و»مغلوط سياسيا»، مبرزا أن «هذا القرار، الذي يضر بشكل جدي بالتعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يجب أن يصحح». ويرتبط المغرب والاتحاد الأوروبي بعلاقات عريقة، عميقة ومتنوعة، والتي شهدت تطورا مطردا لفائدة الاندماج الأوروبي ومسلسل التحديث المؤسساتي، والديمقراطي والاقتصادي بالمغرب. وقد توسعت هذه العلاقات بشكل كبير، حيث انطلقت باتفاق تجاري بسيط بين المغرب والسوق الأوروبية المشتركة سنة 1969، مرورا باتفاق تعاون سنة 1976 ثم تبني اتفاقية الشراكة سنة 1996 ، فمخطط العمل للجوار سنة 2005 لتتوج بمنح المغرب «وضعا متقدما» لدى الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2008 . ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب حيث تمثل صادرات الاتحاد إليه 77 بالمئة من مجمل صادراته، كما تربطه عدة اتفاقيات كبيرة مع الاتحاد في مجالي الفلاحة والصناعة إضافة إلى اتفاق للتبادل الحر. ويبلغ حجم استثمارات الاتحاد الأوروبي القائمة حاليا في المغرب نحو 1.2 مليار أورو، كما يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر ممول لمشروع نور- وارزازات للطاقة الشمسية الأكبر من نوعه في العالم بنحو 60 بالمئة. ويتمتع المغرب بصفة «الوضع المتقدم» لدى الاتحاد الأوروبي، وهي صفة تجعله أقل من عضو كامل في الاتحاد وأكثر من شريك عادي، ما جعل المملكة مستفيدا بارزا من المساعدات المالية للاتحاد بما يقارب 200 مليون أورو سنويا.