انسحاب المتهمين في أحداث أكديم إيزيك من المحكمة قرار سياسي بامتياز يسعى من خلاله من حوصر بالوقائع والحجج إلى نقل ملف القضية من إطاره القانوني الصرف إلى الساحة السياسية الخالصة. المحكمة وفرت ما لا توفره لمحاكمات المواطنين الآخرين من ترجمة فورية و أريحية كبيرة في التفاعل مع مطالبهم، سواء ما يتعلق بالخبرة أو استدعاء الشهود حيث لبت المحكمة طلبهم باستدعاء محرري المحاضر أو السماح لهم بالحديث فيما يفيد و لا يفيد ، كما حظوا باهتمام كبير من طرف المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية بأن تابع محاكمتهم 45 تنظيما. ويبدو أنهم اختاروا بدقة متناهية توقيت هذا الإنسحاب الذي لم يتخذوه إلا بعد أن استفاذوا من جميع الامتيازات والحقوق، وبعدما استنفذوا استغلال جميع الفرص قرروا الانحراف بالقضية نحو الوجهة السياسية بالانسحاب من المحاكمة. الانسحاب بعد أن قطعت المحاكمة أشواطا بعيدة وقاربت الوصول إلى نقطة النهاية في إطار احترام كامل لمعايير المحاكمة العادلة، يعني أن الأظناء لم يعد أمامهم من سبيل في محاولة للتأثير على القضاء في هذا الملف الشائك غير الضغط والابتزاز عبر الانسحاب، وفي ذلك اعتراف علني وصريح بالجرائم الفظيعة التي اقترفوها. وكانت الشجاعة السياسية تحتم عليهم الاعتراف بها لا الالتجاء إلى الإنكار الذي يمارسه المتخاذلون. فالقتل كان مؤكدا في تلك الأحداث، وسقطت أرواح وتم التمثيل بالجثث، وكل هذا موثق بالصور وبشهود الإثبات، ولا يمكن إطلاقا إبطال هذه الجرائم الفظيعة من خلال الانسحاب من المحاكمة، لأن هذا سلوك الجبناء الخائفين.