سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في رسالة ملكية بمناسبة انطلاق أشغال الدورة العادية الأولى للمجلس العلمي الأعلى ضرورة إدماج الخطاب الديني في صلب المشروع المجتمعي لتحقيق التنمية البشرية
أكد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس ضرورة إدماج الخطاب الديني في صلب المشروع المجتمعي لتحقيق التنمية البشرية المنشودة ورفع تحدياتها واستشراف المستقبل في ثقة وعزم واطمئنان. وقال جلالة الملك، في رسالة سامية وجهها إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية بمناسبة انطلاق أشغال الدورة العادية الأولى للمجلس العلمي الأعلى لسنة2009 أمس الأربعاء بالرباط، إن ذلك «يتطلب جعل الخطاب الديني الذي توجهونه، توعية وإرشادا، قائما على الاجتهاد المقاصدي المبني على جلب المصالح ودرء المفاسد ومراعاة متغيرات الواقع، في التزام بأصول الدين الإسلامي الحنيف ووسطيته وسماحته واعتداله»». وبعد أن جدد حرصه الدائم والمستمر على تعزيز الأمن الروحي بالمملكة من خلال تحصين عقيدتها وصيانة وحدتها المذهبية والذود عن ثوابتها وقيمها، قال جلالة الملك «لقد عملنا جاهدين، منذ تقلدنا الأمانة العظمى لإمارة المؤمنين، واعتلائنا عرش أسلافنا المنعمين، على الرقي بمستوى الخدمات الدينية. فتحققت بتوفيق من الله منجزات عظيمة، وأرسيت دعامات أساسية لتشييد الصرح المؤسسي الديني، وتوطيد أركانه, سواء في مجال بناء بيوت الله, أو العناية بأحوال القائمين عليها, أو توسيع مجال التوجيه والوعظ والإرشاد». ففي مجال بناء المساجد، أوضح جلالة الملك أنه تم فتح أوراش كبرى بكافة ربوع المملكة، لرفع مآذن وبيوت يغشاها عباد الرحمان، كما تم الشروع في تنفيذ برنامج استعجالي لبناء مساجد بالأحياء الهامشية بكبريات المدن المفتقرة إلى مساجد لائقة، علاوة على اعتماد معايير تعميرية جديدة، لضمان التوزيع الملائم والمنسجم للمساجد مع حاجات السكان المتزايدة. أما بالنسبة لمجال العناية بأحوال القائمين على المساجد، فذكر جلالة الملك بأنه تم منذ سنة2004 , رصد الاعتمادات الضرورية, للرفع من المكافآت الدنيا والمتوسطة لأئمة المساجد وتعزيز هذا المكسب، بتمتيعهم بالتغطية الصحية الأساسية والتكميلية، «تقديرا من جلالتنا للجهود المبرورة، التي يبذلونها بصدق وتفان ونكران ذات, في القيام بالمهام الملقاة على عاتقهم». وفي نفس السياق، ذكر جلالة الملك بإحداث برنامج لتكوين مائتين من الأئمة والمرشدات كل سنة، تكوينا علميا وشرعيا متينا, يشمل كل ما يتعلق بالتأهيل الديني والاجتماعي والثقافي. وقال إنه «تنفيذا لتعليماتنا السامية, بإحداث مؤسسة تحمل اسم جلالتنا الشريفة, للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين, سنضع قريبا طابعنا الشريف على الظهير الشريف المحدث لهذه المؤسسة، إيذانا بتفعيلها, والذي نحن عليه حريصون»». وبخصوص المجال الثالث، المتعلق بتوسيع مجال التوجيه والوعظ والإرشاد، أوضح جلالة الملك أنه نظرا للأدوار الرائدة والفعالة التي تنهض بها وسائل الاتصال الحديثة في تكوين عامة المواطنين،« فقد بادرنا بإحداث إذاعة وقناة محمد السادس للقرآن الكريم. مما كان له صدى طيب وإشعاع كبير. وقد عززناهما ببرنامج للوعظ والإرشاد والتكوين, عبر جهاز التلفاز بالمساجد، بالإضافة إلى تطوير موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على شبكة الإنترنيت، وفق آخر المستجدات في هذا الميدان». وفي هذا الصدد، نوه أمير المؤمنين بالجهود الدؤوبة التي يبذلها وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية والسيدات والسادة العلماء وأطر الوزارة، وشركاؤها من أجل حسن تفعيل الاستراتيجية المندمجة لإصلاح وتأهيل وتجديد الحقل الديني، في ظل إمارة المؤمنين، التي يجمع عليها المغاربة نظاما لهم، والإسلام السني المالكي الذي ارتضوه دينا لهم. وأكد جلالة الملك أن ما تحقق من « مكتسبات هامة في مجال تدبير الشأن الديني ببلادنا، ليعد مبعث اعتزاز. بيد أن طموحنا الكبير، وعزمنا الوطيد على تأهيله الشامل والموصول، ليستحثنا على بذل المزيد من الجهود لإحكام الخطط، وتحسين الأداء، وتحقيق أفضل النتائج، مذكرا جلالته ، في هذا الصدد، بإعلانه في خطاب27 شتنبر 2008 بتطوان، عن « تدشين مرحلة جديدة من الإصلاح الديني، بإطلاق خطة رائدة، أسميناها «ميثاق العلماء»، ليكون برنامجا نموذجيا للتوعية والتنوير والرقي بالخطاب الديني إلى مستوى تطلعات الأجيال الحاضرة، لتعميق وعيها بقيم الإسلام، بعيدا عن الغلو والتطرف». ودعا جلالة الملك، بهذا الخصوص، السيدات والسادة العلماء إلى الانطلاق في تنفيذ هذا البرنامج الطموح، بشقيه المتمثلين في تأهيل أئمة المساجد وإرشادهم إلى قواعد جامعة وموحدة، تتحقق بها الطمأنينة الروحية اللازمة، وتعزيز صيانة وظائف المسجد وحرمته، مع الارتقاء بمستوى الأئمة العلمي والعملي, حتى يضطلعوا برسالتهم على أحسن وجه؛ والانتشار كذلك في البوادي والمدن لتوعية عامة الناس وتوجيههم.