دعا الملك محمد السادس، أمس، المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى التعجيل بإصدار ميثاق العلماء، الذي كان قد سبق أن أمر بوضعه في رمضان الماضي، لدى اجتماع للمجلس في تطوان، والذي ترأسه الملك شخصيا، حيث أعطى خلاله تعليماته إلى وزارة أحمد التوفيق للعمل على إخراج الميثاق في أقرب وقت، بالتنسيق مع المجلس. وقال الملك في رسالة وجهها أمس إلى الدورة الثامنة للمجلس بالرباط، والتي حضرها نحو مائة من رؤساء وأعضاء المجلس والمجالس العلمية المحلية، إن الهدف من ميثاق العلماء هو أن يصبح «برنامجا نموذجيا للتوعية والتنوير والرقي بالخطاب الديني إلى مستوى تطلعات الأجيال الحاضرة، لتعميق وعيها بقيم الإسلام، بعيدا عن الغلو والتطرف». وأضافت الرسالة الملكية، التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية «إننا لعلى يقين من أن تطبيق ميثاق العلماء، كما تم تحديده وبرمجته وتدقيق أهدافه، يعد رافعة أساسية تنضاف إلى المشروعات الكبرى التي وضعناها لتحقيق التنمية الشاملة، التي لا تتأتى إلا بتعبئة كل الطاقات، وتسخير جميع الوسائل والإمكانات، ولاسيما منها تحفيز الوازع الديني على العمل البناء والتنافس، وإخلاص المقاصد والنوايا في خدمة الصالح العام». كما دعت الرسالة العلماء إلى الشروع في تنفيذ البرنامج بشقيه «تأهيل أئمة المساجد وإرشادهم إلى قواعد جامعة وموحدة، تتحقق بها الطمأنينة الروحية اللازمة وتعزيز صيانة وظائف المسجد وحرمته، مع الارتقاء بمستوى الأئمة العلمي والعملي، حتى يضطلعوا برسالتهم على أحسن وجه، والانتشار كذلك في البوادي والمدن لتوعية عامة الناس وتوجيههم». وطالب الملك بإدماج الخطاب الديني في صلب المشروع المجتمعي «الذي نعمل جادين على إنجازه، لتحقيق التنمية البشرية المنشودة، ورفع تحدياتها واستشراف المستقبل، في ثقة وعزم واطمئنان»، وذلك بهدف الحفاظ على الأمن الروحي للمملكة «بتحصين عقيدتها، وصيانة وحدتها المذهبية والذود عن ثوابتها وقيمها». وجاء انعقاد الدورة الثامنة للمجلس العلمي الأعلى بعد الانتهاء من تنصيب رؤساء وأعضاء المجالس العلمية الإقليمية، التي تم توسيعها لتشمل جميع الأقاليم والعمالات، في إطار سياسة القرب في المجال الديني، التي كان الملك قد دعا إليها قبل أربع سنوات، عندما تم إطلاق خطة إعادة هيكلة المجال الديني في المغرب. وقال مصدر حضر الدورة ل«المساء» إن الرسالة الملكية «انتقاد مبطن» للطريقة التي يسير بها إصلاح المجال الديني، والتعثر في إصدار ميثاق العلماء بعد قرابة سنة من بدء الحديث عنه، إذ تمت صياغته مرتين داخل أروقة الوزارة دون أن يقدر له أن يرى النور. وأضاف المتحدث أن الأحداث الأخيرة التي شهدها المغرب، مثل قطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران والتحذير من التشيع في المغرب، وظهور شبكات للتنصير، كلها مؤشرات أظهرت أن سياسة إصلاح الحقل الديني تسير بخطوات بطيئة لا تواكب الأحداث، مضيفا قوله «وزارة الأوقاف اهتمت خلال الشهور الماضية بالجانب التنظيمي والهيكلي لخطة إصلاح المجال الديني، مثل تنصيب المجالس العلمية والبحث عن رؤساء لها، وأغفلت الجانب الأهم وهو المضمون».