* العلم: باريس – أحمد الميداوي وصل الاستنفار والتوتر في الحملة الانتخابية للرئاسة الفرنسية إلى أقصى الدرجات تحت ظل سلسلة فضاىح تطال مرشحي اليمين (فرنسوا فيون ومارين لوبن) الذين يتهمون الصحافة والقضاة بالخضوع لتوجيهات من قصر الإليزيه الذي يقطنه الحزب الاشتراكي لتلويث حملتهما عبر نشر قضايا الفساد في خضم الحملة الانتخابية. وجاء الهجوم الكبير من فرانسوا فيون مرشح "الجمهوريون" الذي اتهم الرئيس فرانسوا هولاند بالوقوف وراء تسريب تفاصيل التحقيقات القضائية لوسائل الإعلام خصوصاً الصحفية الأسبوعية الساخرة "لو كنار انشينيه" وموقع "ميديا بارت" الإعلامي. ويرى اليمين وراء هذا تكالب بين القضاء والصحافة لمنعهم من الوصول إلى الحكم، وزادت خطورة الاتهامات حين كشفت مصادر بوليسية أن الصحيفتين وعدد من القضاة الذين يحققون في قضايا الفساد قد تلقوا رسائل تهديد مرفقة برصاصة. كما وصلت تهديدات إلى شخصيات تعمل في الإليزيه اضطرت معها الشرطة إلى فتح تحقيقات جنائية. فضحية سياسية جديدة تعصف بعهد فرانسوا هولاند الرئيس الاشتراكي في وقت تمر فيه فرنسا بأزمة اقتصادية خانقة. وتتمثل في كشف صحيفة "لوموند" الفرنسية عن محادثة قالت إنها جرت بين رئيس الحكومة الفرنسية السابق فرانسوا فيون في عهد نيكولا ساركوزي وبين الأمين العام للإليزيه جان بيير جوييه طالب خلالها فيون من الإليزيه الإسراع بدفع مجريات التحقيقات القضائية التي تخص منافسه السياسي نيكولا ساركوزي. وقد نفى فيون هذا الأمر وقرر رفع شكوى قضائية ضد صحيفة "لوموند"، وكذلك كان الأمر مع جوييه الذي نفى الحديث جملة وتفصيلاً ... قبل أن يتراجع ويؤكد بأن فيون طلب منه هذا الأمر وقال "نعم فرانسوا فيون انتقد بشدة خصمه نيكولا ساركوزي، خاصة فيما يتعلق بملف التعويضات المالية التي يجب أن يسترجعها حزب "الجمهوريون" كونه تجاوز سقف النفقات المالية المخصصة للحملة الانتخابية في 2012″. وجاء ذلك بعد أن أكدت "لوموند" بأنها سجلت كلام جوييه كاملا. وقد وصف فيون الواقعة بأنها بأنه "كذب" المراد منه شق صفوف اليمين. وما تحمله الصحف اليوم هي مجموعة من الأسئلة على غرار "هل حقا طلب من الرئاسة بالتعجيل بدفع مجريات التحقيقات القضائية التي تخص ساركوزي كما نشرت الصحيفة؟ وكيف سيكون رد ساركوزي وأتباعه في حال ثبت ذلك؟ وهل يستطيع هولاند الإبقاء على جوييه في مركزه المحوري في الإليزيه بعد هذا اللغط؟ وهل يريد الإليزيه فعلا زعزعة المعارضة؟ وبإمكان فيون أن ينفي الحديث المسند له وكذلك الشخص الثالث الذي حضر اللقاء إلا أن جوييه الذي غيّر شهادته مرتين هو في وضع صعب جداً إذ ثبت أن كلامه قد سجل خلال لقائه اثنين من صحفيي "لوموند". وفي مقابلة مع جريدة "لوجورنال دو ديمانش" الأسبوعية قال فيون "هل من أحد يستطيع أن يتخيل أنني ذهبت إلى مطعم قرب الإليزيه برفقة الأمين العام للرئاسة الفرنسية ونائب رئيس ديواني السابق لكي أتحدث عن المشاكل القضائية التي يعاني منها حزبي؟ تلك مجرد أكاذيب ودعايات والقضاء سيكشف عن الحقيقة قريبا". وأضاف أن وجبة الغداء التي جمعته مع الأمين العام لقصر الإليزيه كانت تدخل في إطار الصداقة التي تربط بين الرجلين موضحا :"أنا مرشح لخوض الانتخابات التمهيدية في 2017. لقد تصرفت دائما بشكل محترم طيلة ثلاثين سنة من العمل السياسي. كنت ولا زلت أحترم منافسي السياسيين، لا سيما أولئك الذين ينتمون إلى الحزب الذي أنا منتمي إليه. وهذا الهجوم العنيف هو محاولة جديدة لزعزعتي". وفي ظل فضائح الفساد المالي التي تطال مرشحي اليمين تؤكد معظم المؤشرات أن فرنسا متجهة نحو نهائي لم يتوقعه أحد بين زعيمة اليمين المتطرف ارينن لوبان ووزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في السابع من مايو المقبل، وذلك بعد تراجع شعبية فرانسوا فيون الغارق في فضائح مع القضاء. وينتصب ماكرون اليوم في طليعة الشخصيات السياسية المحبوبة لدى الفرنسيين، حسب آخر استطلاع للرأي، أمام الاشتراكي المتشدد جان لوك ميلانشون وممثل اليمين التقليدي في الانتخابات الرئاسية فرانسوا فيون. وتبدو حياته شبيهة بألبوم صور متعدد الألوان، بدأها بمسار تعليمي ناجح في أبرز المدراس والمعاهد الفرنسية وهو معهد "هنري 4" بباريس ثم معهد العلوم السياسية والمدرسة العليا للإدارة بمدينة ستراسبورغ إضافة إلى مؤسسات تربوية عريقة أخرى. الطريق إلى الإلليزيه.. رسائل تهديد إلى الصحافة والقضاة