العيون والسمارة وبوجدور تخلد معركة الدشيرة وجلاء الاستعمار في أجواء خاصة العلم: العيون – عبد الناصر الكواي على امتداد أيام 28 فبراير الماضي، وفاتح وثاني مارس الجاري، خلقت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الحدث بامتياز في أقاليمنا الجنوبية، وبالتحديد في مدن العيونوالسمارة وبوجدور، حيث خلدت الذكرى التاسعة والخمسين لمعركة الدشيرة، والحادية والأربعين لجلاء آخر جندي أجنبي عن هذه الربوع في أجواء خاصة، تميزت بأنشطة مكثفة ومتنوعة، ربطت الحاضر بالماضي وأحيت صلة الرحم مع مجاهدي هذه الأقاليم، الذين جددوا التعبير عن استماتتهم في الدفاع عن وحدة الوطن، والتعلق بأهداب العرش العلوي الذي تجمعهم به روابط البيعة كابرا عن كابر. العيون المجاهدة.. وكانت بداية النشاط المكثف من مدينة العيون المجاهدة، التي استقبل كبار مسؤوليها المدنيين والعسكريين ومجاهديها، وفد المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بالحفاوة والترحاب المعتاد في أهل الجنوب، يوم الثلاثاء المنقضي. وتوجه الموكب إلى بلدة الدشيرة حيث تم الترحم في أجواء مهيبة على أرواح شهداء الاستقلال والوحدة الترابية، والدعاء الصالح من طرف شيخ المدينة للشهداء وعلى رأسهم الملكان المجاهدان، محمد الخامس والحسن الثاني، ولأمير المؤمنين وولي عهده وسائر أسرته والشعب المغربي. بعد ذلك، توجه الموكب إلى زيارة الحملة الطبية المنظمة بتنسيق بين النيابة الجهوية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالعيون، والجمعية المغربية للتداوي والتوعية الصحية في تخصص الالتهاب الكبدي الفيروسي، التي أشرف خلالها المنظمون على عملية توزيع نظارات طبية على المستفيدين من الحملة الطبية المنظمة يوم السبت 11 فبراير 2017، حيث استفاد من مجمل هذه الأنشطة التضامنية، أزيد من مائة شخص من أسرة المقاومة وجيش التحرير. ذكرى طافحة بالعبر.. ذكرى طافحة بالعبر، هكذا وصف المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، هذه المناسبة التي تحييها أقاليمنا الجنوبية، في كلمة خلال مهرجان خطابي حاشد بمدينة العيون، ألقاها بالنيابة عنه، ياسين حمزة، مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية، الذي عبر عن عميق إحساسه بالفخر والاعتزاز لتمثيله المندوبَ السامي في هذه الزيارة التاريخية الهامة، مضيفا أن هذا الحدث التاريخي يجسد جسيمَ التضحيات وجليلَ الأعمال، التي قام بها أبناء هذه الربوع المجاهدة دفاعا عن استقلال الوطن وصيانة مقدساته وثوابته واستكمال وحدته الترابية. وقال حمزة، إنه وفاء لروابط البيعة التي جمعت ساكنة وقبائل مدينة العيون بالدوحة العلوية الشريفة، واستجابة لنداء الوطن، خاض مجاهدو هذه المنطقة معارك بطولية ضد الاستعمار الغاشم، وواجهة الأطماع الأجنبية، مقدمين الغالي والنفيس في سبيل تحرير الثغور المغتصبة من الوطن من براثن الاحتلال البغيض. وأشار إلى تواصل مسلسل الكفاح البطولي الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد، وزعامة بطل الحرية والاستقلال المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في درب الكفاح واستكمال الوحدة الترابية، الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، والتي كللت بالمسيرة الخضراء المظفرة. هذا الحدث الذي أجمل المراقبون على كونه استثنائيا وجيليا في التاريخ الحديث، يقول نفس المدير، مكن المغرب بشكل سلمي من استرجاع أراضيه وجلاء آخر جندي إسباني يوم 28 فبراير 1976، وجمع بين أبناء الوطن الواحد الموحد، والإعلان عن انتهاء عهد الحجر والحماية وبداية البناء والرخاء والنماء بهذه الربوع العزيزة من الوطن. مشددا على كون أبناء أقاليمنا الجنوبية، الذين ناضلوا من أجل تحرير أراضيهم مازالوا وراء جلالة الملك محمد السادس مجندين، وبأهداب العرش العلوي المجيد متمسكين في مواصلة لبناء صرح التنمية الشاملة. وأجمعت الكلمات التي ألقاها كل من أسرة المقاومة وجيش التحرير بالجهة، وبإقليم العيون، على أن الذكرى تمثل استحضارا لمحطات تاريخية نضالية متميزة من محطات الالتحام بين العرش الشعب، وتحقيق الوحدة الترابية، والاعتزاز بمعركة الدشيرة التي تعد واسطة عقد ملاحم جهاد ساكنة الجنوب، التي تمثل قيم الشجاعة والإباء من هذه المنطقة المجاهدة، وتؤكد على نضالات أبناء هذه الربوع في سبيل الله والوطن والملك، حيث بادر أبناء الصحراء بالانخراط في المنظمات الفدائية والعمل على رجوع السلطان وتجديد البيعة. وفي نهاية المهرجان، تمت تلاوة برقية ولاء مرفوعة إلى الملك محمد السادس، واختتام الأنشطة بالدعاء الترحم على أرواح الاستقلال والوحدة الوطنية، والدعاء الصالح لصاحب الجلالة. المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تخلق الحدث بأقاليمنا الجنوبية مساعدات وتكريمات.. وفي مساء نفس اليوم، احتضن فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بحي العودة بحاضرة العيون، لقاء تواصليا تخللته عملية تسليم شهادة تقدير وعرفان ممنوحة من الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب، للمقاوم المرحوم الوالي بابيت، وتكريم صفوة من المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى جانب توزيع إعانات مالية وإسعافات على المستفيدين من أسرة المقاومة وجيش التحرير بمبلغ مليون و138 ألف درهم. في هذا السياق، كشف يوسف حسن، رئيس قسم الشؤون الاجتماعية بالمندوبية، أن تجديد التغطية الصحية لفائدة أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير لمدة 10 سنوات، وإطلاق مشروع التحمل المباشر في جميع مستشفيات المملكة العمومية لفائدة هؤلاء، وتنظيم دورات تكوينية للأطر الطبية وشبه الطبية من مؤطري وزارة الصحة من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في التعامل مع المستفيدين من أسرة المقاومة وذويهم. وفي يوم الأربعاء المنصرم، شد وفد المندوبية الرحال جوا إلى مدينة السمارة، حيث ألفى في استقباله سامي مسؤوليها المدنيين والعسكريين والمجتمع المدني، وانتقل الموكب إلى قاعة الاجتماعات بعمالة الإقليم، التي احتضنت مهرجانا خطابيا كبيرا تخللته كلمات باسم المنتخبين ألقاها رئيس المجلس الإقليمي للسمارة، وكلمة المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي ركز خلالها ممثله، على أن معركة الدشيرة تعتبر محطة تاريخية كبرى في مسار البناء الوطني من أجل استكمال الوحدة الترابية، واسترجاع أقاليمنا الصحراوية الجنوبية المغتصبة، إلى جانب الذكرى الحادية والأربعين لإجلاء آخر جندي أجنبي عن أقاليمنا الجنوبية بكل ما تحمله من دلالات وعبر وتمثله من تضحيات جسام. وأكد نفس المتحدث، على أن هذه المحطات مثلت صفحة مشرقة في سجل الذكريات النضال الوطني في مكافحة الاستعمار، وخلدت صور الشجاعة والشهامة والمروءة التي برهن عليها أبناء الصحراء المغربية، والتي تكللت بهزيمة كبرى لقوات الاحتلال الأجنبي المجهز بأحدث المعدات والوسائل والعتاد الحربي، مذكرا أن تخليد هذه الذكرى يستوجب استحضار ما يزخر به تاريخ المقاومة الوطنية من مظاهر الوحدة والتلاحم بين المغاربة من أقصى تخوم الصحراء إلى أقصى ربوع الشمال في مواجهة الاستعمار الأجنبي. كما ذكر بوقوف الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد في مواجهة الأطماع الاستعمارية ومخططات التقسيم. نفس المنحى ذهبت فيه كلمتان، تلتا كلمة المندوب السامي باسم المقاومة وجيش التحرير بالإقليم، واسم المرأة. تلا ذلك، تكريم لفيف من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالمنطقة، وتوزيع إعانات مالية على المستفيدين منهم، وتسليم شهادة الشكر المسلمة من الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب للمقاوم الإسماعيلي مولاي سلمى. أعقبتها تلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى الملك محمد السادس، فاختتام الحفل بالترحم على أرواح الشهداء والدعاء لأمير المؤمنين. المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تخلق الحدث بأقاليمنا الجنوبية بوجدور يوم الذكرى وفي بوجدور لم تكن الأجواء مختلفة، حيث كان الترحاب والفرحة يعمان المكان لدى حلول وفد المقاومة بهذه الربوع لإحياء الذكرى الوطنية. إذ انتقل الموكب إلى مقبرة الشهداء بالمدينة للترحم على أرواحهم في أجواء روحانية. بعدها التألم الجمع في قاعة الاجتماعات الكبرى بعمالة الإقليم، التي احتضنت مهرجانا خطابيا كبيرا بالمناسبة، قال خلاله ممثل المجلس الإقليمي لبوجدور، إن أسرة المقاومة تتشرف في هذا اليوم الأعز وهي تخلد أغلى ذكرياتها وتسترجع أمجادها وبطولاتها، وتقدم خالص عبارات الشكر لكل من شاركها في هذا الحفل البهيج الذي يعبر عن الوفاء والعرفان لما قدمته من تضحيات جسام في سبيل عزة هذا الوطن، خاصا بالذكر ممثل المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في شخص ممثله مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية، وعامل الإقليم. من جهته، قال المندوب السامي للمقاومين وأعضاء جيش التحرير، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه، مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية، إن هذه المناسبة تخلد ما قدمه سكان الأقاليم الجنوبية من جليل التضحيات دفاعا عن حدود الوطن واستقلاله وثوابته، واستكمال وحدته الترابية، وذلك في وفاء لروابط البيعة التي جمعة ساكنة بوجدور بالعرش العلوي المجدي، واستجابة لنداء الوطن، خاضت هذه المناطق معارك كبيرة فداء للوطن في وجه الاستعمار، حتى حررت أراضيها من المستعمر الغاشم، مشددا على استمرار هذا المسلسل بالنضالي باستكمال الوحدة الترابية مكللا بالمسيرة الخضراء المظفرة التي اعتبرها المراقبون حدثا جيليا مميزا. وأعقبت كلمة المندوب السامي، كلمة باسم أسرة المقاومة وجيش التحرير بإقليم بوجدور، وتسليم بطاقة العضوية في الاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب لعبد السلام براش، النائب الإقليمي السابق ببوجدور. ثم عملية توزيع إعانات مالية على المستفيدين من أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير بالمنطقة، تمت بعدها تلاوة البرقية المرفوعة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والدعاء الصالح لجلالته. وفي عشية نفس اليوم، وبعد زيارة فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة ببوجدور، تم عرض فيلم وثائقي حول المقاومة بعنوان "أم الشكاك" من إعداد عبد الوهاب سيبويه. الفيلم لمخرجه الشاب، أحمد بوشلكة، يؤرخ لاجتماع تاريخي هام في منطقة أم الشكاك بين العيونوالسمارة، والذي حجت إلى تمثيليات من أعليان وشيوخ قبائل الصحراء، تباحثت فيه مجموعة من النقاط أهمها التوجه إلى الرباط لتجديد البيعة للملك الراحل محمد الخامس، الذي استقبل موفدي المؤتمر استقبال الأبطال، وأوصاهم بالجهاد والدفاع عن حوزة أراضيهم. المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تخلق الحدث بأقاليمنا الجنوبية