جميل أن تعرف جل شوارع المدن وجودا لرجال يرتدون أزياء نظامية مختلفة تجعل المواطنين يتجولون وهم يحسون بالأمن والطمأنينة نظير رجال الأمن والقوات المساعدة والجيش ، لكن عندما تكتشف أن شخصا يرتدي الزي النظامي التابع للقوات المسلحة الملكية برتبة نقيب وهو في الواقع ينتحل هذه الصفة فإنك لا محالة ستصاب بنوع من الاستغراب . فمنذ أن كان سعيد شابا يافعا وهو يحلم أن يحضى بشرف الدخول في سلك الجندية وهو ما دفعه إلى تقديم ملفه من أجل أداء الخدمة العسكرية طواعية رغم تهرب غالبية الشباب من أداء خدمة التجنيد الإجباري ، وبالفعل وبعد قضاء سنين من الخدمة العسكرية داخل ثكنات القوات المسلحة الملكية تم تسريحه واعتبر كجندي احتياطي ، لكن ذلك لم يرق لسعيد الذي حاول مرارا وتكرارا من خلال تدخلات العودة إلى صفوف الجيش وهو ما لم يتأت له فأحس بالغبن جراء عدم تحقيق مبتغاه . بداية انتحال صفة ينظمها القانون كم كان يحز في نفس سعيد عندما يرى أحد معارفه يرتدي الزي النظامي للجيش ، ما دفعه إلى التفكير في طريقة لارتداء هذا اللباس الجذاب بالنسبة له فاتخذ قراره النهائي بالحصول على بزة عسكرية وارتدائها والتظاهر بأنه جندي ، ومما سهل عليه العملية هو معرفته الدقيقة بجميع حيثيات الجندية بداية من الرتب العسكرية إلى غاية أدق تفاصيل طريقة سير دواليب المؤسسة وسبب إلمامه بهذا هو الخدمة التي قضاها بين صفوف مصالح الجيش . وخلال بداية صيف هذه السنة بينما كان أحد الجنود يدعى أحمد يتجول بالمحطة الطرقية التقى به ضابط برتبة نقيب وهو يرتدي الزي العسكري فتبادلا أطراف الحديث ، حيث أخبر الضابط الجندي بأنه نقيب في الجيش وهو ما جعل الجندي يحترمه بما يقتضيه الانضباط العسكري كما أسر له بأنه حضر إلى هذه المدينة من أجل قضاء بعض أغراضه والعودة بعد ذلك إلى مقر عمله بإحدى المدن المغربية وهو ما دفع الجندي يدعوه إلى منزله قصد إكرام الضيف بما تيسر من مأكل ومبيت حيث وافق الضابط على الفور ، وبعد وصولهما إلى منزل الجندي أحمد أكد له النقيب على أن محفظة نقوده ووثائقه الإدارية قد ضاعت منه في ظروف غامضة . شكوك الجندي وسقوط الضابط المحتال في يد العدالة بعدما قدم الجندي أحمد ما يلزم من كرم الضيافة لضابط الجيش سعيد، نصحه بالتوجه إلى مركز الدرك الملكي بقصبة تادلة من أجل التبليغ عن واقعة ضياع وثائقه الإدارية ، وهو ما جعل الضابط يتردد بشكل أثار شكوك الجندي الذي طلب منه التجول بالمدينة ريثما يحل وقت تناول الطعام وهو ما أقدم عليه الاثنين لكن عندما اقترب الجندي من مركز الدرك الملكي دعا بإصرار الضابط للاستفسار على كيفية إجراء تبليغ عن ضياع وثائق دون أن يترك له الوقت للتراجع حيث أدخل الجندي أحمد الضابط للمركز مبلغا رجال الدرك عن واقعة فقدان النقيب (سعيد) لوثائقه الإدارية . استفسر بعد ذلك رجال الدرك الضابط العسكري عن مقر عمله وعن بعض ما تتطلبه إجراءات التبليغ بخصوص ضياع وثائقه ، فبدأ هذا الأخير يتلعثم في الكلام ودون أن يعطي إجابات مقنعة وهو ما جعل رجال الدرك الملكي يشكون في أمره مما دفعهم إلى التحقيق معه بشكل حازم ليتبين لهم أن الأمر يتعلق بشخص ينتحل صفة ضابط في الجيش برتبة نقيب وأن له سوابق عدلية قضى على إثرها عقوبات حبسية تراوحت بين شهرين وسنة بتهم انتحال صفة ينظمها القانون وارتداء زي رسمي دون سند قانوني والنصب والاحتيال ، ليعترف النقيب المزيف سعيد بعد ذلك بالمنسوب إليه وأنه لن يتخلى أبدا عن ارتداء الزي العسكري مهما كانت العقوبات الزجرية التي تنتظره ليتم بعد ذلك تحرير محضر في النازلة وتقديمه للمحكمة الابتدائية بقصبة تادلة بتهمة انتحال صفة ينظمها القانون وارتداء زي رسمي دون سند قانوني والتي قضت في حقه بسنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 2000 درهم . قصبة تادلة : صالح محسوني