: باريس – أحمد الميداوي "قراءة في النص القرآني مع محمد أركون"، هو عنوان الأمسية التكريمية التي نظمها معهد العالم العربي بباريس للمفكر الراحل محمد أركون في إطار أنشطة "خميس المعهد" الثقافي الأسبوعي، حيث تطرق المشاركون إلى المقاربات التي طرحها المفكر الجزائري لإعادة دراسة النص القرآني وقراءته قراءة تجديدية. وتأتي هذه الأمسية الفكرية في إطار الدراسات حول النسخة الثالثة لكتاب محمد أركون الذي حمل عنوان "قراءات في القرآن"، والصادر عن دار النشر الباريسية "ألبان ميشال" في أبريل من عام 2016 بعد نفاد نسخ الطبعتين السابقتين (1982 – باريس، و1991- تونس). ويعود الفضل الكبير في هذا الإنجاز إلى أرملة المفكر محمد أركون، المغربية ثريا اليعقوبي أركون، التي أضافت فصولا أربعة جديدة للكتاب حيث كان الراحل قد كرس السنوات الأخيرة من حياته لإغنائه وإدخال تعديلات عليه حتى تكون الطبعة الجديدة بمثابة الخيط الناظم لأعمال المفكر العربي محمد أركون. وقد استهلت الأمسية، التي أدارها الفيلسوف والناشر الفرنسي فرانسوا ليفوني، بعرض مقاطع حوارية تحدث فيها المفكر الراحل من خلال برنامج أسبوعي خاص بالإسلام على القناة الثانية الفرنسية. وقد بدا أركون حاضرا يتحدث للجمهور بصراحته ونفاذ بصيرته وعمق تحليله الذي تميز به، خاصة وقد عرف بحرصه في كل حواراته المتلفزة على إيصال أفكاره ببساطة وأناقة إلى الجمهور غير المتخصص. وشارك في أمسية التكريم، التي حضرها جمع كبير من المثقفين وأصدقاء الراحل، الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران، والأكاديمي مهدي عزايز، المتخصص في الدارسات القرآنية في الإسلام المبكر وأستاذ بكلية اللاهوت والدراسات الدينية بجامعة لوفن في بلجيكا، وجان موتابا، المسئول عن سلسلة "روحانيات" في دار نشر "ألبان ميشيل". وقد دعت الباحث المغربي خالد الشرقاوي، أستاذ الحضارة الإسلامية في جامعة السربون 2 الباريسية، في مداخلته إلى "تعميم مشروع محمد أركون وفكره، الذي يدعو إلى تجديد الفكر العربي الإسلامي وإحداث ثورة فكرية أخلاقية تنطلق من تحرير العقل والوعي الجماعي وإعطائهما مكانة جديدة في مجتمعاتنا لمحاربة الفكر الأصولي وكل أشكال التعصب". أما الباحث الأكاديمي بيار لوري، مدير كرسي الدراسات الإسلامية في كلية العلوم الدينية بباريس، فقد أشار إلى الصرامة العلمية والدقة والانضباط التي تميز بهم أستاذُه ومشرفُه محمد اركون، كما أشار إلى حرص أركون على حث طلابه على انتهاج البحث العلمي الرصين في مسارهم الفكري. وفي ختام الملتقى ألقت أرملة المفكر كلمةً شكرت فيها معهد العالم العربي في باريس على احتضانه تلك الأمسية التكريمية، مشيرة إلى الجهود التي تبذلها "مؤسسة محمد أركون للسلام بين الثقافات" التي أنشأتها لإبقاء شخصية الراحل وفكره حاضرين على موقع هذه المؤسسة التي تنشر نصوصه وحواراته الحية التي أجراها خلال مسيرته الفكرية الحافلة. كما تحدثت عن الجائزة التي تقدمها المؤسسة كل سنتين لباحثين في الفكر الإسلامي، والتي فاز في دورتها الثانية الباحث الجزائري الدكتور فارح مسرحي تقديراً لعمله حول "الأنسنة أفقا للتعايش الآمن". وفي دردشة قصيرة مع الصحافة، أفادت السيدة ثريا اليعقوبي أن الطبعة الثالثة لكتاب "قراءات في القرآن" سوف تترجم إلى الإنجليزية بعد ترجمتها إلى اللغة العربية على يد المترجم هاشم صالح الذي ترجمة معظم أعمال أركون من قبل. وسيصدر الكتاب في طبعته العربية عن دار الساقي في لندن. وقالت إنه تم الاتفاق بين داري النشر "ألبان ميشال" الفرنسية و"لاكروازي دي شومان" المغربية لإعادة نشر هذه الطبعة في المغرب بأسعار تكون في متناول القارئ المغربي هذا، بالإضافة إلى تعاون جزائري تونسي لنشر الكتاب ذاته وبنفس المواصفات مع دار البرزخ الجزائرية للنشر. وتحرص "مؤسسة محمد أركون للسلام بين الثقافات" على إعادة نشر كتب المفكر الراحل في بلدان عربية عديدة وبأسعار مقبولة حتى يتمكن أكبر قدر من المهتمين من الاطلاع على المشروع الأركوني الجريء والتجديدي لاستلهامه والتحاور معه بانتظام. أمسية تكريمية للمفكر الراحل محمد أركون بمعهد العالم العربي بباريس