أعادت دراستان طبيتان الجدل بين العلماء بشأن فائدة فحوص الاكتشاف المبكر لسرطان البروستات ودورها في خفض الوفيات الناجمة عنه. وقد نشرت مؤخرا نتائج الدراستين اللتين تقللان من قيمة الفحوص الاستقصائية وتظهران أنه لا أثر لها في خفض وفيات سرطان البروستات، رغم أن هذه النتائج لا ترقى إلى مستوى اليقين الحاسم. وأثارت الدراستان -إحداهما أميركية والأخرى أوروبية- تساؤلات لا إجابات قاطعة حولها بعد، إزاء ما إذا كانت الجوانب السلبية لعلاج السرطانات المكتشفة تفوق فوائدها. وشارك في الدراسة الأميركية 77 ألف رجل، ولم يجد الباحثون انخفاضا بوفيات سرطان البروستات بعد متابعة جميع المشاركين لمدة سبع سنوات، وتمت متابعة ثلثيهم لعشر سنوات. أما الدراسة الأوروبية فشارك فيها 182 ألف رجل، ووجدت انخفاضا متواضعا بوفيات سرطان البروستات بعد متابعة استمرت تسع سنوات، وقد انخفضت الوفيات بسبع حالات لكل عشرة آلاف رجل ممن أجريت لهم فحوص جماعية، مقارنة بنظراء لم تجر لهم. وتشير الدراسة الأوروبية إلى أن خمسين حالة سرطان بروستات اكتشفت في برنامج فحص جماعي كانت تحتاج علاجا للحيلولة دون حدوث حالة وفاة واحدة. وكانت دراسة أخرى ظهرت منذ أسبوع أشارت أيضا إلى عدم جدوى الاكتشاف المبكر لسرطان المبيض، فقد قارن باحثون بمركز ديوك للسرطان بين مستويات التعبير المرتفعة والمنخفضة للمورثات (الجينات) في 166 سرطان مبيض، أي الصورة الوراثية. وصنفت السرطانات وفقا لأقل فترة بقاء للمريضة إلى سبع سنوات وأكثر، أو أقل من ثلاث سنوات، وبين أربعين سرطانا اكتشفت مبكرا، تبين أن 39 لها صورة وراثية تنبئ بفترة بقاء طويلة، وأن الأورام بطيئة النمو تستغرق وقتا أطول بالمرحلة المبكرة، ويرجح اكتشافها قبل الانتشار. الدراستان تقللان من قيمة الفحوص الاستقصائية وتظهران أنه لا أثر لها في خفض وفيات سرطان البروستات، رغم أن هذه النتائج لا ترقى إلى مستوى اليقين الحاسم وبينت الدراسة أن الاكتشاف المبكر للورم يتوقف على بطئه وقلة خطورته، ما يثير تساؤلا كبيرا بشأن قيمة الاكتشاف "المبكر" لأورام بطيئة وغير ملحة الخطورة. وكانت دراسة عن سرطان الثدي نشرت في نوفمبر 2008 قد وجدت أن ربع سرطانات الثدي المكتشفة مبكرا بالماموغرام تختفي تلقائيا، ويحدث ذلك أحيانا لبعض سرطانات الجلد والكلى والدماغ. والمعلوم أن أداة الفحص الأولية هي اختبار دم لاكتشاف بروتين ترتفع مستوياته بوجود السرطان، لكنها ترتفع لأسباب أخرى أيضا. لذلك لا بد من استخراج عينة من نسيج البروستات للتحقق من وجود الورم. ويرى المدافعون عن جدوى الفحص المبكر، كالجمعية الأميركية لطب المسالك البولية، أنه يستطيع استكشاف الأورام في مرحلة مبكرة حيث يمكن علاجها بفاعلية. أما المشككون في جدوى الفحص فيقولون إن الكثير، إن لم يكن معظم أورام البروستات تنمو ببطء حتى إنها لا تسبب أعراضا خلال حياة المريض.